رادارت الوطن العربي مركز الطقس للرصد الجوي (مباشر) مركز الطقس للأقمار الصناعيه (مباشر) البرق( مباشر )
العودة   الطقس > المنتديات العامة > المرصد العام
اسم العضو
كلمة المرور

المرصد العام للمواضيع العامة والنقاشات الحرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #49  
قديم 09-18-2012, 02:40 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

ومشيئة المخلوق مخلوقة، والله هو الخالق لها. وهي للعبد كسبًا وفعلاً يؤاخذ عليه بها.
ولذا قلنا: ما خلق الله فيه.
والمعتزلة يقولون: مشيئة العبد مخلوقة، ولكن الخالق لها هو العبد.
وعكسهم الجبرية: فليس للعبد عندهم فعل ولا اختيار.
المسألة الثالثة: حكم قول: «ما شاء الله وشئت».
تنقسم إلى قسمين:
الأول: أن يعتقد أن مشيئة العبد مثل مشيئة الله بالتصرف، فهذا شرك أكبر قال تعالى: ]إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ[ [الشعراء: 98].
الثاني: أن يعتقد أنها أقل من مشيئة الله لكن عطفها على مشيئة الله بالواو، فهذا شرك أصغر، وهذا هو المقصود في هذا الباب، ويدل عليه أحاديث الباب.
سبب كونه شرك أصغر: لأن الواو تقتضي العطف أو المساواة بالمشيئة، ومعروف أن مشيئة المخلوق رتبتها بعد مشيئة الله.
الحديث الأول:
قتيلة: هذه صحابية.
أتى: إتيان عيب وقدح لا من باب النصيحة.
قال إنكم: الخطاب للمسلمين، وأكد ذلك بـ"أن" مما يدل على أن اليهود يعرفون الشرك، فليس عندهم جهل لكن عندهم عناد.
وانتقد المسلمين بمسألتين كلتيهما من الشرك:
الأولى: التسوية بين الله والمخلوق في لفظ المشيئة.
الثانية: الحلف بغير الله.
فأمرهم: الأمر" طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
إذا أرادوا أن يحلفوا: أي إذا حلفوا.
الشاهد: «وأن يقولوا ما شاء الله وشئت».
ووافقه النبي r على أن قول ما شاء الله وشئت أنه من الشرك، ولكنه هنا من

الشرك الأصغر لأمرين:
1- نظرًا لاعتقاد الصحابة.
2- قوله r في الحديث الثالث: كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم، ولو كان من الشرك الأكبر لما تردد r لأن الشرك الأكبر معروف النهي عنه.
قول: «ما شاء الله ثم شئت»:
هذه أحدى الصور، وصورها ثلاثة:
أكملها أن يقول: ما شاء الله وحده، وهذه جاءت في الحديث الثاني والثالث.
الصورة الثانية: أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وهذه هي الصيغة الواجبة لقوله: «فأمرهم أن يقولوا ما شاء الله ثم شئت».
الصورة الثالثة: ما شاء الله وشئت وهذه حرام.
مناسبة الحديث: قول ما شاء الله وشئت إذا لم يكن فيها اعتقاد أنه مساوٍ لله فإنه من الشرك الأصغر.
رواه النسائي وصححه: وهذا حكم على الحديث بالصحة.
وله: أي النسائي.
ما شاء الله وشئت: عطف بالواو.
أجعلتني لله ندًا: مثيلاً ومساويًا لله، وهذا من باب الإنكار على هذا القائل.
وأرشده النبي r هنا إلى أفضل الصيغ وهي أن يقول «ما شاء الله وحده».
وجه مناسبة الحديث: أن قول: ما شاء الله وشئت من جعل لله ندًا، لكنه ليس أكبر لقوله في الحديث بعده: كان يمنعني كذا وكذا، وبالنظر أيضًا إلى حال الصحابة فما كانوا يسوون بين الله وخلقه في المشيئة، فيكون من باب شرك الألفاظ.
الحديث الثاني:
رأيت: هذه رؤيا منامية لقوله في آخر الحديث «كأني ...».
إنكم لأنتم القوم: هذا فيه إشكال؛ لأنه أسلوب مدح، لمنه لم يقصد المدح هنا لوجود مانع يمنع من مدحهم، ومعنى الكلام: لولا أنكم تقولون: عزيرٌ ابن الله لنعم القوم أنتم.

النصارى: سماهم نصارى، وهذا اسمهم في الكتاب والسنة، ومن الخطأ تسميتهم مسيحيين.
فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت: فيه جواز الإخبار بالرؤيا.
ثم أتيت النبي r فأخبرته: فيه اعتناء الرسول r بالرؤيا لأنها من أقسام الوحي.
فحمد الله: أي خطب الناس وحمد الله: أي قال: الحمد لله.
الثناء: تكرار المحامد والأسماء والصفات.
أما بعد: هذه كلمة تُقال إذا أراد أن يدخل في الموضوع.
كان يمنعني كذا وكذا: جاء عند أحمد: كان يمنعني الحياء.
والحياء المانع هنا: ليس الحياء المانع من الحق ولكن الحياء من الله؛ لأنه لم يؤمر بشيء، فكان يكرهها في نفسه، ولكن كان يستحيي من الله أن يتقدم وينهى عنها قبل أن يأمره الله، فلما جاءت الرؤيا تقرر عنده النهي؛ لأن الرؤيا كانت من الوحي حيث أقره النبي r عليه.
أن أنهاكم: أي أحرّم عليكم.
فلا تقولوا: لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
ما شاء الله وشاء محمد: يدل على أن هذه الصيغة محرمة، ولم يذكر هنا الصلاة والسلام مما يؤيد القول بعدم الوجوب.
ولكن: للاستدراك.
قولوا: ظاهر الأمر أن صيغة «ما شاء الله وحده» واجبة، وليس كذلك؛ بل الأمر هنا للاستحباب.
والصارف هو: حديث قتيلة: «فأمرهم أن يقولوا ما شاء الله ثم شئت».
مناسبة الحديث: أن قول ما شاء الله وشاء فلان أو محمد من الشرك الأصغر.

باب من سب الدهر فقد آذى الله
وقول الله تعالى: ]وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ[ [الجاثية: 24] الآية.
في الصحيح عن أبي هريرة، عن النبي r قال: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار» وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».
قال الشارح:
المسألة الأولى:
هذا الباب يتعلق بتوحيد الربوبية وتعظيم الله سبحانه وتعالى. وهذا هو الباب الخامس.
المسألة الثانية: شرح الترجمة:
السب: هو الشتم والتقبيح وهو غير اللعن، وإن كان اصطلاح العوام أن السب هو اللعن.
مثال السب: أن يقول: قبّحه الله، أو يذكر فيه صفات قبيحة.
الدهر: يقصد به الزمان والليل والنهار.
فقد: الفاء واقعة في جواب الشرط.
آذى الله: أي أن السب يؤذي الله عز وجل لكن لا يضره، وهناك فرق بين الأذية والضرر. فهم يؤذون ولكن لا يضرون. قال تعالى ]لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى[ [آل عمران: 111]، ]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[ [الأحزاب: 57] ومن سمع ما يكره فإنه يتأذى به.
المسألة الثالثة: لماذا مسبة الدهر أذية لله؟
لأنه يُنافي تعظيم الله، وفيه اعتراض على الله فيما أوجد في الدهر من الحوادث.
المسألة الرابعة: حكم سب الدهر؟
ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 09-18-2012, 02:40 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

