كيف تلتهم كتاباً؟!
قال لي أحد الأصدقاء: إن الصفحة الواحدة من الكتابتأخذ مني نصف ساعة!، وطبعاً لا يعني هذا الكلام نصف ساعة على وجه الدقة، بل هيمبالغة مقبولة في زمن المبالغات الغير معقولة، وهو يقصد أن قراءة صفحة من أي كتابتأخذ من وقته الشيء الكثير، وهذا ما يسبب الضجر والملل للقارئ، والذي بدوره يجعلهيبتعد عن القراءة الجادة وربما يبتعد حتى عن قراءة الصحف اليومية، وهذه مشكلة، إذأن القراءة أساس من أسس الثقافة والعلم ولا غنى عنها لكل إنسان يريد النجاحوالتفوق.
وهذه المشكلة التي يعاني منها صديقي العزيز، تتكرر لدى الكثير منالناس بكل تأكيد، فهم راغبون في القراءة لكنهم لا يعلمون كيف يقرءون، والحل يا سادةيكمن في عدة طرق إن جمعتها فستكون بإذن الله العلاج الناجع لمرض أقضالمضاجع!
اعلم أخي الكريم بأن طرق القراءة تختلف باختلاف المواد التيتقرأها، فالمقالة تقرأ بأسلوب، والكتاب له أسلوب، والأخبار والتحقيقات لها أسلوبمختلف، لذلك لا يصح أن تقرأ جميع أنواع المواد بطريقة واحدة، فتبدأ من أول كلمةوتنطلق نحو آخر كلمة بخطى بطيئة متثاقلة، فتتوقف في منتصف الطريق وربما قبل ذلكضجراً ومللاً. فما الحل؟
أولاً: لا تقرأ الفقرات والجمل كلمة كلمة، بل اشملبنظرك ثلاث كلمات وأكثر إن استطعت، ولا ترجع لقراءة كلمة سابقة، بل امضي ولا تخشىفوات كلمة أو معنى، واعلم أنك ستعاني في أول الأمر من الضيق نتيجة قلة الفهم، لكنهشعور مؤقت سيزول مع تعودك على هذا الأسلوب، وقم بزيادة سرعتك أكثر كلما استطعت ذلك،وتمرن على الصحف اليومية وستجد النتيجة بإذن الله خلال أيام.
ثانياً: عندقراءتك للمقالات والتحقيقات والأخبار الصحفية، اقرأ أول فقرتين ثم آخر فقرتين وفيأكثر الأحيان يكون هذا كافياً لفهم موضوع المقالة، وإن أردت أن تفهم التفاصيل فأكملقراءة المقال كاملاً، وإلا لا تضيع وقتك في قراءة ما لا ترغب فيه، وقد يكفي أن تقرأالعناوين فقط لكي تحدد إذا ما كنت ترغب في قراءة المقال أو الخبر أملا.
ثالثاً: عندما تشتري أو تستعير كتاباً لا تستعجل الشراء حتى تقرأ اسمالكتاب والعناوين الفرعية له إن وجدت، ثم اقرأ الفهرس، وانتقي بعض الصفحات واقرأهابسرعة حتى تأخذ فكرة سريعة عن الكتاب، ثم عند قراءتك للكتاب اقرأه مرتين، الأولىقراءة سريعة قد تأخذ منك من خمس إلى عشر دقائق، قلب فيها صفحات الكتاب بسرعةمتأملاً في العناوين وبعض الكلمات المتفرقة، ثم اقرأه قراءة متأنية وفي نفس الوقتسريعة، بحيث تستطيع قراءة الكتب الكبيرة ذات الثلاثمائة صفحة في يوم أويومين.
رابعاً: اقرأ بتعمق، وهذه النصيحة قلما تطبق، كيف تركز في القراءة؟يكون هذا بإزالة كل ما يشتت ذهنك، فليس من المعقول أن تقرأ في بيئة يرتفع فيهاالضجيج والإزعاج، أو ينتشر فيها الفوضى وعدم الترتيب، وكذلك يجب أن تركز ذهنياً فيالقراءة وتزيل من ذهنك كل ما ليس له علاقة بالقراءة، ولا تقرأ أثناء وبعد التهامكللطعام! إذ أن العقل يكسل وربما تنعس فلا تستطيع فهم ما تقرأ.
خامساً: تدرجفي قراءتك، فلا تبدأ بالكتب الكبيرة والمعقدة لغوياً، ابدأ بالقصص القصيرة والطرائفوالكتيبات الصغيرة، ثم ارتقي بنفسك إلى الروايات الطويلة والكتب المتوسطة الحجم، ثمبعد ذلك انتقل لكتب الكبيرة أو ذات المواضيع الصعبة، ولا تنقطع عن القراءة، لأنهاتسبب خمولاً قد يعيدك إلى ما كنت عليه قبل القراءة، وهذا ما حدث معي، وتذكر أنالقراءة رياضة العقل.
سادساً: استمر في تطبيق هذه الاقتراحات لأنها نصائح مجربةوبديهية حتى تصل إلى مرحلة أسميها مرحلة جنون القراءة! وهي أن تمسك الكتاب فلاتتركه حتى تلتهمه التهاماً كاملاً فتقرأه من أول كلمة إلى آخره بلا ملل ولا ضجر،بفهم عميق واستيعاب أوسع.
أخيراً: قد يقول قائل: قد تكرر طرح هذا الموضوعكثيراً حتى مللنا منه، وأقول: لولا أهمية القراءة لما كررت الكتابة عنها، ولنتذكرهذه الجملة التي تزين شعار معرض أبوظبي للكتاب وستفهمون لماذا أكرر طرح هذا الموضوع "أمة تقرأ أمة ترقى"
إعدادعبدالله المهيري