وكتب
بندر بن عتيق المطيري
" بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وبعد
يثبت هلال رمضان بالرؤية عند جميع أهل العلم ؛لقول النبي صلى الله وعليه وسلم "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " وفي اللفظ الآخر : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين " وفي اللفظ الآخر :"فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً "
والمقصود أنه يصام بالرؤية ويفطر بالرؤية ، فإن لم ير وجب إكمال شعبان ثلاثين ثم يصومون ،ويجب إكمال رمضان ثلاثين ثم يفطرون ، إذا لم تحصل الرؤية ،أما إذا ثبتت الرؤية فالحمد لله .
فالواجب أن يصوم المسلمون بالرؤية ، رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان ويصير شعبان ناقصاً ويصومون ،وهكذا لو رأوا الهلال ليلة الثلاثين من رمضان أفطروا لتسع وعشرين .أما إذا لم يروا الهلال كملوا شعبان ثلاثين يوماً وكملوا رمضان ثلاثين عملا ًبالأحاديث "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة" وهذا النص يعم شعبان ويعم رمضان ،وفي اللفظ الآخر:" فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين " .والهلال يثبت بشاهد واحد في دخول رمضان ، شاهد عدل عند جمهور أهل العلم ؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :"تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته ،فصام وأمر الناس بالصيام "، ولما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أعرابيا ًشهد عنده بأنه رأى الهلال ،فقال صلى الله عليه وسلم:" أتشهد أن لا إله إلا الله ،وأني رسول الله " قال : نعم ،فأمر بالصيام . فالهلال إذا رآه عدل في الدخول وجب الصيام به. أما الخروج فلا بد من شاهدين عدلين ، وهكذا بقية الشهور لا تثبت إلا بشهادة عدلين ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا " وثبت عن الحارث بن حاطب رضي الله عنه أنه قال: "عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشاهدتهما " .
والمقصود أن شهادة العدلين لابد منها في الخروج وفي جميع الشهور، أما رمضان في الدخول فيكتفى فيه بشهادة واحد عدل للحديثين السابقين .
واختلف العلماء في المرأة هل تقبل شهادتها في الدخول كالرجل ؟ على قولين :
منهم من قبلها كما تقبل روايتها في الحديث الشريف إذا كانت ثقة .
ومنهم من لم يقبلها . والأرجح عدم قبولها في هذا الباب ؛لأن هذا المقام من مقام الرجال ومما يختص به الرجال ويشاهده الرجال ، ولأنهم اعلم بهذا الأمر وأعرف به"(1)" ويوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال فانه يوم شك لا يجوز صومه في اصح قولي العلماء سواء كان صحوا أو غيما " (2)" لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما " وقال صلى الله عليه وسلم " لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه "(3) ( و) " الواجب على من رأى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان أو ليلة الثلاثين من شوال أو ليلة الثلاثين من ذي القعدة أن يبلغ المحكمة التي في بلده ، إلا أن يعلم أن الهلال ثبت برؤية غيره ، عملاً بقول الله سبحانه وتعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى " ، وقوله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا"
1)مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز (15/59)
(2)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز (15/408)
(3)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز (15/408)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :" على المرء المسلم السمع والطاعة " الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم :" أوصيكم بتقوى الله و السمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد" الحديث ، ومعلوم أن ولي الأمر يطلب من خلال مجلس القضاء الأعلى من المسلمين أن على من رأى الهلال أن يبلغ المحاكم ، وقد قال النبي : صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته " يعني الهلال " وأفطروا لرؤيته ،وانسكوا لها ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة "ولا سبيل إلى العمل بهذه الأحاديث إلا بتوفيق الله ،ثم بالتعاون بين المسلمين بترائي الهلال وإبلاغ الجهات المسئولة ممن رآه ، وبذلك يحصل الامتثال للأوامر الشرعية والتعاون على البر والتقوى والله ولي التوفيق.