القسم الأول: أن يسبه على أنه فاعل للحوادث، وهذا شرك أكبر يدل عليه الآية الأولى.
القسم الثاني: أن يعتقد أن الله هو الفاعل، ولكن يسبه لأنه وقعت في الدهر أمور مكروهة وحوادث مؤلمة، وحكمه: محرم.
مثل قوله: هذا يوم أسود على وجه التأفف، وقولهم: لا بارك الله في هذه الساعة، وقولهم: يوم مشئوم، وقولهم: طفشنا من هذا الحر، أو يسب البرد.
ومثل: الأيام الحالكة، أو أيلول الأسود، أو أيام النكسة ومثل ذلك: ما أقسى القدر، ورد على هذه اللفظة ابن باز رحمه الله في فتاويه.
أو قول: هذا زمان غدَّار.
ومثله: الشام شامك إذا الزمن ضامك، وهذا فيه نسبة الضيم إلى الزمان.
القسم الثالث: أن يصف الدهر بالشدة أو الغلظة، ويقصد الخبر المحض دون اللوم والتأفف، وهذا جائز. قال تعالى: ]ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ[ [يوسف: 48] على لسان يوسف، وقوله: ]سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا[ [الحاقة: 7] ومثال ذلك قوله: هذا يومٌ شديد الحر.
ودليل الجواب: أن يكون مبنيًا على سؤال أو يقصد به التحذير.
مثال: لو سأل عن الجو فأجبت بأنه شديد الحرارة، أو أوصى بأن لا يلبس الثياب الغليظة لأن الحر شديد، ودليل ذلك الآيات المتقدمة مع قوله r: «إنما الأعمال بالنيات».
المسألة الخامسة: قول القائل: عام الحزن، وعام المجاعة.
هذا من باب الإخبار وهذا جائز.
المسألة السادسة: متى زمن سب الدهر؟
عادة الهر يُسب عند النوازل، وعند الحوادث المكروهة.
الآية: ]وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ[ [الجاثية: 24].

وقالوا: الواو تعود إلى كفار قريش.
ما هي إلا حياتنا: هذا أسلوب حصر، أي ليس هناك آخرة ولا بعث.
وما يهلكنا إلا الدهر: ما: نافية، وهذا الأسلوب من أقوى أساليب الحصر.
وهذا هو الشاهد: أي ما نموت إلا بسبب طول السنين، أو بسبب الأمراض والأوجاع لمن قصرت مدته.
مناسبة الآية: أن نسبة الحوادث إلى الدهر خلقًا وإيجادًا كفر.
الحديث: قال الله تعالى: «يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار» وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».
هذا الحديث يسمى حديثًا قدسيًا.
والحديث القدسي: ما صُدّر بقول: قال الله تعالى.
يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر: هذه جملة تعليلية للإيذاء.
وأنا الدهر: أنا مقلب الدهر، يدل عليه ما بعده: «أقلب الليل والنهار».
هل الدهر اسم من أسماء الله؟
وقع خلاف بين العلماء، فأثبته ابن حزم، والصحيح أنه ليس من أسماء الله لأمور:
1- أن السياق يأبى ذلك؛ لأنه فسره بقوله: «أقلب الليل .......».
2- أن أسماء الله حسنى ]وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[ [الأعراف: 180] والدهر اسم جامد لا يتضمن كمالاً.
3- لو كان من أسماء الله لكان كلام الكفار صحيحًا حينما قالوا: وما يهلكنا إلا الدهر.
وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».
لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
تسبوا: السب هو الشتم والتقبيح والضجر والتأفف.
فإن الله هو الدهر: أي مقلب الدهر.
مسألة: ما حكم قول: «لم تسمح لي الظروف» أو «لم يسمح لي الوقت» هل هي مسبة للدهر؟

فيه تفصيل:
إن كان يقصد: لم يحصل وقت يتمكن فيه من الحضور، فهذا جائز.
وإن كان يقصد: أن الظروف لها أثر في المنع، فهذه لا تجوز.
مسألة: ما حكم قول: «تدخل القدر» أو «تدخلت عناية الله»؟
قوله «تدخل القدر» لا يجوز؛ لأنه يُوحي أن القدر مُعتدي، ويقصد بالقدر هنا فعل الله لأن الله هو المتصرف بالقدر.
وقوله «تدخلت عناية الله»: هذه فيها إيهام فلا تجوز. وفي كلا الحالين فلا تُنسب الحوادث إلى صفات الله إنما تُنسب إلى الله. ومثله شاءت قدرة الله. إنما يقول شاء الله.

باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي r قال: «إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله».
قال سفيان: مثل «شاهان شاه».
وفي رواية: «أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه». قوله «أخنع» يعني أوضع.
قال الشارح:
المسألة الأولى:
هذا الباب له علاقة بتوحيد الربوبية والتعظيم، فيكون الباب السادس.
المسألة الثانية: شرح الترجمة:
التسمي: ومثله الاتصاف.
بقاضي: القاضي هو الحاكم.
القضاة: الألف واللام للعموم.
المسألة الثالثة: حكم التسمي بقاضي القضاة وأمثاله؟
على قسمين:
القسم الأول: أن يكون الاسم قد تسمى الله به أو اتصف الله به، فلا يجوز إطلاقه على وجه العموم لغير الله، كالملك من أسماء الله فلا يجوز أن تقول: «ملك الأملاك» على وجه العموم والإضافة، فهذا فيه عدم تعظيم لله وعدم إفراده بالملك.
ومن أسماء الله السيد، فلا يجوز أن يُقال للمخلوق «سيد السادات» ودلالة العموم هي الإضافة.
والله يوصف بأنه عظيم ]هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ [البقرة: 255] فلا يجوز أن تقول للمخلوق «عظيم العظماء» بالإضافة.
ومن هذا القسم: «قوي الأقوياء» و«كبير الكبراء» و«حاكم الحكام» و«سلطان السلاطين» و«حكيم الحكماء» ويقال عليها ما هو مثلها.

رد مع اقتباس
  #51  
قديم 09-18-2012, 02:42 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وضابطها: أن الله تسمى بها أو اتصف ثم يقولها لغيره على وجه العموم والإضافة.
حكمه: لا يجوز، وهو من باب الشرك بالألفاظ، وهو من الشرك الأصغر.
القسم الثاني: ألا تكون من أسماء الله ولا صفاته، ولكن تقال على وجه العموم، فهذه لا تنبغي. مثل: شيخ الإسلام، أو شيخ المسلمين؛ إلا أن يقصد به أبو بكر فهذا حق.
وشيخ الإسلام: "أل" فيها للعموم، فلا ينبغي إطلاقها على أبي العباس ابن تيمية ولا غيره من العلماء غير الصحابة وعندي الأفضل تركها.
1- لأن فيها تزكية.
2- تشبهة بالأعاجم.
3- لم ترد، ومثله: تاج الدين، وأما تقي الدين: فإن فيها تزكية أيضًا.
4- ولأن فيها اعتداء على الصحابة فإذا كان هذا شيخ الإسلام فماذا يكون أبو بكر وعمر وغيرهما.
5- ولحديث «أنزلوا الناس منازلهم» ومنازل العلماء أقل من منازل الصحابة.
6- واقتداء بالرسول r حيث قال «أحب أن ترفعوني فوق منزلتي» الحديث، فالتسمي بشيخ الإسلام رفع فوق المنزلة.
أمير المؤمنين: يجوز إن قيدت ببلد معين وزمن معين، إلا أن قصد فيها أبو بكر وعمر أو من له إمارة عامة لجميع المؤمنين وإن قيلت على وجه العموم من باب الإغاظة للكفارة والمنافقين فلا مانع لحديث «إنما الأعمال بالنيات» ولقوله تعالى: ]وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ[ الآية.
أما حجة الإسلام، أو حجة الله، فهذه لا يجوز إطلاقها إلا على الرسل، فهم حجة الله على خلقه.
ومثل ذلك: عالم العلماء، وشيخ المشايخ، وأزهد الزهداء، وإمام الأئمة، وبطل الأبطال.
ما حكم كنية "صاحب الجلالة" و"صاحب السمو" و"صاحب الفخامة"؟
الجواب: هذه فيها تزيكة وتعظيم فلا تجوز لقوله r: «لا تقولوا

