ويرجع.
المعلوم: كالتشاؤم بالشهور.
من الجبت: من تبعيضية. والجبت: اسم جامع لكل معبود أو متبوع أو مطاع، فهو بمعنى الطاغوت عند الإطلاق، ويُراد به هنا السحر.
وفي هذا الحديث ذكر المصنف ثلاثة أنواع من أنواع السحر.
1- العيافة. 2- الطرق. 3- الطيرة.
ما وجه كونها من السحر؟
وجه كونها من السحر؛ لأنها دجل وشعوذة وليس لها حقيقة، وكذلك السحر دجل وشعوذة، فاجتمعا في باب الدجل والشعوذة، ولأنه تعلق بأمور خفية، والسحر كذلك.
وقوله: الخط يخط بالأرض: هذا على وجه الكهانة، وليس كل خط بالأرض من السحر، وإنما هو ما كان على هذا الوجه، وإلا فلو خط في الأرض للتعليم أو لغير ذلك جاز.
قال الحسن: هو الحسن البصري من أئمة التابعين وعلمائهم، وهذا القول مقطوع: وهو قول التابعي.
رنة الشيطان: قال بعض الشراح إن هذه الكلمة فيها تصحيف. وصحة الكلمة "إنه الشيطان" فيكون الحسن قد فسر الجبت بالشيطان. لكن الذي مشى عليه صاحب تيسير العزيز الحميد وصاحب فتح المجيد على كلمة "رنة" فقط.
ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه: أي أنهم لم يذكروا تفسير عوف؛ بل ذكروا الحديث.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد» [رواه أبو داود، وإسناده صحيح].
من: شرطية، وهي عامة باعتبار المعنى، فتشمل كل من اقتبس سواءً كان مسلمًا أم كافرًا.
اقتبس: أي تعلم.
شعبة: قطعة أو طائفة.
من النجوم: يقصد به علم النجوم أي من علمه، ويقصد به أيضًا ما يسمى بـ"علم التأثير" وهو: الاستدلال بالنجوم وسيرها على الحوادث الأرضية من قحط وزلازل ونصر وهزيمة.
وأما تعلم النجوم لمعرفة القبلة والزمان وأوقات الزرع ونحو ذلك، فهذا يسمى علم التسيير، وهذا أجازه أحمد وإسحاق، واستدلوا بقوله تعالى: ]وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[ [النحل: 16].
فقد اقتبس: هذا جواب الشرط.
زاد ما زاد: أي كلما زاد في التعلم زاد في السحر.
وهنا ذكر المصنف النوع الرابع من أنواع السحر وهو التنجيم.
ووجه كونه من السحر: لأنه من التمويه والدجل، وكذلك السحر.
رواه أبو داود بإسناد صحيح: وقد صححه النووي والذهبي.
ولأن التنجيم استدلال بأشياء خفية، والسحر كذلك.
وللنسائي من حديث أبي هريرة «من عقد عقدة، ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئًا وُكل إليه».
هذا الحديث وقع الخلاف في تصحيحه، فذكر بعض أهل العلم أنه ضعيف، وجاء عن المنذري أن الحديث فيه انقطاع، وحسن الحديث ابن مفلح في الآداب.
عقد: بمعنى لفَّ.
عقدة ثم: ثم للترتيب.
والحديث صوّرَ صورة من صور السحر.
وطريقته: أن يعقد عقُدة ثم ينفث، ثم يعقد عقدة أخرى ثم ينفث، وهكذا فيجعلون النفث بعد العقد، ومع النفث يستغيث ويدعو الجني ويذكر ما يريده من الضرر بالمسحور.
فقد سحر: جواب الشرط.
أشرك: أي شركًا أكبر؛ لأن سحر النفث والرقى والتعاويذ من الشرك الأكبر.
وهنا ذكر المصنف النوع الخامس من أنواع السحر وهو: سحر العقد والتعاويذ.
ومن تعلق شيئًا: التعلق إما أن يكون تعلق القلب أو تعلق العمل.
وشيئًا: نكرة في سياق الشرط، فتعم أي تعلق.
وُكل إليه: فإن تعلق قلبه بالله فقد فاز، وأما إن تعلق قلبه بغير الله فإن مآله ومصيره الخسران.
وعن ابن مسعود، أن رسول الله r قال: «ألا هل أنبئكم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين الناس» [رواه مسلم].
ألا: حرف تنبيه وإثارة.
