رادارت الوطن العربي مركز الطقس للرصد الجوي (مباشر) مركز الطقس للأقمار الصناعيه (مباشر) البرق( مباشر )
العودة   الطقس > المنتديات العامة > المرصد العام
اسم العضو
كلمة المرور

المرصد العام للمواضيع العامة والنقاشات الحرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #57  
قديم 09-18-2012, 02:44 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

والاستعاذة بالصفة مثل: السؤال بالصفة؛ لأن الاستعاذة سؤال خاص. ومر علينا في حديث «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» استعاذة بالصفة.
المسألة السادسة: ما حكم إضافة الحوادث إلى صفة من صفات الله؟
إذا قصد أن الحوادث من مقتضى الصفة فهذا لا بأس، كأن يقول: اقتضت حكمه الله أن يذل الكافر والعاصي، ويعاقب الظالم، أو اقتضت قدرة الله إيجاد المخلوق، أو شقاوة بعض العباد.
أما إذا أضيفت الحوادث إلى الصفة أي: أنها فعلتها، فلا يجوز كأن يقول شاءت القدرة لله.
المسألة السابعة: ما حكم إذا كان الشخص اسمه عبد الحكيم، أو عبد المجيد، أو عبد العزيز، وأطلق عليه حكيم أو مجيد أو عزيز اختصارًا؟
هنا نقول: إنّ قصد اسم الله بحيث يسمى المخلوق باسم الله يترك، فلا يُقال له حكيم، ولا مجيد، ولا عزيز أي قصد بالاسم ملاحظة الصفة فلا. أما إن قصد الشخص فلا مانع لأن أصل كلمة حكيم وعزيز للعلمية ابتداءً تجوز فهذا مثلها.
المسألة الثامنة: حكم تسمية ضيف الله، وجار الله، ونعمة الله؟
قال الشيخ ابن جبرين في الفوائد على شرح كتاب التوحيد أن هذه الأسماء يجوز إطلاقها على المخلوق؛ لأنها إضافة تشريف قلت وأحيانًا هي إضافة دعاء أو شكر. فنعمة الله أن نشكر الله عليه فهو نعمة من الله ومثلها عطاالله أي هو عطاء من الله ومثلها مدالله.

باب لا يُقال السلام على الله
في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا إذا كنا مع النبي r في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان، فقال النبي r: «لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام».
قال الشارح:
المسألة الأولى: علاقة هذا الباب بالتوحيد!
فيه تنقيص لتعظيم الله تعالى، فمن توحيد الله تعظيمه، وإثبات الغنى الكامل له.
المسألة الثانية: قوله "السلام":
مصدر من السلامة، وهي الدعاء بأن يسلم من النقص والعيب.
المسألة الثالثة: ما حكم قول السلام على الله؟
الجواب: حرام، ويُنافي كمال التوحيد الواجب لسببين:
1- لأنه يُوهم نقص الله؛ لأن فيه عيبا.
2- لأنه خالف الحقيقة، فالله يُدعى ولا يُدعى له، فلا يُدعى لله بالسلامة لأنه هو المسلِّم.
قال المصنف: في الصحيح: الحديث عند البخاري ومسلم.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: كنا مع رسول الله r في الصلاة: أي في آخر الصلاة، ويقصد به التشهد.
قلنا السلام على الله: أي ندعوا لله بالسلامة من العيب.
من عباده: من: ابتدائية.
عباده: إضافة تشريف، ويقصد المؤمنين أي: المتذللين الخاضعين له.
السلام على فلان وفلان: اللهم سلَّم فلانًا وفلانًا من العيب.
وجاء في رواية «أن فلانا وفلانا هم من الملائكة».
قال النبي r: لا يقل: لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
لا تقولوا السلام على الله: فدل على أن الدعاء بهذه الصيغة محرم.

ثم علل التحريم بقوله: فإن الله هو السلام: فإن الله هو السالم وهو المسلم.
ومناسبة هذا الحديث: أن قول السلام على الله حرام ويُنافي كمال التوحيد الواجب؛ لأنه يوهم نقص الله تعالى.
مسالة: البديل عن «السلام على الله» فإن الرسول r شرع عن السلام على الله لفظة "التحيات"، فشرع لهم أن يقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات.
كما جاء في حديث ابن مسعود.

باب قول «اللهم اغفر لي إن شئت»
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله r قال: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له».
ولمسلم: «وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
اللهم: بمعنى "يا الله"، حذفت الياء وعوض عنها بالميم.
اغفر لي: المغفرة هي الستر والتجاوز، وليس خاصًا بالمغفرة، فحتى لو قال: اللهم تب علي، اللهم ارحمني.
وصورة المسألة:
اللهم غفر لي إن شئت.
يا الله اغفر لي إن شئت.
أسال الله أن يغفر لك إن شاء الله.
أن يدعو شخص آخر مخاطبًا الله وهذا يؤمّن على دعائه بآمين وأحيانًا يقول إن شاء الله.
قوله: "إن شئت": هذا تعليق للمغفرة بالمشيئة.
المسألة الثانية: حكم قول «اللهم اغفر لي إن شئت»:
وقع خلاف بين أهل العلم في هذا المسألة:
القول الأول: باعتبار القائل، فإن قالها على وجه التبرك جاز استدلالاً بحديث المقابر «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»، وحديث المريض «طهور إن شاء الله». وإن قالها شاكًا أو فاترًا أو مُشعرًا نقص الله فلا تجوز، وعليه يحمل حديث الباب.
القول الثاني: أن قوله اللهم اغفر لي إن شئت ليست محرمة، ولكن تكره كراهة تنزيه، والصارف عن التحريم حديث زيارة المقابر «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»،

رد مع اقتباس
  #58  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وحديث عيادة المريض «طهور إن شاء الله».
القول الثالث: أنه في الدعاء يحرم قولها، فإذا دعا الله وقال: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، فلا يجوز أن يقول "إن شئت"، وعليه يحمل حديث الباب.
وإن قالها على وجه الخبر أو التبرك فيجوز، وعليه يحمل حديث المقابر وحديث المريض.
والقول الثالث هو اختيار المصنف؛ حيث ذكر في المسائل أنها لا تستثنى في الدعاء وهذا هو الراجح.
إلا أن المسألة تحتاج إلى تفصيل أكثر فيقال:
- أما في باب الدعاء المحض، فهذه يحرم تعليق الدعاء بالمشيئة.
الدعاء المحض: هو المبتدأ بقول القائل "اللهم" أو "يا الله" ونحوها، فهذا لا يجوز، ويحمل عليه حديث الباب.
- أما باب الخبر المحض الذي يقصد به التصديق أو التكذيب المبني على سؤال، فهذا يجوز تعليقه بالمشيئة؛ بل أحيانًا يجب، قال تعالى: ]وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ[ [الكهف: 23، 24] ومثل حديث المقابر «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».
- أما في باب الخبر الذي يتضمن الدعاء فهذا فيه تفصيل؛ لأنه ليس صريحًا في الدعاء ولا صريحًا في الخبرية، فلذا بحسب القائل، فإن نوى الدعاء فلا يجوز، وإن نوى الخبر فيجوز، وعليه يحمل حديث «طهور إن شاء الله»، ومثل قول القائل «مأجور إن شاء الله» لحديث «إنما الأعمال بالنيات».
لو قال قائل: «هل لي أجر إن فعلت كذا فقلت: إن شاء الله»؟ هذا خبر، وقد يقصد به الدعاء.
مسألة: من أمثلة ذلك ما يجري على ألسنة بعض الناس كقولهم «جعله الله في موازين حسناتك إن شاء الله»، وقوله «غفر الله لك إن شاء الله»، أو«هذه المحاضرة تكتب في موازينك إن شاء الله»، أو يقول أحدهم: «غفر الله لك فيقول الآخر: إن شاء الله» كل هذه الألفاظ جارية على ألسنة بعض الناس، وهي ألفاظ تجوز ولا بأس بها لأنها من باب الخير أو باب التبرك ولأنها ليست دعاءً مخاطبًا به الله بقوله اللهم.