للمنافق سيد فإنكم إن قلتم ذلك أغضبتم ربكم» رواه الحاكم، ولأنه فيها كذب فإن كلمة صاحب تدل على المصاحبة وهذا إدعاء أن الجلالة مصاحبة لهم وأن السمو والرفعة مصاحبة لهم.
ما حكم قول: المفتي الأكبر.
هذه لا تجوز أيضًا للأدلة السابقة.
أما هذه الألفاظ لو قُيدت فإنها تجوز، كما جاء في الحديث «أقضاكم علي» أخرجه العراقي.
في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي r قال: «إن أخنع اسم عند الله رجلٌ تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله».
أخنع: أوضع.
اسم: مأخوذ من السمة وهي العلامة، ومأخوذ من السمو وهو الارتفاع، وهو ما يطلق على الشخص يقصد به تميزه عن غيره.
وكان وضيعًا عند الله مقابلة للمتُسَمي بنقيض قصده، لأنه لما ترفّع وتعاظم بهذا الاسم كان وضيعًا عند الله، وهذا يدلنا أن الأسماء التي فيها تعظيم وجبروت أن الله يبغضها، ويدل في المقابل أن الأسماء التي فيها تذلل وخضوع لله فإنه يحبها، ولذا جاء في الحديث «أحب الأسماء إلى الله "عبد الله" و "عبد الرحمن"».
والأسماء التي فيها تعبيد لله على قسمين:
1- ما كان معبدًا لاسم خاص بالله، مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد القدوس، عبد الرب، فهذا أكمل.
2- ما كان يطلق على الله وعلى غيره، فهذه أقل منها رتُبةً مثل: عبد الملك، وعبد العزيز.
رجل: هل تدخل المرأة في هذا الباب إذا سُميت بتسمية الرجل هنا؟
هنا فيها قولان لأهل العلم:
1- لا. لا تدخل لعدم المشابهة في التسمي لا في اللفظ ولا في المعنى.

2- أنها تدخل على اختيار سفيان لأن المقصود المعنى وهنا يحصل المعنى.
ملك الأملاك: هذا من باب المثال، ويدخل ما هو في معناه.
لا مالك إلا الله: تعليل للمنع.
ولا: نافية للجنس، ومالك: اسمها، والخبر محذوف تقديره على كلام الشارح ابن قاسم "حق" لا مالك حق. أما غير الله فله ملك، لكنه ليس حقيقيًا وإنما هو ملك نسبي قاصر.
أما الدليل على أن الإنسان يملك فقوله تعالى: ]مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ[ [النور: 33] وقوله r: «يا فاطمة سليني من مالي ما شئت» والمقصود أن المخلوق يثبت له الملك، لكن لا يثبت له عمومية الملك، ولذا لا يُقال «ملك الأملاك» لأنه عموم.
قال سفيان: مثل شاهان شاه.
سفيان: هو ابن عيينة.
شاهان شاه: هذه عند فارس معناها ملك الأملاك، وهذا يدل على أن التحريم للمعنى بأي لفظ أو لغة كانت؛ حتى لو كانت باللغة الأعجمية والإنجليزية ومعناها العموم، فإنه لا يجوز. وهذا يدل أن اختيار سفيان أن المعنى سواء تشابه في اللفظ أو المعنى.
استدلال سفيان من باب القياس.
والقياس نوعان:
1- قياس الأولى.
2- قياس الشبه.
وقياس سفيان هنا من قياس الشبه. فمعنى شاهان شاه باللغة الفارسية: ملك الملوك.
وفي رواية: «أغيظ رجل».
مناسبة هذه الحديث: أن من تسمى بالأسماء التي تشبه أسماء الله على وجه العموم، فهذا لا يجوز.
علاقته بالتوحيد: أنه من باب الشرك الأصغر في الألفاظ، والمصنف بوب بـ"قاضي القضاة" مع أن الحديث في "ملك الأملاك".
فعنده أنها لا تجوز من باب القياس.

مسألة: تكملة للأسماء التي فيها عموم: وهي على قسمين:
1- عموم باعتبار الأشخاص والمسلمين ونحو ذلك مثل: شيخ المسلمين، أمير المؤمنين، شيخ المؤمنين، زين العابدين، قال الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث، وقيل عنه سيد المحدثين، ومثل سيد الشهداء قيلت في حمزة، وسيدا شباب الجنة قيلت في الحسن والحسين، مثل تاج المؤمنين، تاج العلماء، شيخ الموحدين، سلطان العلماء، شيخ المفسرين ونحو ذلك ...
2- عموم باعتبار المعاني وليس الأشخاص مثل شيخ الإسلام، شيخ التوحيد، زين العبادة، أمير الإسلام، أمير الإيمان، حجة الإسلام، مجدد الإسلام، مجدد التوحيد، صلاح الدين، تقي الدين، سيد الحديث، شيخ التفسير ونحو ذلك مثل أسد السنة تسمى به بعض العلماء ومثل قوّام السنة ومثل عز الدين وشرف الدين. والذي يظهر لي أنه ما ورد فيه من حديث أو أثر أو قول صحابي فلا مانع مثل سيد الشهداء وسيد شباب الجنة والمجدد لحديث «يجدد لهم دينهم» ولكن لا يسمى مجدد الإسلام بالعموم بل مجدد قرن كذا أو مجدد الدين في إقليم كذا لأنه قال «لهم دينهم».
مسألة: هناك أسماء وردت بها السنة مثل أسد الله قيلت لحمزة ومثل سيف الله قيلت لخالد بن الوليد ... وأما حجة الله فهذه خاصة بالرسول r.
والخلاصة:
1- أن أسماء التعاظم والعموم الأفضل فيها عندي الترك والرسول r لما قيل له سيدنا كره ذلك وقال لا يستجرينكم الشيطان. ونهى الرسول r عن قول أطعم ربك وعبدي لما فيه من التفاخر والتعاظم.
2- والآية ]فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ[.
3- ولأنها فيما أعلم ليس من هدي القرون المفضلة خصوصًا الصحابة.
وما ورد فيه النص فإنه يُكتفي بمن وردت فيه وتخصص به ويُحترم ذلك له.

