أودية العسلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في حضرموتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبه/ الأستاذ أبو صلاح حسين صالح بن عيسى بن سلمان
وادي حضرموت وادي العسل لكونه يجمع بين جنبيه أودية العسل المشهورة في التاريخ والتراث الحضرمي حيث عرفت بالنحالين ذوي التجارب والخبرات المتراكمة عبر التاريخ و بإنتاج العسل وجودته وتصديره إلى خارج حضرموت منذ قرون مضت .
وقد دلت الدراسات والأبحاث التي أجريت من قبل البعثات الأجنبية والمحلية في بعض مناطق وادي حضرموت خاصة وفي وادي دوعن منذ ثمانينات القرن الميلادي الماضي وربما تتابعت أيضا حديثا ،وخلاصة مابعض مافيهاو عن تربية النحل في وادي حضرموت عموماً ووادي دوعن خصوصاً, أمكن تكوين انطباع عن أن وادي دوعن هو مركز تربية النحل الريئسي وأن شهرة العسل الدوعني أو " عسل دوعن " نسبة للوادي وللجودة تكفي لرواجه تجارياً وأتساع دائرة الطلب عليه.
ومع ذلك فأن تربية النحل في حضرموت تمارس منذ القدم وفي كل مكان من ربوع الوادي وهذا مادلت عليه أيضا الآثار القديمة .
كما أن المنطقة الغربية بأوديتها الفرعية المتفرقة عن جنوب وشمال الوادي تعد من أخصب وانسب المراعي والبيئات التي يتم فيها تربية النحل لكثرة أنواع الأشجار الغابية المدارية من أشجار العلب أو السدر وأشجار السمر وغيرها من الحشائش الحولية الأخرى التي تنمو في ظروف مناخية مناسبة في هذه المنطقة خاصة بعد سقوط المطر فهي بيئة مناسبة لتربية النحل،وبالقرب من جبل حيد الجزيل وهو جبل مرتفع مشهور في منطقة دوعن وعنده توجد قرية "باصبان " وعسل هذه القرية كما هو معروف حتى في كتب المتقدمين انه من أجود العسل عند أهل الخبرة ،ثم وادي مراه {بكسر الميم } وواديا {حرث وضرع } وهما من أودية العسل المرموقة إضافة إلى قرية الغبر, بالقرب من القزه,وادي دوعن،ومن الأودية أيضا يبعث وجردان المشهوران بجودة العسل كما قال الشاعر "يلقي عسل نوب جردان "
ومن هذه الوديان وادي عمد, ووادي العين,ومنطقة حوره والقرى المجاورة لها، ثم "وادي بن علي" الكثير الأشجار خاصة العلب من أعلاه إلى أسفله ويستقبل العشرات من النحالين سنوياً خاصة بعد موسم الأمطار.
ويميز مربوا النحل في أوقات تفتح أزهار الأشجار الرئيسية المولدة للعسل موسمين رئيسيين لجمع العسل، الموسم الأول - تفتح أزهار السمر, تستمر هذه الفترة 52 يوماُ, من مطلع نجوم الجبهة( 22 فبراير) وحتى نهاية نجوم العوا (14 أبريل).عسل السُمرة و يكون إنتاجه من بعض الأشجار التي تزهر في الصيف وخاصة من شجر السمر ، و يتميز هذا النوع بلونه الداكن ، و يأتي هذا النوع في المرتبة الثانية في الجودة بعد عسل السدرسواء من حيث القيمة المادية للشراء أو الجودة والطعم ،أما الموسم الثاني يحل في أكتوبر - ديسمبر, حين تأخذ النحل غذائها الرئيسي من أشجار العلب؛و يعتبر عسل "العلب"- بكسر العين – أو السدر هو أفضل أنواع العسل الحضرمي ليتميز برائحته الزكية و لونه حسن يكون فاتحا في فترة جنيه ، كما يتميز من بين جميع الأنواع الأخرى بمذاق طيب وذوق حلو مميز؛ حتى أن القيمة المالية لشرائه مرتفعة جدا تبلغ مئات الدولارات (للنوعية الممتازة) في الخارج،وهذا قمة الجنوة أو الموسم التي يتحين النحالون لها الفرصة سنويا لاستثمارها محليا وخارجياً.
وفي الأعوام الممطرة يكون هناك موسم ثالث لجمع الشهد, من الأعشاب, يطلق علية"مربعي". أما أذا لم تهطل الأمطار,في يوليو, فيحدث أن تتغذى النحل بعصير السكر كما يترك لها ما كانت قد جمعته هي من محصول.
أما عسل المراعي :وهذا النوع من العسل ينتج في كثير من أيام السنة ، و لا يعتمد النحل في إنتاج على أشجار معينة ، بل أشجار و أزهار متعددة ، لهذا سمي بعسل المراعي نسبة إلى المراعي المتنوعة التي ينتجه النحل منها ، و يعتبر هذا النوع من العسل عسل ذو جودة متوسطةوكذاالقيمة المادية للشراء أقل الأنواع قيمة.
وفي الأخير فالعسل الحضرمي أحد المنتجات الهامة في الاقتصاد الحضرمي وتعتمد عليه شرائح كثيرة من المجتمع الحضرمي، وحضرموت بها العديد من أنواع العسل و تصنف هذه الأنواع حسب المرعى الذي ينتج منه النحل هذا النوع أو ذاك كما تقدم ذكره لكن أشجار العلب والسمر في تناقص مستمر كما هو حال أشجار النخيل لسباب مختلفة منها التوسع السكاني وقطع الأشجار ، ومنها الأوبئة والأمراض التي تصيب النخل والأشجار الأخرى ، ومنها الجفاف والتصحر وقلة الإهتمام والرعاية بالثروة الغابية وتنميتها و للتغلب على هذه المعضلات والمشاكل يتطلب مزيدا من الاهتمام بهذه الأشجار الهامة كموارد طبيعية لا تقل أهمية عن غيرها من الموارد المعدنية والله أعلم.