قال المصنف: وفي الصحيح عن أبي هريرة: الحديث المتفق عليه.
لا يقل: لا ناهية والنهي يقتضي التحريم، وهذا هو الأصل، وحمله النووي على التنزيه، وهذا خلاف الأصل.
أحدكم: عام في الرجل والمرأة وفي غيرهم.
اللهم: يا ألله وهذه لفظة مهمة حتى يُفهم أن ذلك في باب الدعاء المخاطب به الله المصدّر بقولك اللهم أو يا الله ونحوه.
اغفر لي: ومثله اللهم اغفر لنا إن شئت، وهل مثلها اللهم اغفر لفلان إن شئت؟
كذلك: اللهم ارحمني إن شئت؟ مثلها.
هل هو خاص بالدعاء في الأمور الأخروية وهي الرحمة والجنة؟
الجواب: حتى الأمور الدنيوية، فلا يجوز تعليق الدعاء بالأمور الدنيوية، كأن يقول: اللهم عافني من المرض إن شئت، اللهم نجحني إن شئت، فهو عام في الأمور الدنيوية والأخروية.
يعزم المسألة: هذا أحد أسباب المنع في الحديث، وهو أن تعليقه بالمشيئة يدل على الفتور وضعف الهمة، ولذا قال: ليعزم المسألة في الدعاء، أي: اسأل بعزم وقوة.
وجاء عند مسلم: ليعزم المسألة في الدعاء.
قال: فإن الله لا مُكر له: وهذا هو السبب الثاني؛ لأن تعليق الدعاء بالمشيئة يوهم أن الله له مكره، ويوهم النقص لله، فإن الله لا مكره له.
أما بالنسبة للاستجابة إذ دعا الإنسان فإنها قد تحصل وقد لا تحصل، لكن لا يعدم الداعي ثلاث مسائل:
1- إما أن يستجاب له.
2- أو يدخر له في الآخرة ما هو أحسن.
3- أو يدفع عنه مكروه.
قال: ولمسلم «وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».
ليعظم الرغبة: أي ليعظم الطلب.
قال الله تعالى: ]إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ [يس: 82].

باب لا يقل عبد وأمتي
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله r قال: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي، وغلامي».
قال الشارح:
المسألة الأولى:
هذا الباب يتعلق بتعظيم الله سبحانه وتعالى وإفراده بالتعظيم، كذلك في بعض جوانبه التنزه عن الأسماء المشابهة لأسماء الله، كاسم الرب، والسيد على تفصيل يأتي.
المسألة الثانية: شرح الترجمة:
لا يقل عبدي: لا: ناهية. والأصل في النهي التحريم. وهذا الخطاب موجه لسيد العبد المملوك.
اقتصر المصنف في الترجمة على حكم واحد، وهناك حكم آخر موجه للعبد؛ بأن لا يقل: ربي لسيده.
قال المصنف في الصحيح: الحديث متفق عليه.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال: «لا يقل ...».
لا: ناهية والأصل أن النهي يقتضي التحريم على خلاف يأتي.
قوله "يقل": القول هنا: النطق باللسان أي: لا يقل بلسانه نطقًا.
أحدكم: يقصد به ثلاثة أشخاص:
الأول: سيد العبد، فلا يقل هذا الكلام.
الثاني: أو أجنبي يخاطب العبد بهذا الكلام.
الثالث: أو العبد نفسه. لا يقولها؛ لكن بلفظ المتكلم أي: لا يقل العبد: سوف أطعم ربي ونحو ذلك.
أطعم: من الإطعام، وهو يشمل الطعام والشراب أيضًا، والشراب يطلق عليه طعام أيضًا قال تعالى: ]وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ[ [البقرة: 249]

ربك: أي متولي أمرك.
وهنا نصل إلى مسألة وهي: حكم إطلاق كلمة الرب على سيد العبد، سواء من سيد العبد أو من أجنبي أو حتى من العبد نفسه؟
الحكم فيه تفصيل:
أما إطلاق كلمة الرب على سيد العبد إذا قطعت عن الإضافة؛ فهذا لا يجوز، كأن يقول: سوف أُطعم الرب أو أَطْعِم الرب، فهذه لا تجوز، وهذا من الإلحاد في أسماء الله؛ لأن كلمة الرب إذا قُطعت عن الإضافة فهي اسم خاص لله، قال تعالى: ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ [الشورى: 11] وقال تعالى: ]وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[ [الأعراف: 180]، ولحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في الصحيح «إن أخنع اسم رجل تسمى ملك الأملاك» أما إذا أضيفت كما في حديث الباب، كأن يقول سيد العبد لعبده: أطعم ربك، يقصد نفسه، أو يقول أجنبي للعبد: قم فأطعم ربك، أو يقول العبد: سوف أطعم ربي، فالرب هنا مضاف إلى الكاف أو إلى ياء المتكلم.
وهنا وقع خلاف بين أهل العلم:
القول الأول: أنها تكره كراهة تنزيه، ويحملون النهي في الحديث على التنزيه، ولم يقولوا بالتحريم؛ لأنه جاء ما يدل على جوازه كقوله تعالى: ]اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ[ [ويوسف: 42]، وقوله r في الحديث «حتى تلد الأمة ربتها»، فقالوا إذن: السنة تركها.
القول الثاني: أنه يحرم؛ لأن الأصل في النهي التحريم، أما الآية ]اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ[ [يوسف: 42] فهذه جاءت في شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يمنع من ذلك، وقد جاء في شرعنا النهي.
وأما حديث: «حتى تلد الأمة ربتها»، فهذا لا إشكال فيه؛ فإن ربتها لفظ مؤنث لا يوهم المشاركة، إلا أنه يرد على المسألة الأخيرة ما رواه أبو داود بسند صحيح قوله r: «لا يقولن المملوك ربي وربتي».
هذا إذا كان الخطاب للعبد، أما إن كان الخطاب على ما ليس عليه تعبد من الدابة والبيت، فهذا يجوز فيه أن يقول رب البيت ورب الدابة، ويدل عليه قوله r في