رد مع اقتباس
  #52  
قديم 09-18-2012, 02:43 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

باب احترام أسماء الله تعالى
وتغيير الاسم لأجل ذلك
عن أبي شريح: أنه كان يكنى أبا الحكم؛ فقال له النبي r: «إن الله هو الحكم، وإليه الحكم» فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين فقال: «ما أحسن هذا فما لك من الولد؟» قلت: شريح، ومسلم، وعبد الله. قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح»، رواه أبو داود وغيره.
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
الاحترام: يقصد به التوقير والتعظيم.
ومعناه هنا: ألا يتسمى بأسماء الله على التفصيل الذي سوف يأتي.
أسماء: جمع اسم، والاسم مأخوذ من السمة وهي العلامة، وقيل من السمو وهو الارتفاع. فيكون لفظ مشترك يدل على العلامة، وعلى التمييز وهو الارتفاع.
أسماء الله: الإضافة بمعنى اللام أي: الأسماء المختصة بالله.
وتغيير الاسم: هذا على الوجوب.
لأجل ذلك: اللام للتعليل أي: علة التغيير احترام أسماء الله.
المسألة الثانية: ما حكم التسمي بأسماء الله؟
على أقسام:
الأول: أسماء لا تصلح إلا لله، مثل "الرحمن، الله، القدوس، الرب"، إذا قطعت عن الإضافة رب العالمين. فهذه الأسماء يحرم التسمية بها، والتسمية بها من باب الشرك في توحيد الأسماء والصفات، قال تعالى: ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ [الشورى: 11].
الثاني: أسماء مبنية على ملاحظة الصفة، وهو أن يكون الاسم يتسمى الله به وسُمي به المخلوق بناءً على صفة قامت في هذا المخلوق، وهذا لا يجوز.
وهو المقصود في الحديث، فإن الحكم من أسماء الله، وهذا الرجل كُنيّ أبا الحكم؛

لأن التكنية مبينة على ملاحظة صفة فيه وهو أنه يحكم بين الناس، فنهاه النبي r عن ذلك.
ومن أمثلته: لو أن رجلاً اشتهر بالرحمة فسُمي الرحيم أو رحيمًا، فهذا لا يجوز؛ لأن هذه التسمية مبنية على صفة تسمى الله بها.
مثال ثاني: رجل مشهور بالغلبة فسُمي الغالب، أو معروف بالقوة فسُمي القوي أو أبا القوة.
أما لو أن رجلاً مشهور بالذكاء وسُمي ذكيًا بناءً على هذه الصفة، فلا يدخل؛ لأن اسم الذكي ليس من أسماء الله.
سبب المنع في هذا القسم: لأنه شابه أسماء الله؛ لأن أسماء الله تدل على أوصاف فهي أعلام وأوصاف، أما الخلق فإن أسمائهم للعلمية فقط، فإن كانت أعلام وأوصاف فقد شابهت أسماء الله.
علاقته بالشرك، هل هو من الشرك الأصغر؟
الجواب: نعم في باب الأسماء والصفات.
الثالث: أن تكون أسماء للعلمية المحضة، فلو سمينا شخصًا بالحكم لمجرد العلمية، أو سُمي حكيمًا أو سُمي رحيمًا لمجرد العلمية، فهذا جائز.
ولذا فإنك تجد أن بعض الصحابة يسمى الحكم ولم يغيره الرسول؛ لأن المقصود به العلمية المحضة، ولم يلحظ به الصفة، أما هذا فهو جائز.
الرابع: أسماء ظاهرها التزكية «وهذا القسم ذكرناه من باب الاستطراد والفائدة للمناسبة».
فهذه الأسماء إذا كان ملاحظًا بها الصفة عند التسمية فهذه لا تنبغي، وإن كان يقصد بها مجرد العلمية فهذه تجوز.
مثال ذلك: "صالح" لو سُمي صالحًا لمجرد العلمية فإنه يجوز، وإن سُمي "صالحًا" ملاحظًا بها الصفة بعد وجودها. فهذا لا ينبغي لأنه تزكية قال تعالى ]فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ[.

ومثله: اسم إيمان. إن كان للعلمية جاز، لكن تكره من باب آخر لعدم تسمي السلف بذلك ولأنها قد يصحبها مفاسد مثل قولهم: هل عندكم إيمان يقصد «هل هي موجودة» يقال: لا، وهذا قبيح، ومثله: كامل، ومثله: "خالد" لو لوحظ فيه صفة الخلود مع أنها لا تكون فلا يجوز.
المسألة الثالثة: هذا في الأسماء وبقي الصفات.
فهل باب صفات الله مثل باب أسماء الله؟
الجواب: نعم.
الحديث: «إن الله هو الحكم، وإله الحكم».
أبو شريح: اسمه هاني بن يزيد الكندي، ويكنى بأبي الحكم، والكنية: ما صدر بأب أو أم.
وهذه الكنية في أبي الحكم مبنية على ملاحظة الصفة. فقال النبي r منكرًا هذه التسمية «إن الله هو الحكم»، هذا من باب الإنكار، وفي نفس الوقت من باب بيان العلة، وهذا من أحسن الأشياء أن تبين علة الحكم.
هو الحكم: هو الحاكم الذي لا يرد حكمه سواء كان شرعًا أم قدرًا.
ويُقاس عليه أسماء الله كالقوي والعلي.
وقوله: وإليه الحكم: أي الفصل بين القضاء.
فقال: عن قومي: أي من أنتسب إليهم.
شيء: نكرة فتدل على العموم.
فحكمت بينهم: هذه الصفة التي لوحظت عند تسميته، ويُقاس عليها كل صفة لوحظت.
رضي كلا الفريقين: أي حصل الرضا بحكمه.
فقال الرسول: ما أحسن هذا: هذا ثناءً على فعله؛ لأنه كان يحكم بين الناس بالصلح، وهذا قبل إسلامه، وعلى هذا فيجوز الحكم بالصلح، وأن الذي يحكم بالصلح العادل فقد أحسن، ولو كان كافرًا كما أنه يكون نافذًا إلا الصلح المخالف للشريـعة. ومـا يسمى صلحًا عند القبائل وهو في الحقيقة أعراف وعادات وسلوم

يحكمون بها فهذا شرك أكبر.
ما أحسن هذا: يؤخذ منها جواز الثناء على عمل الكافر غير الحربي إذا كان حسنا.
ومثله قوله: «أصدق كلمة قالها شاعر ...».
فمالك من الولد: اللام فيه كاللام في قوله «أنت ومالك لأبيك».
الولد: بمعنى المولود، وهذا الذي ورد في الكتاب والسنة، أما عند العامة فيخصونه بالذكر.
مسلم: هذا ملاحظ فيه العلمية.
فمن أكبرهم: أي سنًا، فيه أن السنة التسمية بأكبر الأولاد.
فأنت أبو شريح: لم يكنه الرسول بأفضل هذه الأسماء.
رواه أبو داود والنسائي، وقال ابن مفلح: إسناده صحيح.
مناسبة الحديث: أن الأسماء التي تشبه أسماء الله، إذا لوُحظ فيها الصفة فإنها لا تجوز، ويجب تغيير الاسم.
مسألة: بقي بعض الأسماء، كالمنتقم والقديم والباقي، فلو سمي بها شخصًا مع ملاحظة الصفة، فهل حكمها مثل حكم ما سبق؟
الجواب مبني على أقوال أهل العلم فمنهم من يمنع أن تلك من أسماء الله فعليه يجوز وهذا مذهب المتأخرين. ومن العلماء من يجعلها من أسماء الله كابن منده وغيره فعليه يمنع من ذلك.
مسألة: التسمية بأم الحكم هل ه يمثل أبي الحكم؟
نعم. لأن العبرة بالمعنى وهذا مبني على اختيار سفيان في المنع من شاهان شاه لأن المعنى واحد.
ومثله: عم الحكم، وأخو الحكم، لأن أساس اسم الحكم لا يجوز، فكل ما سبقه من كنية أو إضافة فكذلك.
مسألة: اللقب لو لوحظ فيه الصفة فهل هو مثل الكنية؟
اللقب: هو كل ما أشعر بمدح أو ذم.
مثال اللقب: الصدق، الفاروق، زين العابدين، أما لقب الصديق والفاروق فهذا

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 09-18-2012, 02:43 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

