بسم الله الرحمن الرحيم
عشنا - خلال الأيام الماضية وإلى اليوم - أجواءَ شتوية أخاذة نادرة ، اجتمع فيها : خريف صلالة بضبابه الذي يعانق المعالم الشاهقة ورذاذه الذي يدهن الرمال ويبلل الأسطح الناعمة ، وشتاء الشام ببردوته وأمطاره الديمية وسحبه الدائمة ..
وقد يتبادر إلى الذهن : ما سر هذا الضباب الذي يضرب بأطنابه في وسط الجزيرة وجنوبها ، فلم يبرح أجواءها منذ أيام حتى تقاربت درجات الحرارة بين الليل والنهار ، وأضر البرد بالناس ، وأضحى بعضهم يتوق إلى رؤية الشمس ؟! ..
إننا لو أنعمنا النظر في المنخفضات الجوية العلوية المتعاقبة وموجاتها الباردة المتوغلة في أجواء الجزيرة خلال الأيام الماضية والتي سبق أن قام بتحليلها الخبراء الأفاضل في هذا الموقع الشامخ ، لو جدنا أنها ساعدت - بعد مشيئة الله عز وجل - على جذب الرياح الجنوبية والجنوبية الشرقية الدافئة المحملة بالرطوبة من بحر العرب لتتسرب إلى داخل الجزيرة ، وبعد مغادرة تلك المنخفضات العلوية أخذت تغادر على أثرها الرطوبة في الطبقتين المتوسطة والعالية - وهما الطبقتان المختصتان ببناء السحب الرعدية - ومعها انتقل حزام السحب الرعدية إلى جنوب الجزيرة الشرقي بحسب حركة تيار الرياح النفاث مغادرا بعد ذلك أجواء الجزيرة ، غير أن الرطوبة المتكدسة في الطبقات المنخفضة داخل الجزيرة ظلت
رهينة محبسين نتيجة وقوعها بين حاجزين : جوي ، وتضاريسي .
أما الحاجز الجوي فهو تمدد ذراع المرتفع السيبري في شمال شرق الجزيرة مما ساعد على هبوب الرياح الشرقية والشمالية الشرقية الباردة ،
وأما الحاجز التضاريسي فهو المرتفعات الغربية والجنوبية ، ويضاف إلى ذلك انكفاء فحل الجزيرة الجوي ( منخفض البحر الأحمر ) وتواريه خلف جبال السروات ، وغياب رياحه الجنوبية الغربية النشطة ، كل ذلك أسهم - بعد مشيئة الله عز وجل - في تكدس الأبخرة في الطبقة المنخفضة وبقائها داخل الجزيرة على الرغم من مغادرة المنخفضات العلوية . ولذا من المتوقع بعد مشيئة الله - عز وجل - خلال الأيام القادمة توغل موجات منخفض علوي يتفاعل معها منخفض البحر الأحمر ، ويتمدد داخل الجزيرة ، وستنشط معه الرياح الجنوبية الغربية ناقلة معها تلك الرطوبة المتكدسة إلى شمال الجزيرة الشرقي وبعد ذلك إلى إيران ، مشكّلة حالة عدم استقرار على تلك المناطق ، وعلى أثر انتقال تلك الرطوبة من أجواء وسط الجزيرة وجنوبها ستبدأ سحب الضباب بالانقشاع عن أجواء تلك المناطق .
صور موضحة للخرائط خلال الأيام الماضية :
أما الأمطار التي هطلت ليلة الأحد 19 / 2 / 1432 هـ الموافق 22 / 1 / 2011 م فقد كانت خفيفة في مجملها على وادي الدواسر ، متوسطة على طريق الوادي - السليل ، وغزيرة على السليل وماصاقبها شرقا وجنوبا ، وقد سالت على أثرها شعاب السليل الجنوبية وباطن تمرة كما أفادني بعض الأخوة ، أما على طريق نجران - الوادي فعندما قطعنا عصر الأحد مسافة 15 كليومتر من المفرق وجدنا أثر تلك الأمطار الغزيرة التي سيلت بعض المسايل وشكلّت مستنقعات مائية على جوانب الطريق ، ولازلنا في أثر تلك الأمطار حتى قطعنا مسافة 45 كيلومتر باتجاه نجران ، ثم تحولت آثار الأمطار إلى خفيفة ومتوسطة فقفلنا عائدين ..
وهذه صور لأجواء الوادي خلال الأيام الماضية بين ضباب ورذاذ وديمة خفيفة متقطعة :
انتظر ..