رد مع اقتباس
  #59  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

حديث اللقطة «رب الإبل».
وضئ ربك: هذه أمثلة، ومثلها: ساعد ربك، وقل لربك إلى غير ذلك.
وليقل سيدي ومولاي: من المنتظر في الحديث أن يقال: أطعم سيدك، أو وضئ سيدك، لكن التفت الخطاب إلى المملوك، وهنا ذكر البدل من كلمة أطعم ربك أن يقول: أطعم سيدك.
وهنا مسألة: ما حكم إطلاق كلمة السيد على مالك العبد؟
فيه تفصيل:
أما اسم السيد إذا قطع عن الإضافة فإنه لا يطلق إلا على الله، كما جاء في حديث أبي داود "السيد الله" فلا يقل العبد لمالكه: السيد. بهذا اللفظ، ولا يقل المالك لنفسه: السيد بهذا اللفظ إطلاقًا.
أما إذا أضيفت وقيدت فيجوز إطلاقها من الطرفين، ويدل عليه حديث الباب، وقوله تعالى: ]وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ[ [يوسف: 25] وقوله r: «قوموا لسيدكم».
مسألة: ما الحكم إذا قالها الحر غير "المملوك"؟
إذا قالها الحر لرجل حر كما يكتب في الخطابات أحيانًا سيدي فلان، فهذه لا تجوز إن كانت بالإفراد، وأيضًا إن كانت بالإضافة، ولذا سئلت اللجنة الدائمة عن قول الجندي للضابط: حاضر يا سيدي.
قالت اللجنة: لا يجوز، واستدلوا بحديث أبي داود عندما قالوا: "سيدنا. قال: السيد الله"، وأما حديث الباب فهذا في المملوك.
أما لو كان للحر سيادة على المتكلم، فتجوز لو قالها أجنبي، كما قال النبي r: «قوموا لسيدكم».
أما من له سيادة فلا يقول لمن تحته من الأحرار "أنا سيدكم"، أو هم يقولون: "أنت سيدنا". أما من الأجنبي، فيجوز بشرط أن يكون له سيادة، كأن يكون رئيسًا للقبيلة.
مسألة: كلمة السيد ولو مقيدة بالإضافة فلا يجوز أن تقال لمنافق ولا كافر، وهذا تخصيص من عموم الجواز الذي قلناه، أنها في حق المنافق والكافر لا تقال، لقوله r: «إذا قلتم للمنافق يا سيد فقد أسخطتم ربكم»، والمنافق: من ظهرت عليه علامة من علامات النفاق.

مسألة: هل يُقال للنساء السيدات؟
اعتاد الناس أن يطلقوا على المرأة السيدة والسيدات، ولذا يكتبون في بعض المجلات للسيدات، أو خاص بالسيدات، فهذا لا يجوز، لأن المرأة ليست بسيدة، إنما هي كما قال r: «إنما هن عوان عندكم» يعني: أسيرات. فتسييد المرأة يناقض هذا الحديث قال: «لا يقل أحدكم»: لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
وهنا مسألة وهي: حكم قول عبدي للملوك؟
ظاهر الحديث المنع من ذلك، ولكن محل النهي:
1- المخاطبة، أي لا تقل للعبد تخاطبه بذلك عبدي، لسببين:
أ- سدًا للذريعة في نفسية المالك فلا يتعاظم.
ب- بعدًا عن انكسار نفسية العبد.
بالإضافة إلى النهي في الحديث.
2- في الإنشاء والنداء، فلا يقل: يا عبدي تعال مناديًا، أما عند الإخبار فيجوز، كأن يقول: بعت عبدي، أو يقول هذا عبد لي من يشتريه، أو يسأل عن هذا فيقول عبدي، فبالإخبار يجوز.
قوله: وليقل فتاي وفتاتي: وهذا هو البديل عن قول: «عبدي وأمتي» فالرسول r منع شيئًا وجعل له بديلاً.
مسألة: هل الخادمة تدخل في هذا الحديث؟
أي يقال لها: فتاتي وتقول هي: سيدي ومولاي؟
أما الخادمة في عرفنا فلا تدخل؛ لأنها حرة وهي أجيرة.
مسألة: ما يقال عن آل البيت أنهم السادة وجرت تسميتهم بالسادة؟
فهذا ليس له أصل، ثم هو يخالف الواقع، فليس لهم سيادة على الناس، وإنما يقول ذلك أهل البدع والشعوذة؛ مع العلم أن آل البيت لهم مكانة في القلوب «المؤمن منهم».
مسألة: جاء في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في الصحيح «تعس عبد الدينار ...».
نقول: هذا ليس تسمية، وإنما هو ذم.

باب لا يرد من سأل بالله
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى ترون أنكم قد كافأتموه». [رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح].
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
لا: نافية.
من: بمعنى الذي.
سأل: يقصد سؤال الطلب،ومثله الاستعاذة والاستغاثة، كقوله: «أسألك بالله»، أو «بالله أسألك».
ومثله: أيُّ اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته.
المسألة الثانية: هدف المصنف من هذا الباب.
أنَّ رد من سأل بالله إذا وجب إعطاؤه تنقيص لتعظيم الله، وأن إعطاء من سأل بالله فيه تعظيم لله، فيكون داخلاً في باب تعظيم الله حق التعظيم.
المسألة الثالثة: حكم من رد من سأل بالله؟
قبل الإجابة عن حكم الرد ينبغي معرفة حكم ابتداء الطلب؛ سواء بالصيغة أو بدون: وهو ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسألك علمًا، وأحيانًا يكون بالصيغة فيقول: أسألك بالله أن تخبرني بحكم كذا، فابتداء سؤال العلم واجب في الواجبات والمحرمات، فيجب أن تسأل عن الواجبات والمحرمات، ويستحب أن تسأل عن المسنونات والمكروهات، لقوله تعالى: ]فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[ [محمد: 19]، ولأن العلم واجب، وتحصيله يكون بالسؤال، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

القسم الثاني: أن يسأل مالاً، فهذا الأصل فيه التحريم، كما جاء في الحديث «يا قبيصة! إن هذا المال لا يحل إلا لثلاثة، رجل أصابته فاقة، ورجل تحمل حمالة ...» الحديث.
وقوله r: «لا يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم». أما إذا اضطر إلى السؤال فيجوز أن يسأل مع الضرورة.
القسم الثالث: سؤال المعونة بالجاه والبدن، تسأله أن يساعدك جاهًا أو بدنًا، وهذا مر علينا في كتاب تحقيق التوحيد، وأن ابتداءه يكره لما فيه من المذلة والاستعطاف، لحديث «لا يسترقون»، وقد بايع الرسول نفرًا من الصحابةألا يسألوا الناس شيئًا، رواه أحمد. ولكن مع الحاجة يجوز أن يسأل.
أما حكم إجابة من سأل بالله فهذا هو المقصود بالباب، وهو على أقسام:
القسم الأول: أن يسألك بالصيغة ما يجب له، وهذا تجب إجابته بدون الصيغة ومع الصيغة أشد، وعدم الإجابة محرم وينافي تعظيم الله. مثال ذلك: أن تقول زوجتك: أسألك بالله النفقة الواجبة عليك.
مثال آخر: إنسان يطلبك حقًا من ثمن مبيع أو قرض أقرضك إياه، فطلبك وقال: أسألك بالله حقي.
ومثل المدعي يطلب من القاضي حقه الذي ثبت بالبينة، فيسأله بالصيغة.
القسم الثاني: أن يسألك وهو مضطر وأنت قادر على مساعدته، فيسألك بالصيغة أن تساعده، كفقير سأل غنيًا قال تعالى: ]وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[ [الماعون: 7]، وظاهر حديث الباب وجوب إعطائه، لعموم «من سأل بالله فأعطوه» والآية المذكورة آنفًا، وحديث «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» رواه مسلم، وحديث جابر في الصحيح «من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له». فذكر أشياء حتى ظننا أن ليس لأحد حق في فضل. إلا أنه يشكل عليه قوله r: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه». وقوله r: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» لكن الحديثين في غير الواجب والحقوق.