ليس من هذا الباب؛ لأنها لا تطلق على الله علمًا بأنها تسمية نبوية. كما أن اللقب لا يطلق إلا بملاحظة الصفة.
مسألة: ما حكم العقيقة عند تغيير الاسم؟
لا يضر؛ لأن العقيقة ليست للاسم وإنما هي للولادة.
مسألة: هل يجوز قول "ولدي العزيز" "أو أخي الكريم" إذا كُتبت في الرسائل والمخاطبات؟
تجوز، لأنه لم يقصد التسمية بها وإنما قصد الوصف؛ لأنه عزيز عنده أو كريم ونحو ذلك، قال تعالى: ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ[ [التوبة: 128] ولحديث «إنه الكريم ابن الكريم ...».
مسألة: ما حكم لو قال لشخص اسم عبد العزيز أو عبد الكريم ونحوه فقال له كريم أو عزيز أو عبد الحكيم فقال له حكيم؟
يجوز إذا قصد الشخص ولم يقصد اسم الله. ولأن اسم عزيز وحكيم يجوز التسمية بها ابتداءً إذا لم يلاحظ الصفة إنما هي للعلمية.
مسألة: ما حكم لو صغر ذلك فقال لمن اسمه عبد العزيز قال له عزيز أو عبد الرحيم رحيم أو حكيم قاله لعبد الحكيم بالتصغير؟
الجواب كالمسألة السابقة يجوز فإذا جاز اسم حكيم وعزيز له مكبرًا فيجوز التصغير من باب أولى. بشرط أن لا يقصد اسم الله والعياذ بالله.

باب من هزل بشيء
فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
وقول الله تعالى: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ[ [التوبة: 65] الآية.
عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة -دخل حديث بعضهم في بعض-: أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء -يعني رسول الله r وأصحابه القرّاء- فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله r. فذهب عوف إلى رسول الله r ليخبره فوجد القرآن قد سبقه. فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله r وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب، نقطع به عنا الطريق. فقال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقًا بنسعة ناقة رسول الله r، وإن الحجارة تنكب رجليه -وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب- فيقول له رسول الله r: ]أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ[ [التوبة: 65] ما يتلفت إليه وما يزيده عليه.
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
قول "هزل": ضد الجد ويقصد به السخرية.
شيء: نكرة في سياق الشرط فتعم، ويكون بأي شيء ولو قليل.
فيه ذكر الله: الأحكام الشرعية. وقلنا الأحكام الشرعية لأنه سوف يعطف على القرآن فلا بد من المغايرة ويدخل أيضًا الأحاديث.
أو: للتنويع.
القرآن: وهو كلام الله.
أو: للتنويع.

الرسول: الألف واللام للجنس، فيقصد به كل رسول ومن باب أولى رسولنا r. وجواب الشرط محذوف تقديره: فقد كفر.
المسألة الثانية:
هذا الباب يتعلق بتعظيم الله وفي باب الربوبية، فإن المستهزئ مستخف بعظمة الله وربوبيته؛ لأنه يتنافى تعظيم شيء والسخرية به.
المسألة الثالثة: حكم الاستهزاء بشيء من ذكر الله ونحوه.
ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يقصد السخرية بما قال ويقصد ما تلفظ به من استهزاء. حكمه: هذا كفر أكبر سواء كان مازحًا أم جادًا.
دليله: الآية وما جاء فيها من سبب نزول، فإنهم كانوا قاصدين أن يسخروا بما قالوا.
الدليل الثاني: الإجماع، ذكره الشارح ابن قاسم.
مثال ذلك: أن يقصد السخرية بالطاعة ويعلم أنها من شريعة الله، كمن يسخر باللحية، أو برفع الثوب إلى ما فوق الكعبين، أو يسخر بآيات من القرآن أو أحاديث، أو عمل من الدين مازحًا وساخرًا بهذا العمل، كمن يؤدي الصلاة على وجه السخرية بها.
القسم الثاني: ما تسمى السخرية الشخصية وهي نوعان:
أن من سخر بالصحابة أو بالعلماء على وجه العموم، أو كان ديدنه السخرية بكل عالم فإنه يكفر كفر ردة.
ألا يقصد السخرية بما قال أو بما فعل، إنما أراد السخرية بمن قال أو بمن عمل.
مثاله: أن يقصد الإضحاك بغض النظر عن الكلام الذي قاله، كالذي يسخر ببعض العلماء وبعض طلبة العلم يقصد إضحاك من حوله، ويقصد بالسخرية ذات الشخص، وكذلك السخرية ببعض أهل البادية في قراءتهم للقرآن، أو قصص أهل البادية على أهل الحضر، فإن سخر بشخص وهو يحبه؛ لكنه لإضحاك الناس بأعماله الشرعية، فهذا يكون أراد الإضحاك وتزجية الوقت.
فإن كان بينه وبينه عداوة، فيكون سبب الإضحاك التشفي، وهو من هذا القسم أيضًا

إذا كان مادة الضحك شيئًا من الشرع.
وأحيانًا يقصد مجرد الإخبار ولا يريد السخرية بهذا الشخص ولا بما قال، فهذا لا يدخل لحديث «إنما الأعمال بالنيات».
وعلامة هذا القسم: أن الساخر تجده يحب أعمال المسخور به الشرعية؛ لكن أراد الإضحاك، وهذا يحدث كثيرًا، كالسخرية ببعض العلماء مع محبتهم، والسخرية ببعض الأئمة مع محبتهم.
حكم هذا القسم: محرم؛ لأن السخرية بالأشخاص محرمة. قال تعالى: ]لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ[ [الحجرات: 11] إلا إن كانت السخرية ببعض العلماء أو بعض طلبة العلم أو بعض الآمرين بالمعروف من الهيئات والساخر مغموس عليه فهذا قرينة على النفاق ويأتي إن شاء الله مزيد بحث. وكل بحثنا السابق على كلمة بعض أما لو كان كل المتدينين أو أكثرهم فهذا من القسم الأول.
القسم الثالث: أن يكون ديدنه السخرية بالأشخاص المتدينين، كلما رأى عالمًا أو طالب علم سخر به، فهذا يلحق بالقسم الأول، لكن لاحظ أن السخرية هنا ديدنه بالأشخاص المتدينين.
أما لو سخر بما قالوا من الدين فهذا يكفر ولو مرة واحدة.
تنبيه:
المقصود بهذا الباب السخرية بالأمور الدينية، أما السخرية بالأمور الدنيوية، أو التي لا علاقة لها بالشرع فهذه لا تنقسم، وإنما هي قسم واحد. يدخل تحت عموم قوله تعالى: ]لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ[ [الحجرات: 11]. كالسخرية بسيارة علام أو بيت طالب علم وهكذا.
مسألة: ما حكم لو قال في بعض السنن أنها قشور؟
إن قصد أنها ليست بجوهرية، وهناك ما هو أهم منها فهذا لا يعتبر سخرية بالنسبة لكن اللفظ لا يجوز.
وأما إن أراد السخرية بها فهذا من القسم الأول.
مسألة: إذا دعوت رجلاً للالتزام أو دعوت ابنه فقال: تريد أن تُعقَّده! فما الحكم؟

