في هذه الأيام بدأ الكثير يبارك بعضهم لبعض عندما يُقابل قريبه أو صاحبه بقوله:
"العَشر مباركة"
لماذا يُباركون لبعضهم البعض بهذه ؟؟
ولماذا هذه الفرحة ؟؟
إن سبب ذلك هو بلا شك عائد إلى "فضل العشر الأيام الأُول من شهر ذي الحجة"
وقد شهد النبيُ صلى الله عليه وسلم بأنها أفضلُ أيام الدنيا على الإطلاق.
وأقسم الله جل وعلا بها، والإقسام بالشيء دليل على أهميته وجلالة قدره قال الله تعالى : "والفجر وليالٍ عشر" ، قال ابنُ عباس رضي الله عنهما وغيرُ واحد من السلف والخلف : إنها عشرُ ذي الحجة قال ابنُ كثير وهو الصحيح .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري 2/457 .
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما حث فيها على العمل الصالح لفضلها وعظيم نفعها، و لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار، وشرف المكان – أيضاً – وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام . ولأن فيها: يوم عرفة ويوم النحر، وفيها الأضحية والحج قال الحافظ في فتح الباري : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" [رواه الطبراني في المعجم الكبير].
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
قال المحققون من أهل العلم : أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي.
فمن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة :
1- الصيام
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة وبالأخص يوم عرفة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805، وصيام يوم عرفه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، فقد روى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده" .
2- التكبير :
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى .
فيكبر كل واحد بمفرده
وإن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً" أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن لشواهده .
3- أداء الحج والعمرة
إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
4- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما
لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى . فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة
5- الأضحية
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
6- التوبة النصوح
ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى .
قطعتَ شهور العام سهواً وغفلة **
ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجباً وافيت فيه بحقه *** ولا صمت شهر الصوم شهراً متمماً
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي *** مضى كنت قواماً ولا كنت محرماً
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة *** وتبكي عليها حسرةً وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة *** لعلك أن تمحو بها ما تقدما
فنصيحة نصيحة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة
موضوع اعجبني فاخترته لكم
دمتم في حفظ الله ورعايته