رد مع اقتباس
  #60  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

ومثله: لو استغاث غريق وأنت تعرف السباحة فسألك بالله أن تنقذه، فيُقال: يجب إعطاؤه بشرط.
1- أن يكون مضطرًا.
2- ألا يكون عليك ضرر، لما روى ابن ماجه بسندٍ صحيحٍ «لا ضرر ولا ضرار».
3- ألا يكون هنالك مانع من الإعطاء.
4- ألا يوجد غيرك.
ومما يدل على شروط هذه المسألة ما رواه الطبراني عن أبي موسى مرفوعًا «ملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله؛ ما لم يسأل هجرا» حسنه العراقي والسيوطي في الجامع.
أما كم يعطيه؟ الحديث لم يبين المقدار، ولذلك يعطيه ما تيسر.
القسم الثالث: أن يسأل ما هو محتاج إليه.
والفرق بينه وبين الذي قبله: أن الذي قبله مضطر، وهذا لم يصل إلى الضرورة لكنه محتاج؛ بمعنى أنه يشق عليه ولكن يتحمل، كالمعونة بالجاه، والمساعدة بالبدن وأنت قادر، فهذه تستحب لها الإجابة، لأن القول بالوجوب يؤدي إلى إيجاب ما لم يجب، ويبدأ كل إنسان يريد شيئًا يسألك بهذه الصيغة حتى يوجبه عليك.
أما سؤال العلم فالإجابة له واجبة مطلقًا؛ إلا إن سأل ما لا يحتاجه أو ليس بواقع، فلا يجب.
قال المصنف وعن ابن عمر قال: قال رسول الله «من استعاذ بالله» في بعض النسخ البداءة فيمن سأل بالله.
من استعاذ بالله: من شرطية عامة.
من استعاذ: أي طلب العوذ، وهي أخص من السؤال؛ لأن الاستعاذة سؤال من توقع المكروه أن يقع عليه.
حكم إعاذة من استعاذ بالصيغة؟
هي مثل حكم من سأل بالصيغة، فلو استعاذ في واجب وجب إعانته، ولو استعاذ لكيلا يقام عليه الحد حرم إعاذته؛ لحديث علي عند مسلم «لعن الله من آوى محدثًا».
قوله "فأعيذوه": أمر يقتضي الوجوب مع القدرة وعدم المانع.

«ومن سأل بالله»
من: شرطية عاملة عامة.
وهي باعتبار الصفة تشمل:-
1- المضطر. 2- صاحب الحق.
3- المحتاج. 4- سائل العلم.
قال تعالى: ]وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ[ [الضحى: 10] وقوله تعالى: ]وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى[ [عيسى: 8-10].
قوله "بالله" مثل قول: "أسألك بالله"، ومثله إذا سأل باسم من أسماء الله أو صفة، كأن يقول: أسألك بالذي خلقك، أو أسألك بوجه الله.
قوله "فأعطوه" هذا أمر والأمر هل يقتضي الوجوب؟
على التفصيل السابق، فمنه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب.
وقوله "فأعطوه" لم يذكر مقدار العطاء، فهل هو الكفاية للسائل، أو الطاقة للمسئول، أو ما يقع عليه أقل مسمى العطاء؟
أما إن أعطى الكفاية فهذا أفضل، وإلا يعطيه قدر المستطاع، لقوله تعالى: ]لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[ [البقرة: 286] أو يعطيه أقل ما يسمى، المهم ألاّ يرده.
"ومن دعاكم فأجيبوه" من: عامة، إلا أنها لا تشمل الكافر؛ إلا في التفصيل، فلو دعاك كافر فلا تجب إجابته؛ لأن إجابته مؤانسة تؤدي إلى المحبة، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ [الممتحنة: 1]، أما لو دعاك لكي تدعوه إلى الله وهو مقبل، فهذا يجب بشرط بغض القلب.
وذكر الحنابلة في إجابة العرس «وتكره إجابة الذمي»، بقي المسلم إذا دعاك هل تجيب دعوته؟
المسألة خلافية بين أهل العلم. أما الظاهرية فيقولون تجب إجابة دعوة المسلم لكل وليمة، لعموم هذا الحديث، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب إلا وليمة العرس، واستدلوا على ذلك بحديث «إن شر الطعام طعام الوليمة» قوله: "الوليمة": إشارة إلى وليمة العرس.

وحديث «إن شر الطعام طعام الوليمة» يخصص حديث «ومن دعاكم فأجيبوه» ويدل على التخصيص المشقة فإن إجابة كل دعوة فيها مشقة، ولذا فالأقرب والذي تميل إليه النفس قول الجمهور، أي: الواجب إجابة دعوة وليمة العرس فقط.
وعلى قول الجمهور أيضًا هناك شروط في إجابة الدعوة. راجع كتاب زاد المستقنع باب وليمة العرس وغيره من الكتب الفقهية.
ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه: من: عامة.
قال الشارح: "حتى الكافر".
معروفًا: نكرة في سياق الشرط فتكون عامة.
والمعروف: اسم جامع للخير والمروءة، ويدخل فيه أيضًا معروف العلم الشرعي، فمن علمك قد صنع إليك معروفًا.
"فكافئوه": ظاهره الأمر، وهو أنه يجب المكافأة على المعروف، وهذه إحدى مراتب المجازاة لمن صنع معروفًا، وهي المرتبة الثانية.
ولم يذكر قدر المكافأة، ولكن المكافأة تكون إما المساواة أو المقاربة.
ويقصد بالمعروف هنا معروف التبرع لا الواجب.
أما من أعطاك ما يجب عليه فهذا أدى ما عليه، وإنما الكلام لمن تطوع.
قال «فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له»: هذه المرتبة الثالثة وهي الدعاء، وشرط الدعاء عدم وجدان ما تكافئونه به، لقوله «فإن لم تجدوا».
فأصبحت المراتب على الترتيب التالي:
أما المرتبة الأولى: الجمع بين أن تكافئه وتدعو له.
المرتبة الثانية: أن تكافئه من جنس معروفة أو ما يقارب معروفة.
المرتبة الثالثة: الدعاء، وهذا بشرط عدم القدرة على المكافأة.
المرتبة الرابعة: ترك المكافأة، وهي ألا تصنع له شيئًا، وهذه المرتبة لا تجوز إن قلنا بالأمر في "فكافئوه".
المرتبة الخامسة: الإساءة، وهي أن تسيء إلى من صنع إليك معروفًا، وهذه حرام، لقوله تعالى: ]هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[ [الرحمن: 60] هذا استفهام بمعنى النهي.

