[frame="2 10"]كلنا والحمد لله نتوق إلى الأحوال العالية، ونطمع في الأنفاس الصافية، ونرغب في أن يشملنا الله عز وجل بأنواره الباقية. فكل واحد فينا سمع عن الصالحين، وعن أحوالهم، وعن اكـرام الله عز وجل لهم، وعن العطايا التي تتنزل من الله لهم في قلوبهم، وعن الإكرامات التي تشملهم بها العناية الربَّانية في كل أطوارهم وأحوالهم؛ حتى قال الله عز وجل في شأنهم: {لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ} الزمر34
فما يريدونه يعطيه لهم الله. ولم يقل الله: لهم ما يطلبون، ولا ما يسألون، ولا ما يدعون ولكن: {مَّا يَشَاءُونَ}؛ يعني بمجرد أن يخطر الأمر على البال فإن الله عز وجل يلبِّيه لهم في الحال، ولو بغير سؤال، ولا ينتظر حتى يطلبوا ويسألوا ويلحوا لماذا؟، لأنهم وجهاء عند الله ، ولهم منزلة كريمة ، ودرجة عظيمة عند الله.
إذا كان من يعاديهم؛ يعلن الله عليه الحرب. فماذا تريد بعد ذلك؟ {مَنْ عَادَى? لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ}{1} يعني: أعلنت عليه الحرب، فهل يجعل الله الواحد منهم يسأل؟ أو يطلب؟، لا والله أبداً، بل الأمر كما يقول سيدنا الإمام علي رضى الله عنه عندما سألوه، كيف حالك مع الله؟، قال: عبدٌ. إذا سألتُ أُجبْتُ وإذا طلبتُ أُعْطيتُ وإذا سكتُّ افتتحني بالكلام. لأنه بينه وبين الله مواصلة.
المختصر المفيد النافع لكل مريد سالك، أو يريد أن يكون عارفاً أو فرداً أو وارثاً أو قطباً، في دائرة النبي الفريد صلى الله عليه وسلم ما هو يا إخواني؟، هذا ما نريد أن نأخذه من بعضنا اليوم، ونشدِّد عليه ونعض عليه بالنواجذ.
كلنا نبني مباني: ولكي يبني الواحد منا بيتاً، لو اشتدت الريح لا تهدمه، ولو حدثت زلازل لا تدكه، ولو جاءت الأهواء والأهوال لا تغيره، ماذا يعمل؟، يُحكِمْ الأساس. إذا كان الأساس قوياً وسليماً؟ فبدلاً من أن يبني دوراً أو دورين؛ يبني كما يريد، يبني ناطحة سحاب. يمر السحاب بها، وينطح فيها ولا يؤثر فيها.
ولكن عندما تخاف من بعض المياه التي تنزل من الحنفية؟، فذلك لأن المباني ليس لها أساس قوي، لكن الثانية: السحاب ينطح فيها في الذهاب والعودة، وينزل الماء ولا يؤثر فيها، ويمكن لو ضربت بالقنبلة الذرية لن تؤثر فيها. لماذا؟، لأنهم أحكموا الأساس
فالمريد الذي يبغي أن يكون من الخواص، عليه أن يبني بيتـاً لله مثلما يبني بيتاً للجسم.يسكن ويرتاح فيه. كيف يبني هذا البيت؟، على تقوى الله: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} التوبة108
هذا البيت إذا أسَّسه على التقوى؛ ستزوره الأرواح العالية والملائكة والمقربون والصالحون والنبيُّون والمرسلون، وستتنزل فيه أنوار ربِّ العالمين، في كل وقت وحين. من الذي قال هذا الكلام؟ ربُّ العالمين: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، من الذي سيزورهم؟ ومن الذي سيودُّهم؟، {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}، هل سيرونهم من بعيد؟، سيجالسونهم ويؤنسونهم ويحدثونهم، ويكون بينهم مودَّة وأنس: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}، هل الزيارة ربع ساعة؟ أو نصف ساعة، وفقط؟، لا. فنحن معكم على الدوام: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فصلت30 31
كيف يصلون؟ بتقوى الله
{1} عن أَبِي هُرَيْرَةَ فى جامع الأحاديث و المراسيل
[/frame]