هذه فيها تفصيل باعتبار الشخص:
إن كان رجلاً يحب الدين ولكن قال هذا القول، فيكون حكمه حكم من أبغض بعض العلماء وبعض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، لأنهم يمنعونهم عن شهواتهم ومعاصيهم.
وإن كان يقصد بغض بعض الشعائر، فحكمه حكم من أبغض شيئًا من الدين.
مسألة: حكم من يجعل طرائف على المتدينين كما تعمل بعض الصحف بوضع صور ساخرة عنهم؟
هذا الغالب يفعله العلمانيون والمنافقون كما في قصة «ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء أرغب بطونا ... الحديث»!!
مسألة: لو قال رجل من المتدينين لرجل آخر متدين منعه من شيء فقال: أنت من المتطرفين من باب المزاح. فما حكمه؟
هذا سخرية بمن يقول، بمعنى أنك تسخر بمن يقول هذه العبارات. كأنك سخرت بالعلمانيين الذين يقولون هذا الكلام. وهذا لا بأس، فليست هذه من قبيل المحرم.
الآية: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ[ [التوبة: 65].
سألتهم: أي: يا محمد. والضمير يعود على القائلين كما ذكره الشارح ابن قاسم، أي: لماذا تكلموا بكلمة الكفر؟
ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب: أي أننا قصدنا السخرية بما قلنا؛ لكن لعبًا وخوضًا لا بغضًا.
مناسبة الآية: أن قَصْدَ السخرية بالقرآن أو الرسول أنه من عمل المنافقين وهو كفر أكبر.
مسألة: السخرية قد تكون باللسان وهذا نوع، وقد تكون بالعمل، كمد اللسان وغمز العين، وهذا مثل القول فله حكمه.
عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة: ذكر صحابيًا وثلاثة من التابعين.
تخريج الحديث: هو حديث حسن من طريق ابن عمر، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 09-18-2012, 02:44 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

أما الطرق الباقية فهي مرسلة، فيكون ذكرها من باب الشواهد مع أن فيه إشكالاً.
كيف يُدخل أحاديث مرسلة مع أحاديث مسندة من غير تمييز؟
لأن زيادة المرسل لا يُستفاد منها، وموافقة المرسل يُستغنى عنها في السند.
أنه قال رجل: قال الشارح من المنافقين، والصحيح أنه لم يكن منافقًا إلا بالقول.
في غزوة تبوك: هذا زمن القصة، وهي في السنة التاسعة.
ما رأينا: من الرؤية.
مثل قرائنا: فيه ملاحظة أنه سخر بالقراء لا بقارئ واحد. وهذا هو الدليل على أن من سخر بالعلماء فإنه يكفر كفر ردة لأن الكمية لها أثر.
أرغب بطونًا: أي أكثر أكلاً.
أكذب ألسنا: أي يخبرون بخلاف الواقع.
أجبن عند للقاء: أي فيهم خوف وهلع يمنع من الإقدام.
فهو سخر بثلاثة أمور وليس المقصود العدد، فلو لم يذكر إلا أمرًا واحدًا لكفى.
وأيضًا فهذه الأمور الثلاثة كذب وليست حقيقة، فجمع بين السخرية والكذب.
هل القائل واحد؟ في الحديث أنه رجل واحد، وفي القرآن أنهم مجموعة. والجمع أن يقال: إن القائل واحد والباقون موافقون، والراضي كالفاعل قال تعالى: ]فعقروها[ والعاقر واحد. وقال تعالى: ]وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا[ [النساء: 14] أي إذا قعدتم مع الرضى.
عوف بن مالك: هذا صحابي، وقالها من باب الحمية والغيرة.
كذبت: أي أخبرت بخلاف الواقع، وهذا فيه المبادرة بتكذيب من سخر أو استهزأ.
لكنك منافق: لكن: للاستدراك. لأنه لا يطلق هذه الألفاظ على أصحاب رسول الله إلا منافق.
وفيه جواز وصف الرجل لمن يظهر منه النفاق به، وذلك من باب الغيرة لا من با بالهوى.

وفيه جواز الحكم على المعين بالنفاق وبالكفر إذا توفرت الأسباب وانتفت الموانع.
لأخبرن: فيه جواز نقل الكلام إلى الإمام والعالم وكل من له أثر في تغيير المنكر، ولا يعتبر من باب النميمة، إذا ظهر من شخص النفاق أو المعصية أو شيئًا مخالفًا للشرع، فينقل خبره إلى الحاكم بالشيء الذي قاله، أو فعله.
القرآن قد سبقه: فيه جواز مثل هذا التعبير، ومثله: حَكَمَ القرآن، وتحدث القرآن.
إنما: أداة حصر.
كنا نخوض ونلعب: أثبت السخرية، وإنما تعذر بأنهم أرادوا قطع الطريق.
وعليه فمن أراد قصد السخرية بمن قال، فإنه يكون كافرًا سواءً كان جادًا أم هازلاً.
ثم يصف ابن عمر حال هذا الرجل وهو متعلق بناقة الرسول والرسول r يتلوا الآية.
مناسبة هذا الحديث: أن من سخر بالصحابة أو بالعلماء على وجه العموم، أو كان ديدنه السخرية بكل عالم، فإنه يكفر كفر ردة.
مسألة: ما حكم قول: "مصيحف" و"مسيجيد"؟
فيه تفصيل:
إن كان يقصد بيان الحجم فهذا يجوز، لكن الأولى ترك هذا التعبير؛ لأنه يوحي بالسخرية.
وإن قصد السخرية فيكفر.
مسألة: حكم السخرية بالعلماء وطلبة العلم وهل هو من السخرية بالدين؟
فيه تفصيل:
1- إن سخر بهم لدينهم فهذا كفر ]إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ[ ولقوله تعالى: ]زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا[.
2- إن سخر بهم لعداوة بينهم وبين بعضهم فهذا محرم قال تعالى ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ[.
3- إن كان ديدنه السخرية بكل عالم فهذا كفر ردة.
دليله «ما رأينا مثل قرائنا» وقوله تعالى ]زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا[.

باب ما جاء في قوله تعالى
]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي[ [فصلت: 50] الآية.
قال مجاهد: هذا بعملي وأنا محقوق به. وقال ابن عباس: يريد من عندي.
وقوله: ]قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي[ [القصص: 78] قال قتادة: على علم مني بوجوه المكاسب. وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل. وهذا معنى قول مجاهد: أوتيته على شرف.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله r يقول: «إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكًا، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به قال: فمسحه، فذهب عنه قذره، وأعطى لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل أو البقر – شك إسحاق – فأعطي ناقة عُشَراء، وقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع، فقال أي شيء أحب إليك قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به فمسحه، فذهب عنه، وأعطي شعرًا حسنًا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر، أو الإبل، فأعطي بقرة حاملاً، قال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري؛ فأبصر به الناس، فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدًا؛ فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم، قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن, والمال، بعيرًا أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرًا، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال إنما ورثت هذا المال كابرًا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى

ما كنت. وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفر، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك» أخرجاه.
قال الشارح:
هذا الباب شبيه جدًا بباب ]يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا[ [النحل: 83]، وبباب ]فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا[ [البقرة: 22].
لأن هذا الباب يتحدث عن نسبة النعم لغير الله، ولذا فإن مباحث الباب تمامًا مثل المباحث السابقة، وسوف نتعرض لشرح بعض عبارات الباب.
شرح الآية: ]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي[ [فصلت: 50].
أذقناه: الضمير يعود للمنعم عليه.
ضراء: يقصد به الشدة والبلاء والمرض.
وزمن المرض والبلاء: قبل أن يذيقهم الله رحمة من عنده، أي أصابه أولاً الضراء والبلاء، ثم بعد ذلك ذاق رحمة الله.
لي: اللام للاستحقاق. أي: أنا مستحقه.
وذكر المصنف رحمه الله ثلاث تفاسير لهذه الآية.
التفسير الأول: تفسير ابن عباس؛ وإن كان المصنف بدأ بتفسير مجاهد، وتقديم تفسير الصحابي أولى.
قال ابن عباس: "يريد من عندي": بمعنى أن هذه النعمة بجهدي وبكدَّي.
وتفسير مجاهد: هذا بعملي: معناه: بسبب عملي.
وأنا محقوق به: أي جدير به.
وعلى كلا القولين لم ينسب النعمة إلى الله، وإنما نسبها إلى جهده وعمله.
تفسير قتادة: على علم مني بوجوه المكاسب، بمعنى قولك: إنه بجهدي.