وقوله: "فإن لم تجدوا" ما مقدار عدم الوجدان؟
أي ألا يجد ما يكافئ جنس معروفه أو أعظم، فلو وجد بعض المكافأة فهي أولى من الدعاء. وزمن عدم الوجدان هل هو وقت المعروف أو فيما بعد؟ الأصل زمن المعروف.
قوله: "فادعوا له": الأصل أن الدعاء له، فإن دعا لوالديه أو لأبنائه فهذا زيادة.
ولم يبين صيغة الدعاء، وعلى ذلك يدعو له بأي صيغة مباحة، أما مقدار الدعاء هل هو مرة أو مرات؟
قال في الحديث: حتى تروا أنكم قد كافأتموه، فيكرر الدعاء حتى يغلب على ظنه أنه قد كافأه.
هل كلمة "جزاك الله خيرًا" تكفي؟
جاء عند الترمذي وصححه مرفوعًا: «من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء» لكنها تكرر على قدر المعروف، لقوله: «حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
متى يبدأ رد المعروف أو متى يدخل وقته؟
من حين المعروف. لذلك جاءت الفاء في قوله "فكافئوه". هل يكون دينًا في الذمة؟
نعم. لكن إما المكافأة أو الدعاء، وقوله: «فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له» دل على أن الدعاء ليس مكافأة، ولكنه بديل عنها.
قال: رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح، وصححه النووي وابن حبان والحاكم.
مسألة: فائدة المكافأة على المعروف؟
لها فائدة وهي فائدة نفسية، فإذا كافأت تخلصت من رق المعروف، وفيه عزة للنفس، وإذا لم تكافئه فتحس أنه أعلى منك وأفضل، ولذا فأهل القلوب العزيزة والنفوس العزيزة تسعى إلى دفع ما تستذل به، ولذا جاء عن الأعرابي أنه قال: ما وضعت يدي في قصعة أحد إلا ذللت له.
مسألة: ذكر المعروف على الشخص يخشى أن يكون من المنة، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى[ [البقرة: 264] وجاء في الحديث ذم المنان.
مسألة: إذا كافأه بالدعاء هل يكون سرًا أم يسمع صاحب المعروف؟
الأفضل: أن يكون مع سماع صاحب المعروف.

رد مع اقتباس
  #61  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «لا يسأل بوجه الله إلا الجنة» [رواه أبو داود].
قال الشارح:
ذكر المصنف في هذا الباب حديث جابر رواه أبو داود.
والجمهور على تضعيفه؛ لأن فيه سليمان بن قرم بن معاذ، قال الحفيد في التيسير ص595 ضعفه عبد الحق وابن القطان.
قال الحافظ في التقريب: سيئ الحفظ. وهذه العلة في الضبط.
والحديث يدل على انه لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة.
ويشهد للحديث ما جاء عن أبي موسى مرفوعًا: "ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا". رواه الطبراني وقال العراقي: إسناده حسن.

باب ما جاء في اللو
وقول الله تعالى: ]يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا[ [آل عمران: 154]. وقوله: ]الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا[ [آل عمران: 168] الآية.
في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان».
قال الشارح:
المسألة الأولى:
المصنف عرف لو هنا، مع أن "لو" حرف.
المسألة الثانية: ما حكم استعمال كلمة "لو"؟
المصنف هنا لم يقطع بحكم استخدام كلمة "لو"؛ لأنها تحتاج إلى تفصيل، وتفصيلها كالتالي:
1- إذا قيلت اعتراضًا على الشرع فهذا حرام ولا يجوز، وحكمها حكم الاعتراض على الشرع، وهو ينافي التوحيد. وكفر نفاق. وبالإجماع أن من أبغض شيئًا من الشريعة كفر ولأنه ينافي التسليم والانقياد ]ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[.
مثال ذلك: لو قال لو أن الله ما أوجب الحج، أو صلاة الفجر، أو الحجاب أو غيره من الشرائع، ودليل هذه المسألة الآية الأولى؛ لأن فيها اعتراضًا على الجهاد والخروج له، ولأنهم اعترضوا على رسوله.
2- أن تقال اعتراضًا على المقدور، كما لو سافر إنسان وأصابه شيء فقال: لو أنني لم أسافر لم يحصل الحادث، وأمثلته كثيرة.
ودليل هذا القسم الآية الثانية.
لو أطاعونا: أي سمعوا مشورتنا.

ما قتلوا: ما قدر عليهم القتل.
3- أن تقال على وجه التمني، وهذا حسب المتمنى: فإن كان خيرًا جازت، كما جاء في الحديث «لو أن لي مالاً لفعلت كذا وكذا ...» يريد الخير والمعروف، وقوله r «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي»، فتمنى التمتع المطلوب.
وكذلك قول: لو كنت مع الصحابة لجاهدت، أو لو كنت صغيرًا لحفظت كتاب الله، فهذه كلها أمان طيبة فتجوز، أما الأماني السيئة فلا تجوز، كقول: لو كنت حاضرًا لسرقت، أو لضربت يعني بغير حق، وأمثال ذلك.
4- إذا استخدمت "لو" لقصد التعليم أو التوبيخ فهي مثل لو استخدمت بقصد التمني، فإن كان التوبيخ على خير فتجوز، وإن كانت على ترك محرم فلا تجوز. ومثله: التعليم، يدل عليه قول ابن عمر في القدرية ... «لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا ما قبله الله».
"يقولون": أي: المنافقون.
لو كان لنا: هذا هو الشاهد.
الأمر: أمر التدبير والرأي والمشورة.
ما قتلنا: أي ما قتل بعضنا؛ لأن المقتول لا يتكلم، ويقصد هنا الاعتراض على الخروج إلى الجهاد، والاعتراض على أمر الرسول إذ أمرهم أن يخرجوا.
وقوله "هاهنا": أي في أحد.
مناسبة الآية: أن الاعتراض على الشرع بكلمة "لو" من صفات المنافقين.
الآية الثانية: ]الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ[ [آل عمران: 168].
لإخوانهم: يحتمل إخوانهم في النسب، ويحتمل إخوانهم في الإسلام، وهنا يكون باعتبار الظاهر؛ لأن المتكلم من أهل النفاق الاعتقادي.
وقعدوا: عن الجهاد.
لو أطاعونا: أي سمعوا مشورتنا بعدم الخروج "وهذا هو الشاهد".
والطاعة: هي الموافقة على وجه الاختيار.
ما قُتلوا: أي ما قدر عليهم القتل.

مناسبة الآية: أن الاعتراض على القدر بكلمة "لو" من صفات المنافقين.
في الصحيح: أي في مسلم.
احرص: الحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع.
وظاهر الأمر للوجوب، لكن فيه تفصيل:
1- الحرص على الواجب: واجب.
2- والحرص على الأمور المباحة والمستحبات: مستحب إذا كانت تنفع.
3- والحرص على الحرام: محرم.
ما ينفعك: ما: موصولية بمعنى الذي. والنفع هنا دنيوي وأخروي.
واستعن بالله: الواو للعطف، ويقصد منها الجمع أي: اجمع الحرص مع الاستعانة بالله، ولم يقل "ثم" هنا، وذكر الاستعانة هنا حتى لا يعتمد على الأسباب.
أما حكم الاستعانة فهي واجبة.
والاستعانة مع الحرص هذا كمال في التوحيد.
والاستعانة مع ترك الأسباب هذا قدح في العقل.
ولا تعجزن([1]): أمره بشيء ونهاه عن ضده، فأمره بالاستعانة والحرص ونهاه عن العجز.
وقوله "لا تعجزن": أي لا تفعل فعل العاجز وهو الكسلان.
أما حكم العجز، فإن أدى إلى ترك واجب فهذا حرام، وأما إن أدى إلى ترك ما لا إثم فيه فلا إثم فيه.
ولذا فإن "لا" ناهية.
فإن أصابك شيء: شيء نكرة فتعم.
ولاحظ أن الأمور مرتبة هنا، فيبدأ أولاً بالاستعانة ثم بفعل الأسباب.
وإذا حصل له شيء بعد ذلك فقد بين رسول الله r ماذا يفعل.
فرتبة المكروه بعد الحرص والاستعانة.
ولا: ناهية والنهي يقتضي التحريم؛ لأن هذا فيه اعتراض على المقدور.