أنبئكم: بمعنى أخبركم.
العضة: بسكون الضاد.
وهي تطلق على السحر والكذب والبهتان، ثم فسرها فقال r «هي النميمة» والنميمة: هي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد.
القالة: الفاشية بين الناس، والألف واللام في الناس للعموم "المسلم والكافر".
وهنا ذكر المصنف النوع السادس من أنواع السحر وهو النميمة.
والنميمة سحر عملي غير مخرج من لملة وإنما هو من كبائر الذنوب؛ لأن عمل النميمة ونتيجتها مثل عمل ونتيجة السحر، وهو تفريق الناس، وتغيير القلوب، وصرف الإنسان عن بعض الأشخاص.
هل يُقال للنمام ساحر؟ لا.
هل حكم النمام مثل حكم الساحر؟ لا أيضًا، ولذلك النميمة سحر عملي فقط غير مخرج من الملة.
ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «إن من البيان لسحرا».
ولهما: أي البخاري ومسلم.
والحديث عند البخاري من حديث ابن عمر، وعند مسلم من حديث عمار.
إنّ من: من: تبعيضية أي بعض البيان.
فالبيان ينقسم إلى أقسام:-
1- منه ما هو سحر.
2- ومنه ما ليس بسحر.
3- بيان الإنسان عما في نفسه والتعبير للناس، وهذا يشترك فيه كل الناس، فكل الناس أعطوا من البيان ما يفصح عن مقاصدهم. قال تعالى: ]خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ[ [الرحمن: 3، 4].
4- بيان بمعنى الفصاحة والبلاغة، وهذه تنقسم إلى قسمين:
1- بيان قلب وتمويه، فيقلب الباطل إلى حق، وهذا هو السحر المقصود بالحديث، ووجه كونه كذلك لأن السحر يقلب الحقائق، كما قال تعالى: ]يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى[ [طه: 66].
2- فصاحة وبلاغة لبيان الحق وتوضيحه، وهذا لا يسمى سحرًا بالمعنى الشرعي، وإن كان يسمى سحرًا بالمعنى اللغوي.
المصنف ذكر أنواعًا ستة من أنواع السحر، وسنذكر غير ذلك:
1- الألعاب البهلوانية وهي: إيهام الناظر أن هناك شيئًا يتحرك وليس كذلك.
2- صب الرصاص وهو: أن يأتي الساحر فيصب ماءً أو رصاصًا في إناء فيظهر فيه وجه الذي سحره.
3- تحضير الأرواح وهو: عبارة عن استحضار جني يُدعى بأدعية وتعاويذ ينقل من خلالها الأخبار.
4- التنويم المغناطيسي وهو: بعضه سحر وبعضه ظلم واعتداء، فجاء عن بعض أهل العلم من المعاصرين أن التنويم المغناطيسي سحر، وهو تسليط الجني على الإنسي ليتكلم بلسانه، وهذا من السحر، وبعض التنويم المغناطيسي استخلاص بعض الأسرار، فيقومون بوسائل معينة تؤدي إلى تنويم الشخص، ثم بعد ذلك يسألونه أسئلة فيُجيب عليها وهذا ظلم واعتداء. والنائم مرفوع عنه القلم كما جاء في الحديث، فكيف يؤخذ منه؟!!
والتنويم المغناطيسي: هو تنويم الإنسان بغير إرادته بوسائل، كتسليط الإضاءة عليه. وإذا كان في التنويم المغناطيسي جن يتكلمون فهذا من السحر.
هل يجوز تسمية بعض الأشياء الجاذبة أو الجذابة سحرًا؟ وإذا أعجبك كلام أحد هل
تقول إنه سحر؟
أما من الناحية اللغوية فجائز، وهذا الذي يسمى السحر الحلال إذا لم يكن فيه نصر للباطل، لذلك ذكر ابن عبد البر عن عمر بن عبد العزيز أنه جاءه رجل فطلب مسألة فأحسن في الكلام، فقال عمر: إنه السحر الحلال، وذكر شيئًا من ذلك ابن القيم في "النونية".
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في صحيحه، عن بعض أزواج النبي r عن النبي r قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي r قال: «من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد r» رواه أبو داود.
وللأربعة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، عن أبي هريرة: «من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد -r-» ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفًا.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه : «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد -r»[رواه البزار بإسناد جيد، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: "ومن أتى..."إلخ.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل: هو الكاهن والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
قال الشارح:
المسألة الأولى: تعريف الكهان:
الكهان جمع كاهن: وله تعريفان.