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 09-18-2012, 02:44 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وقال آخرون: ابن جرير والبغوي.
على علم من الله أني مستحق له.
والجامع للأقوال كلها، أنه نسب النعمة إلى جهده وعمله، وهذا يسمى نكران تناسي لفضل الله.
وهذا أحد أنواع نكران النعمة التي مرت في باب ]يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ[ [النحل: 83].
مناسبة هذه التفاسير: أن من نسب النعمة إلى نفسه متناسيًا فضل الله، فإن هذا من كفر النعمة وهو من الشرك الأصغر.
حديث أبي هريرة:
الأبرص: البرص: بياض في الجلد.
الأقرع: هو الذي ليس له شعر.
أراد الله: فيه إثبات الإرادة لله، وهي إرادة كونية.
يبتليهم: أي يمتحنهم.
ملكًا: بصورة آدمي، وهذا دليل على أن الملائكة تتشكل.
طلب الأبرص ثلاثة أمور، وهذا دليل على جشعه؛ حتى نفس الطلبات فيها جشع:
1- لون حسن. 2- جلد حسن. 3- ذهاب البرص.
فعافاه الله من ذلك وأُعطي ما أراد، وطلب من المال أغلاه، فطلب الإبل، وأهل الإبل فيهم جفاء فطلب من المال ما وافق طبعه. فأعطي الإبل وأُعطي ناقة حاملاً.
ثم أتى الأقرع فطلب طلبين:
1- شعر حسن. 2- ذهاب القرع.
وطلب من المال: البقر.
والثالث الأعمى، فطلب طلبًا واحدًا متواضعًا، وهو أن يرد الله إليه بصره فيبصر الناس. ولم يقل بصر حسن أو بصر قوي، فرد الله إليه بصره؛ لأنه طلب رد البصر من الله؛ بخلاف الأبرص والأقرع.
وطلب من المال الغنم، وأهل الغنم فيهم السكينة والوقار، فطلب ما يوافق طبعه، فأعطي شاة والدًا.

ثم جاء دور الامتحان. فجاء الملك إلى الأبرص بصورة أبرص، فاستدر عطفه بأن أخبره أنه مسكين وابن سبيل، وسأله بالله أيضًا، فاجتمعت فيه أمور كثيرة الواحدة منها تكفي بالتصدق عليه، ثم ذكّره أيضًا بماضيه، وطلب منه بعيرًا واحدًا، فكان الرد: الحقوق كثيرة، فجمع بين منع ما يجب عليه، وكذب أيضًا.
ثم ذكره الملك بأنه كان أبرصًا فقيرًا، فقال: إنما ورثت هذا المال كابرً عن كابر، وهذا هو الشاهد، فنسب وصول المال إليه من غير الله كذبًا.
وكذلك الأقرع نفس الحوار ونفس النتيجة.
ثم أتى الأعمى بصورته وهيئته: الصورة غير الهيئة.
فالصورة هي العمى، والهيئة هي الفقر.
فأعطاه وقال: كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فنسب نعمة رد البصر إلى الله.
ومثله: لو عالج طبيب إنسانًا فنجحت العملية، فعليه أن يذكر أن هذه النعمة من الله، ثم يذكر السبب.
الشاهد من الحديث: أن نسبة النعم إلى الله واجبة، وأنها سبب لرضا الله، وأن نسبة النعم إلى جهد الإنسان وكده أنه من أسباب السخط.
ومثل ذلك: الطالب إذا نجح في الامتحان وقال: هذا بسهري ومذاكرتي وجدي واجتهادي، وهذه لا تجوز، وإنما يقول: هذا من فضل الله ثم بكذا وكذا.
أما لو رسب في الامتحان فلا يضيفه إلى الله، وإنما يقول: رسبت في الامتحان لأنني لم أذاكر.
ومثل ذلك ما يفعله بعض التجار ونحوهم إذا كتب في بعض المذكرات كيف حصوله على هذه الثروة الطائلة؟ قال: هذا بسبب جهدي وكدي وكدحي. ونحو ذلك.

باب قول الله تعالى
]فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190] الآية.
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبّد لغير الله؛ كعبد عمر، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب.
وعن ابن عباس رضي الله عنه في الآية قال: لما تغشاها آدم حملت، فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعنني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن –يخوفهما- سِّمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتًا، ثم حملت، فأتاهما، فقال مثل قوله، فأبيا أن يطعياه، فخرج ميتًا ، ثم حملت، فأتاهما، فذكر لهما فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث فذلك قوله تعالى: ]جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [رواه ابن أبي حاتم].
وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته، وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: ]لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا[، قال: أشفقا ألا يكون إنسانًا، وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
قال الشارح:
هذا الباب شبيهٌ بباب ]يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ[ [النحل: 83]، وباب : ]فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا[ [البقرة: 22]، وباب ]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ[ [هود: 10]، فهذه أربعة أبواب متشابهة إلا أن هذا الباب في نعمة خاصة، وهي نعمة الولد، والأبواب التي سبقت في النعم على وجه العموم.
الآية: ]فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190].
آتاهما: اختار المصنف أن الضمير عائد إلى آدم وحواء وهذا قول ضعيف. والصحيح هو ما اختاره ابن القيم وابن كثير أنه عائد على الجنس، أي: الذكر والأنثى على وجه العموم.
ولذا ما ذكره المصنف من أثر ابن عباس في سبب الآية ضعيف؛ بل قال الذهبي في الميزان: حديث منكر، وأعله ابن كثير في تفسيره بثلاث علل.


مسألة: هذا الباب في نعمة الولد.
إذا وهب الله إنسانًا ولدًا، فبعضهم يشرك فيما آتاه الله.
والإشراك في نعمة الولد أربعة أقسام:
الأول: أن ينسب نعمة الولد إلى غير الله إيجادًا وخلقًا، وهذا كفر أكبر؛ لأنه إثبات خالق مع الله، وهو يدخل في الآية.
الثاني: أن يضيفوا سلامته إلى الطبيب أو المولدة "القابلة"، وهذا أيضًا من الإشراك، ويدخل في الآية وهو شرك أصغر.
الثالث: أن يُقدّما محبة الولد على محبة الله، فيشركا بالله من أجل الولد، وهذا يدل عليه كلام قتادة وهو من الشرك الأصغر.
الرابع: أن يعبد الولد لغير الله في التسمية، فيسمى الولد عبد الرسول أو عبد الحسين، وغيره من الأسماء وهذا من الشرك الأصغر.
ويدل عليه قول ابن حزم.
قول ابن حزم.
اتفقوا: قال الشارح ابن قاسم بمعنى أجمعوا.
فتسمية عبد عمرو، وعبد الكعبة محرم بالإجماع، وهو شرك من الشرك الأصغر.
مناسبة كلام ابن حزم: أن من عبَّد ولده لغير الله في التسمية فهو من الإشراك.
مسألة: عبد المطلب؟
وقع فيها خلاف بين أهل العلم:
1- الجواز، لقوله r: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب».
فقوله: أنا ابن عبد المطلب: إقرار.
2- أنه لا يجوز، وهذا هو الصحيح لقول ابن حزم: «اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله».
فيدخل في القياس على القاعدة، ولعموم الآية ]جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190].
أما قول الرسول r «أنا ابن عبد المطلب»، فهذا إخبار وليس إنشاءً، أما من أراد أن