([1]) في بعض النسخ (ولا تعجز).

رد مع اقتباس
  #62  
قديم 09-18-2012, 02:46 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

«لو أني فعلت لكان كذا» وهذا الشاهد على الاعتراض على المقدور.
وقوله: فلا تقل: هذا خطاب لمن أصابه شيء. بقي الطرف الثاني الذي لم يصبه شيء هل يقول لأخيه ذلك مثلاً فيقول لو أنك فعلت؟ حسب التقسيم السابق فحكمها حكمه.
وهذا الرجل اعترض على المقدور بعد فعل الأسباب وهذا مجرم، وأشد منه تحريمًا من اعترض على المقدور ولم يفعل شيئًا من الأسباب.
ولكن قل: "قدر الله":
ذكر الشيخ ابن جبرين في الفوائد أن المشهور عندهم قدر الله بدون تشديد، وقال: هكذا يضبطها مشائخنا، والظاهر أنها على الوجهين، تأتي بالتشديد وبدونه.
قدر الله: أضاف القدر إلى الله. من باب إضافة الصفة إلى الموصوف؛ بمعنى أن هذا فعل الله وما قدره وكتبه.
وقوله "قدر الله": بمعنى المراتب الأربعة للقدر. بمعنى أن الله علمه، وكتبه، وشاءه، وخلقه.
وما شاء فعل: هذا من باب عطف البعض على الكل؛ لأنه مشيئة الله بعض قدر الله، فالقدر له أربعة مراتب منها المشيئة. ويحتمل أنه عطف تغاير فيكون قدر الله أي فعل الله وخلقه ويحمل على آخر مرتبة وقوله ما شاء يحمل على مرتبة المشيئة بالمطابقة وتدل على العلم والكتابة باللازم.
وهذا الكلام له فائدة في النفس؛ بمعنى أن ما وقع ليس لنا فيه حيلة.
وقوله "قل": يقصد به قول القلب واللسان، ولذلك فإنه يجهر بها.
قل: هنا هل هي للاستحباب أو للوجوب؟
أما في القلب فواجب. أما اللسان فيحتمل هذا ويحتمل هذا.
ثم علل الرسول «المنع من كلمة لو».
قال: «فإن لو تفتح عمل الشيطان».
وعمل الشيطان هنا: ما يلقيه في القلب من التحسر والندم والحزن، والظاهر أن الشيطان هنا هو الشيطان الجني، وهو متشيطنة الجن.

والعمل هنا عمل خفي وهو الوسوسة في القلب. وفيه أن للشيطان عمل وتأثير([1]).
مناسبة الحديث:
أن الاعتراض على المقدور بكلمة "لو" بعد الحرص والاستعانة وفعل الأسباب محرم ومن عمل الشيطان فكيف إذا كان مع ترك الأسباب فهو أشد؟ وإنما المطلوب من المسلم أن يفعل أو يعمل استعانة وحرصًا، ثم لا يجزع بعد ذلك من المقدور.

باب النهي عن سب الريح
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به» [صححه الترمذي].
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة.
النهي: طلب الكف على سبيل الاستعلاء، والأصل فيه التحريم.
وقوله: "سب": هو العيب والقدح والذم واللعن.
وقوله سب الريح: هذا من الاعتراض على قدر الله، لكن بدون كلمة "لو"، وإنما بالسب المباشر.
الحديث: «لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به» [صححه الترمذي].
لا: ناهية، وهذا يعطينا حكم سب الريح وأنه حرام.
تسبوا: مرّ بنا معنى السب.
ومن أمثلة سب الريح: كأن يقول: «بئست هذه الريح»، أو «هذه ريح شريرة»، «الله يكره هذه الريح» ومثل قوله: «يا شين ها الريح».
أما علة النهي عن سب الريح؛ لأن سبها سب لخالقها، كما أخذنا في باب «سب الدهر».
مسألة: أحيانًا يكون سب الريح يخرج من الملة.
فيما إذا اعتقد أنها مستقلة بالفعل.
فسب الريح على قسمين:
1- أن يسبها ويعتقد أنها مخلوقة مأمورة فهذا محرم، وعليه يحمل حديث أبي.
2- أن يسبها على أنها فاعلة وهذا شرك في الربوبية، قال تعالى: ]هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ[ [فاطر: 3].

"فإذا رأيتم": ومثله إذا سمعتم أو علمتم.
ما: موصلية بمعنى الذي.
وما يكره من الريح كشدة حرها أو شدة بردها.
فقولوا: الأصل في الأمر أنه للوجوب، ولكنه هنا للاستحباب؛ لأنه مبني على الإرشاد والتعليم.
اللهم: أي يا ألله.
نسألك من: تبعيضية، وهذا يدل على أن الريح فيها خير وفيها شر.
فيسأله من خيرها: وخير الريح مثل: إزالة الروائح، أو دفع السفن.
وخير ما فيها: أي ما تحمل، ففي للظرفية. مثل ما تحمله من اللقاح ]وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ[.
وخير ما أمرت به: مثل إثارة السحب.
فسأل الله ثلاثة أمور:
1- أمر يتعلق بها. 2- أمران فيما يتعلق بما تحمله وتُؤمر به.
ويقصد بالأمر هنا الأمر القدري، والآمر هو الله.
الاستعاذة: طلب العوذ.
من: تبعيضية.
وهنا استعاذ من شر الريح لا من الريح فلا يقول أعوذ بالله من الريح إنما شر هذه الريح.
وهنا مسألة: ما حكم لو استعاذ من الريح، فقال: أعوذ بالله من الريح، أو أعوذ بالله من الهواء؟ هذا لا يجوز، فالاستعاذة من شرها لا منها، ولأن الاستعاذة منها مطلقًا قدح في تقدير الله. وهنا قال: الريح، ولو قال: الرياح فجائز.
وشر ما فيها: من الحر والبرد والميكروبات والحشرات وما تنقله من الأمراض والأتربة.
وما أمرت به: فإنها تؤمر بإهلاك قوم، كما حصل لقوم عاد، فإن الله أرسل عليهم ريحًا صررًا عاتية.
مسألة: ويقاس على تحريم سب الريح تحريم سب كل مخلوق مسير، كسب السحاب، وكسب الزلازل، فإنه لا يجوز كذلك.


([1]) كما قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا} [المجادلة: 10].