(1)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وأصحابه وأتباعه بإحسان
يأيها الذين امنوا اتقوا حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ))
( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
( يأيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع (1) الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
" أيها المسلمون لقد أضلكم شهر عظيم مبارك ألا وهو شهر رمضان , شهر الصيام
و القيام، شهر العتق والغفران , شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات وتضاعف فيه الحسنات ، وتقال فيه العثرات , شهر تجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات , وتغفر فيه السيئات ، شهر يجود فيه الله سبحانه على عباده بأنواع الكرامات ، ويجزل فيه لأوليائه العطايات , شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام , فصامه المصطفى عليه الصلاة والسلام وأمر الناس بصيامه وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيماناً واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه, ومن قامه إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, شهر فيه ليلة خير من ألف شهر , من حرم خيرها فقد حرم , فاستقبلوه رحمكم الله بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه , والمسابقة فيه إلى الخيرات
(1)مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 7/213)
والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والسيئات ، والتناصح والتعاون على البر والتقوى ، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى كل خير. لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم"(1) . " ثبت عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان و يخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين ويقول صلى الله عليه وسلم ( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب وصفدت الشياطين وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة )
ويقول عليه الصلاة والسلام ( جاءكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه
فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته
(2) فأرو الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله "
"فيا معشر المسلمين . اغتنموا هذا الشهر العظيم ، وعظموه رحمكم الله بأنواع العبادات والقربات، وسارعوا فيه إلى الطاعات . فهو شهر عظيم جعله الله ميداناً لعباده ، يتسابقون فيه بالطاعات ، ويتنافسون فيه بأنواع الخيرات . فأكثروا فيه رحمكم الله من الصلاة والصدقات ، وقراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل ، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير و الاستغفار والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان . فاقتدوا به رحمكم الله في مضاعفة الجود والإحسان ، واحتسبوا أجر ذلك عند الملك العلام ، واحفظوا صيامكم عما حرم الله عليكم من الأوزار والآثام فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)
وقال عليه الصلاة والسلام ( الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه يصخب فإن امرؤ سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم) ) وخرج قال( ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث)
ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ منه كفر ما قبله ) وقال جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما- ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 15/38)
2) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز (15/11)
( أيها المسلمون إن الصوم عمل صالح عظيم و ثوابه جزيل ولا سيما صوم
فعظموه رحمكم الله بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه)رمضان " (2)
والمسابقة فيه إلى الخيرات والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب
والسيئات "(3) " "واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره ، وتواصوا بذلك وتعاونوا عليه ، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر . لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة(4) " نسال الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا , نسال الله أن يمنحنا وجميع المسلمين في كل مكان الفقه في الدين والاستقامة عليه والسلامة من أسباب غضب الله وعقابه ، كما نسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين وجميع أمراء المسلمين وان يهديهم وان يصلح أحوالهم وان يوفقهم لتحكيم شريعة الله في جميع أمورهم في عباداتهم وأعمالهم وجميع شئونهم ، نسال الله أن يوفقهم لذلك عملا بقوله جل وعلا " وأن احكم بينهم بما انزل الله" وعملا بقوله جل وعلا " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " وعملا بقوله سبحانه " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " وعملا بقوله سبحانه " يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شي فردوه إلى الله والرسول أن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " وعملا بقوله سبحانه " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " هذا هو الواجب على جميع المسلمين وعلى أمرائهم يجب على أمراء المسلمين وعلى علمائهم وعلى عامتهم أن يتقوا الله وان ينقادوا لشرع الله الذي به الصلاح والهداية والعاقبة الحميدة وبه رضا الله وبه الوصول إلى الحق الذي شرعه الله وبه الحذر من الظلم
نسال الله للجميع التوفيق و الهداية وصلاح النية والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه" (5)
1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 15/30) بتصرف
(2) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 15/25)
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 15/23)
4 مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز) ( 15/36)
5) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبدا لعزيز بن باز ( 15/54)
ولمن اراد تحميل الكتاب
يتفضل هنا
1808.zip
حفظكم الباري