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 09-18-2012, 02:44 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

يُنشأ التسمية فهذا لا يجوز.
فلو أراد الإنسان أن يعرف عن نفسه، وكانت تسمية أجداده محرمة، فذكرها فلا يدل على الإقرار.
وله: ابن أبي حاتم.
شركاء في طاعته، أي قدم طاعة الولد على طاعة الله.
ولم يكن في عبادته: أي لم يسجدوا أو يخضعوا للولد.
مناسبة أثر قتادة: أن من قدّم طاعة الأولاد على طاعة الله فإنه من الإشراك وهو من الأصغر.
وله: ابن أبي حاتم.
اشفقا: أي الممنوح لهما الولد من الذكر والأنثى لا آدم.
ألا يكون إنسانًا: أي الولد، فخافا أن يكون بهيمة.
فأشركا: ولم يبين نوع الشرك الذي وقعا فيه، لكن قد يكون بالتوسل؛ بأن يتوسلا لغير الله ليسلم الولد وقد يكون في الطاعة أو التسمية.

باب قول الله تعالى:
]وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِه[ [الأعراف: 18] الآية.
ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ]يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ[: يشركون. وعنه: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز. وعن الأعمش: يدخلون فيها ما ليس منها.
قال الشارح:
المسألة الأولى:
هذا الباب يعتبر الباب الرابع فيما يتعلق في توحيد الأسماء والصفات. وسبق أن أخذنا باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات، وباب التسمي بقاضي القضاة، وباب احترام أسماء الله.
وهذا الباب يتحدث عن حكم الإلحاد في أسماء الله.
المسألة الثانية: شرح الترجمة:
قوله: "ولله": أي اختصاصًا واستحقاقًا وملكًا، وتقديم ما حقه التأخير يُفيد الحصر والاختصاص.
و"الأسماء": جمع اسم، وهو مأخوذ من السمة وهي العلامة، أو مأخوذ من السمو وهو الارتفاع.
"الحسنى": صفة للأسماء أي: البالغة الحسن في الكمال.
"فادعوه بها": أي دعاء عبادة أو دعاء مسألة.
دعاء مسألة: مثل: يا غفور اغفر لي، أو يا رحمن ارحمني.
دعاء عبادة: كالتسبيح وذكر الله، كقول: سبحان الله، ولا إله إلا الله، سبحان الله العزيز الغفور.
هذا كله من دعاء العبادة؛ لأن مقصود الذاكر أن يغفر الله له. كأنه قال: اللهم اغفر لي.

وقوله: "ادعوه": أمر والأمر يقتضي الوجوب، ويدل على تحريم دعاء غيره، أو التوسل بغير أسماء الله.
وقوله: "فادعوه بها" ولم يقل ادعوها، وهذه مسألة دعاء الصفة، ويأتي إن شاء الله في الباب حكم دعاء الصفة.
"ذروا": أي اتركوا ولا تسلكوا مسلكهم.
قوله: "يلحدون".
الإلحاد لغة: الميل، ومنه أخذ اللحد؛ لأنه مائل إلى القبلة؛ بخلاف الشق. شرعًا: الإلحاد في الأسماء الميل بها عمّا يجب لها.
المسألة الثالثة: أنواع الإلحاد في أسماء الله:
1- إلحاد تمثيل، وضرب له المصنف بقول ابن عباس فيما ذكر عنه ابن أبي حاتم. "يلحدون" بمعنى: يشركون فالإشراك هنا إشراك مماثلة؛ حيث سموا أسماء الله وأطلقوها على المخلوق، فسمّوا اللات من الإله، والعزى من العزيز.
وهناك تمثيل معاكس وهو: إطلاق أسماء المخلوق على الله، كتسمية النصارى لله أبًا ومثل قول يهود: إن الله فقير.
وهنا مسألة: هل من الإلحاد تسمية المخلوق بمثل العزيز والعليم والكريم والحليم مع أنها تطلق على الله؟
الجواب: أما إن سُمي بها المخلوق لمجرد العلمية المحضة فجائز.
أما لو سُمي بها مع ملاحظة الصفة، فإنها من الإلحاد في أسماء الله أو مع ملاحظة العموم فلا يجوز ومن الإلحاد فيها.
ومرت هذه المسألة في باب «احترام أسماء الله»، ولذا فأسماء الله على قسمين:
أ- قسم لا يقبل المشاركة لا معنى ولا لفظًا، وهي الأسماء الخاصة بالله تعالى مثل "الله، رب العالمين، الخالق، القيوم، القدوس" فهذه مجرد تسمية المخلوق بها من الإلحاد.
ب- قسم يقبل المشاركة مثل "الملك، والعزيز، والكريم، والحكيم"، فيجوز إطلاقها على المخلوق للعلمية، ولا يجوز مع ملاحظة الصفة أو مع ملاحظة العموم، وهذا في

باب التسمية، أما أن المخلوق يوصف بأنه كريم أو ملك فلا مانع.
2- إلحاد تعطيل، وهو تعطيل أسماء الله عن معانيها وعن الصفات التي اشتقت منها، كفعل المعطلة الذين يقولون: أسماء الله مجرد أعلام.
3- إلحاد اختراع واستحداث. ذكره المصنف بقول الأعمش: «يدخلون فيها ما ليس منها». وهي تسمية الله بأسماء لم ترد في الشرع، كتسمية الله بالمخترع، والمهندس الأعظم. ومنها أن يشتق من أفعاله أسماء وهذا على اختيار ابن تيمية وابن القيم وجرى عليه المتأخرون. والقول الثاني وهو قول قدماء السلف أنه يجوز تسمية الله بصفاته وأفعاله وهو مذهب ابن منده في كتاب التوحيد والسفاريني والأصبهاني في المحجة. قال الترمذي بعد ما ساق حديث «إن لله تسعة وتسعين اسمًا» ونقل عن بعض العلماء أنه قول غير واحد من السلف ثم ساق 99 اسمًا منها الباقي والمحيي والبديع ... إلخ. وهذا هو الراجح.
4- إلحاد إفراد للأسماء التي لا تطلق إلا على الله بالمقابل، مثل: الماكر. من الإلحاد إطلاقها على الله بدون تقييد. فإن إطلاقها على الله ليس من الأسماء الحسنى، ومثله الكيد والاستهزاء ونحو ذلك.
المسألة الرابعة: أبحاث فيما يتعلق بأسماء الله.
هل هي أسماء أم صفات؟ وهل هي مترادفة أم متباينة؟ وهل هي نفس المسمى أم غيره؟ وهل هي توقيفية؟ وهل هي محصورة أم لا؟
كل هذه المباحث تراجع شرحنا على الواسطية.
المسألة الخامسة: سؤال الصفة والسؤال بالصفة؟
بينهما فرق: أما سؤال الصفة كأن يقول: يا مغفرة الله اغفري لي، ويا رحمة الله ارحميني، وهذا لا يجوز، وهو من الشرك ويدل عليه الآية ]فَادْعُوهُ بِهَا[ أي: ادعوا الله لا أن تدعوا الصفة.
ذكر أبو العباس ابن تيمية في الرد على البكري أنها من الشرك.
أما السؤال بالصفة كأن يقول: اللهم إني أسألك بعزتك، أو اللهم إني أسألك برحمتك أن ترحمني.

رد مع اقتباس
إضافة رد
 
ضع تعليق بحسابك في الفيس بوك


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع



الساعة الآن 11:10 PM.
 

Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

   

تصميم المنافع لتقنية المعلومات