رد مع اقتباس
  #63  
قديم 09-18-2012, 02:46 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

باب قول الله تعالى
]يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ[ [آل عمران: 154] الآية. وقوله: ]الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ[ [الفتح: 6] الآية.
قال ابن القيم في الآية الأولى: فسّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو الظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره أو أنكر أن يكون قدره بحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك: هل أنت سالم؟
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة.
قال الشارح:
المسألة الأولى: عنوان هذا الباب.
وجوب الظن الحسن بالله وتحريم الظن السيئ بالله.
المسألة الثانية: تعريف الظن اصطلاحًا:
هو الاحتمال الراجح، لكن هنا يقصد به اليقين أو ما يشبه اليقين.
المسألة الثالثة: الظن بالله على قسمين:

القسم الأول: أن يظن بالله خيرًا من ناحيتين:
الأولى: أن يظن بالله خيرًا فيما يفعله تعالى في الكون على وجه العموم، من خلق الجبال والشمس وأن الله فعله لخير، أو ما يحدث في الكون من نكبات وحوادث، وأنه يريد بها خيرًا، وأنها حكمته وعدله.
الناحية الثانية: ما يفعله الله فيما يختص بالناس، فيظن فيما يحصل له أو يحصل لغيره من الناس أنه خير كالمصائب.
القسم الثاني: أن يظن بالله شرًا من ناحيتين:
الأولى: فيما يفعله في الكون، وضرب له ابن القيم في الباب أمثلة كثيرة:
من أن الله لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، ومثل قول الإنسان: ما الفائدة من الشمس ومن الجبال، وأن البحار عبث.
الناحية الثانية: ما يفعله الله في الناس، كقوله: ما الفائدة من كون الإنسان أعرج أو أعمى؟ أو أن هذا الشخص لا يستحق ما حصل له من شر، وأن اختلاف الألوان لا حكمة فيه، وهذا الظن الأخير هو أكثر ظن السوء باعتبار الكمية، وأشار إليه ابن القيم كما سوف يأتي.
ومن أمثلته: أن يتوب ولكن ليست توبة نصوحًا، ويظن أن الله يقبلها، فهذا من الظن السيئ.
ومثله لو تاب توبةً نصوحًا وظن أن الله لا يقبلها فهذا ظن سوء بالله، وإنما الظن الحسن أن يتوب توبةً نصوحًا ويظن القبول.
أما باعتبار الحكم:
فالقسم الأول: واجب.
والقسم الثاني: محرم، لكن بعضه ينافي التوحيد، وبعضه ينافي كمال التوحيد. الظن الذي يعود على أن الله ليس بحكيم ولا عدل فهذا كفر، وأما غير ذلك فهو ينافي كمال التوحيد الواجب.
مسألة وردت آثار عن الصاحبة والتابعين تدل على خوفهم من عدم قبول

طاعتهم فهل هذا من سوء الظن؟
الجواب: لا؛ بل هذا من باب اتهام النفس، والتقصير والخوف من ألا تكون مخلصة؛ مع أنهم يظنون ويعتقدون أن المخلص يجازيه الله ولا يضيع عمله، وهذا حسن ظن بالله.
شرح الآية:
يظنون: الضمير يعود على المنافقين.
غير الحق: أي الباطل، وهو الظن الذي لا يحصل من الله.
ظن الجاهلية: نسب الظن إلى الجهل والسفه.
وسميت ظنون الباطل ظن السوء لأنها في غير محلها.
وسوف يذكر ابن القيم أمثلة لظنون المنافقين.
مناسبة الآية: تحريم سوء الظن بالله وأنه دليل النفاق، وهو ينافي التوحيد أو كماله الواجب بحسب الظن.
الآية الثانية:
الظانين بالله ظن السوء: يقصد بهم ها المشركون. وذكر ابن القيم أمثلة تأتي في هذا الظن.
مناسبة الآية:
تدل على تحريم الظن السيئ وأنه من أعمال الكفار.
قال ابن القيم في الآية الأولى: هنا ذكر عدة أمثلة لظن الجاهلية كلها ظنون من جهة الإسلام والرسول، وظنون من جهة الدنيا،وما يحصل فيها من الكون أو في الناس أنه ينافي الحكمة.
المثال الأول: لا ينصر رسوله.
المثال الثاني: أن أمره سيضمحل.
المثال الثالث: أن ما أصابهم لم يكن بقدر، وهذا ظن المعتزلة.
المثال الرابع: أن ما أصابهم لم يكن لحكمة، وهذا ظن الأشاعرة لكنهم يردونه إلى المشيء.
المثال الخامس: إنكار أن يتم الله أمر رسوله ويظهره على الدين كله.

ونضيف بعض الظنون المعاصرة:
ظن العلمانيين أن الدين لا يصلح لهذا العصر، وأن الحدود قسوة ورجعية، وأن الإسلام وأتباعه في طريقهم إلى الاندثار.
ثم ذكر ابن القيم من الذي يظن ظن الجاهلية، وهم ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: المنافقون، ويدخل فيه علماني هذا العصر.
الطائفة الثانية: المشركون.
الطائفة الثالثة: عُصاة أهل التوحيد، لكن في بعض أقسام الظن التي لا تخرج من الدين، كما لو ظن أن هذا الشخص لا يستحق هذه المصيبة، أو أن التوبة غير النصوح مقبولة.
وقول ابن القيم: «وإنما هذا ظن السوء لسبب وهو أنه غير لائق به سبحانه».
ومنه نأخذ قاعدة في الظن السيئ: أنه الظن الذي لا يليق بالله تعالى.
ثم عاد ابن القيم إلى ضرب أمثلة أخرى لظن الجاهلية فقال: «فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق» وهذا ظن المنافقين والمشركين.
«أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره» وهذا ظن المعتزلة «أو أنكر أن يكون قدره بحكمة بالغة يستحق عليها الحمد بل زعم أن ذلك بمشيئة مجردة» فهذا ظن الأشاعرة.
]ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ[ [ص: 27]، علمًا بأن الظنون السابقة كفر، وبعضها لا يخرج من الملة كظن الأشاعرة والمعتزلة، فإنه يوجب التبديع والتفسيق، ولكن لم يكفروا لوجود التأويل.
قال ابن القيم: "وأكثر الناس".
من هنا القسم الثاني؛ وهو ظن الجاهلية، وهو ما يتعلق بالناس. قال: "وأكثر الناس" يؤخذ منه أن هذا الظن المشار إليه أكثر باعتبار الكمية؛ لأن أكثر الناس عندهم الاعتراض على القدر والمشيئة أكثر من الاعتراض على الحكمة وخاصة عُصاة الموحدين، «يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، كما لو أصابه شيء ظن أنه غير مستحق له».
وفيما يفعله بغيره: هذا هو القسم الثاني، فيما يختص بالناس. مثل شخص

رد مع اقتباس
  #64  
قديم 09-18-2012, 02:46 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

مبخوس الحق مظلوم فيما يحصل له.
* ثم أشار ابن القيم بعد ذلك إلى مسألة: وهي [من هو الذي يسلم من سوء الظن بالله؟].
الجواب: يسلم الموحَّد. قال ابن القيم «ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده، فليعتن اللبيب والناصح بنفسه بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامة عليه، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم».
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة.
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا.
فأشار في آخر كلمته أن هذا أمر عزيز ونادر لا يسلم منه إلا من وفقه الله.

باب ما جاء في منكري القدر
وقال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي r «الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره». [رواه مسلم].
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: «يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله r يقول: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» يا بني سمعت رسول الله r يقول: «من مات على غير هذا فليس مني»».
وفي رواية لأحمد: «إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة».
وفي رواية لابن وهب: قال رسول الله r: «فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار».
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي، فقال: «لو أنفقت مثل أحد ذهبًا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار». قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي r. حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه.
قال الشارح:
المسألة الأولى: نبذة تاريخية عن منكري القدر:
وقعت هذه البدعة الاعتقادية بعد عصر الخلفاء الراشدين، وعاصرت متأخري الصحابة كابن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، وهم الذين وردت أحاديثهم

في هذا الباب. وأول من أظهرها بالبصرة معبد الجهني، فهو الذي تبناها وانتشرت من بعده.
المسألة الثانية:
هذا الباب يتعلق بتوحيد الربوبية وهو خلق الله وتصرفه، ويتعلق بالأسماء والصفات في صفة العلم والمشيئة.
المسألة الثالثة: منكرؤ القدر على قسمين:
القسم الأول: غلاتهم، وهم الذين ينكرون القدر بمراتبه الأربع، فينكرون علم الله للأشياء، أي أنه لا يعلمها حتى تقع، ويلزم منه إنكار بقية المراتب. وهؤلاء هم الذين عاصروا ابن عمر وسئل عنهم، وهم الذين كفرهم الأئمة مالك والشافعي وأحمد.
وقالوا: ناظروهم بالعلم: فالألف واللام للعهد، أي علم الله بالأشياء هل يعلمها أم لا، كمناظرتهم بقوله تعالى: ]إنَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمً[ [الأنفال: 75] وقوله: ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ...[ [الأنعام: 598] ويوضعون بين خيارين: فإن أقروا بعلم الله خصموا، وإن أنكروا كفروا.
وأدلة هذا القسم هي الأحاديث التي ذكرت في الباب.
القسم الثاني: جمهور المعتزلة، وهم الذين أقروا بعلم الله، فأثبتوا المرتبة الأولى وهي العلم، وأثبتوا مرتبة الكتابة، ولكن أنكروا مرتبة الخلق والمشيئة.
والظاهر أنه ليس في كل شيء، وإنما أنكروا الخلق والمشيئة فيما يتعلق بأفعال العباد فقالوا: عن أفعال العباد لم يشأها الله ولم يخلقها، وإنما خلقها الإنسان.
وهؤلاء بدّعهم الأئمة وفسقوهم وضللوهم، وفي تكفيرهم قولان للسلف.
المسألة الرابعة: شرح الترجمة:
قوله منكري: مر علينا أنهم على قسمين: إنكار كلي وهو إنكار غلاتهم، وإنكار جزئي وهو إنكار جمهور المعتزلة.
القدر: ما قدره الله وقضاه بعد ما علمه وكتبه وشاءه.
قال ابن عمر.......
حديث ابن عمر في وجوب الإيمان بالقدر وبيان مكانته.

والذي نفس ابن عمر بيده: هذه صيغة من صيغ القسم، وهنا أقسم بصفة من صفات الله.
لو كان لأحدهم: استخدام كلمة "لو"، وهي هنا جاءت للتعليم وبيان الحكم.
لأحدهم: يقصد غلاة القدرية، لأن السؤال وقع عنهم، وقد سأله بعض التابعين أن عندهم أناس يزعمون ألا قدر وأن الأمر أنف، فتبرأ منهم ابن عمر وقال كلامه هذا.
مثل أحد ذهبًا: التمثيل للتقريب.
ما قبله: ما نافية، فنفى قبول أعمالهم لأنهم كفروا.
وهذا ليس من التألي على الله، إنما هو من القسم على الأحكام الشرعية، فالكافر لا يقبل الله منه نفقة، ]إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[ [المائدة: 27] ودلالتها بالمفهوم وقوله تعالى: ]وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ[ [التوبة: 54]. يؤمنوا: يصدقوا باطمئنان.
بالقدر: بعلم الله وكتابته ومشيئته وخلقه.
ثم استدل: ثم للترتيب والتراخي، وفيه أن الدليل يكون بعد الحكم وقد يكون قبل.
وفيه أيضًا ذكر الحكم مقرونًا بدليله، لكن هل يجب أو يستحب؟
مر علينا أنه يستحب، أما قيام الأحكام على الأدلة فهذا واجب.
ثم ساق حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه والشاهد منه آخره «أن تؤمن بالقدر خيره وشره».
وفيه: ذكر الدليل أيضًا كله وإن كان الشاهد في بعضه.
خيره وشره: يفهم منه أن القدر فيه شر لكن ليس على عمومه، فهو شر نسبي اعتباري، أما باعتبار فعل الله فليس بشر، قال r: «والشر ليس إليك»، وأما باعتبار المقدور والمخلوق فهذا يأتي منه خير ويأتي منه شر.
مناسبة الحديث: فيه كفر منكري القدر إن كان الإنكار لعلم الله.
مسألة: أي منهج ابن عمر في مقاومة أهل البدع الغليظة:
هنا ابن عمر تبرأ منهم وغلظ عليهم القول وشدد؛ لأن بدعتهم عظيمة وهي طامة كبرى وليس كمنهج المتأخرين من قولهم بسياسة الموازنات مع أهل البدع والاحتواء مع

أن هؤلاء الذين واجههم ابن عمر يعتبرون من القراء وممن عندهم علم ومع ذلك لم يفصل فيهم ابن عمر ويوازن بل تبرأ منهم.
ولو حصل مثل هذا اليوم لقالوا لا بد من التفصيل، فلا بد أن تقل هؤلاء علماء وفيهم كذا وكذا من الثناء ثم تقل ولكنهم اجتهدوا فأخطئوا، هذا المسلك مسلك مبتدع ومحدث، وإنما سياسة ابن عمر وغيره أن القراء والدعاة ومن عنده علم إذا ابتدعوا وأحدثوا أن يغلظ عليهم ويعزرون بالكلام من أجل صد الناس والعوام عن بدعتهم، وهذا المنهج ليس خاص بابن عمر بل فعله والده عمر مع صبيغ المبتدع وفعله علي بن أبي طالب ومن معه من الصحابة مع الخوارج العباد.
وطريقة العلماء مع عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وكانوا علماء ابتدعوا، ومع مرجئة الفقهاء وكانوا علماء وفقهاء لكن ابتدعوا ومع ذلك غلظ عليهم مالك والأوزاعي وشريك بألفاظ شديدة.
كل هؤلاء العلماء من الصحابة وغيرهم لم يسلكوا مسلك سياسة الموازنات والاحتواء وسياسة ترك الردود بحجة وحدة الصف أو بحجة أن هناك عدو خارجي أو بدعوى المصلحة أو بحجة أن هذا اجتهادي وهذا اجتهادكم دون دليل شرعي صحيح تحت غطاء فهم الواقع.
مسألة: هناك فرق بين الحوار مع أهل البدع ورد بدعتهم والتغليظ فيها.
أهل البدع إذا نشروا بدعتهم وأظهروها فهذا يبادر في ردها والتغليظ فيها حماية للعوام وردعا لغيرهم، وهذا يسمى باب حماية وتعزير، ثم في نفس الوقت يحاورون ويناصحون لعلهم يرجعون ويعلنون رجعوهم ولا بد، وهذا باب آخر وهناك فرق بين البابين لأن الباب الأول لمصلحة الناس والثاني لمصلحتهم والجهة منفكة.
مسألة: حكم الإيمان بالقدر؟
الجواب: فرض ولازم، وهو أحد أركان الإيمان الستة كما جاء في حديث عمر السابق.
حديث عبادة بن الصامت:
موضوعه: كيفية الإيمان بالقدر.

رد مع اقتباس
إضافة رد
 
ضع تعليق بحسابك في الفيس بوك


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع



الساعة الآن 05:42 PM.
 

Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

   

تصميم المنافع لتقنية المعلومات