1- تعريف بالاجتماع مع العراف.
2- تعريف بالاستقلال.
والكاهن بتعريفه العام: من يدعي معرفة المغيبات ويخبر عنها.
والخاص: الكاهن هو الذي يخبر عما في المستقبل عن طريق الجن والشياطين.
وقولنا "المغيبات" أوسع من قولنا "المستقبل".
ونحوهم: مثل المنجم والرمّال والعرّاف والعائف.
المسألة الثانية: ما هي مصادر الكاهن في الإخبار عن المغيبات؟
له ثلاث مصادر:
المصدر الأول: عن طريق مسترقي السمع، وهذا مرّ في باب ]حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ[ [سبأ: 23]، وهؤلاء يخبرون عن الغيب الذي لم يقع في الأرض، من الوحي العام الذي يُراد إيقاعه في الأرض كهزيمة ونصر وقحط.
المصدر الثاني: قرينة من الجن أو رئيه من الجن، وهذا يخبره بالوقائع التي تقع في الأرض، ولكنها غابت عن الآخرين، وهذا ما يُسمى بالغيب النسبي، ويدل عليه ما رواه البخاري أن عمر بن الخطاب سأل رجلاً وكان كاهنًا قبل أن يُسلم فقال له: ما أعجب ما جاءت به جنيتك؟ ... الحديث.
وكما جاء عند البيهقي بسند جيد من حديث عائشة قالت: أول ما جاء خبر الرسول r حينما بُعث إلى المدينة، أن امرأة من أهل المدينة كان لها تابع، فجاء في صورة طائر ووقع على حائطها، فقالت المرأة: انزل تخبرنا ونخبرك. فقال: «إنه بُعث بمكة نبي».
المصدر الثالث: عن طريق الحدس والتخمينات، فيخبر حدسًا وتخمينًا.
المسألة الثالثة: هل كل من يُخبر عن الِياء الغائبة يُسمى كاهنًا؟
لا. فيها تفصيل:
من أخبر بما يُدرك عن طريق الحس كالإخبار عن الكسوف والخسوف ليست من الكهانة؛ لأنها تُدرك بالحساب.
- الإخبار عن الأمور الباطنية – معرفة ما في باطن الأرض من المياه، ليس من
الكهانة إذا عُرف بالآلات المحدثة؛ إلا إذا كانت عن طريق الجن.
كما لو أخبر الطبيب عن نوع المرض بالوسائل الحديثة، ومنها الفراسة، فليست من الكهانة "اتقوا فراسة المؤمن". وعمر كان يتفرس في بعض الرجال، وأخبر مرة عن رجل أنه كاهن، فهذه من باب الفراسة وليست من باب الكهانة.
ما هو الموقف من الإخبار عن الكسوف والخسوف؟
يُجعل كأحاديث بني إسرائيل لا تُصدق ولا تُكذب ولا يُجزم بوقوعها، وإن من استعد لها وتوضأ فإنه يعتبر مصدقًا لذلك، فلا يفعل شيئًا حتى يقع، ويُنكر على من فعل ذلك، فإن هذا من التصديق.
ما يسمى بالمَرَّي:
هو من يستدل على السرقة بوسائل معروفة كآثار القوم وغير ذلك، واستبشر النبي r عندما قال مجزز المدلجي لما رأى أقدام زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام لمن بعض. فلس هذا من الكهانة، فإنه يستدل على السرقة بالأثر الحسي، أما لو استدل على السرقة بآثار غير مرئية ولا حسية فهذه كهانة أو عرافة.
المسألة الرابعة: أقسام الغيب:
1- غيب المستقبل مما لم يسمعه مسترقي السمع أو الغيب المطلق، وهذا لا يعلمه إلا الله ]قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[ [النمل: 65] وهذا لا يعلمه حتى الجن قال تعالى: ]فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ[ [سبأ: 14] وقال تعالى: ]عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ[ [الأنعام: 73].
2- غيب الماضي ويسمى الغيب النسبي، وهو ما وقع في الماضي وغاب عنك، فهو بالنسبة لك غيب نسبي، وهذا أكثر مما يحدث عنه الكهان، ,هو الغيب النسبي.
3- وغيب المستقبل مما لم يحدث وفي طريقه للحدوث مما سمعه مسترقي السمع.
المسألة الخامسة: المقارنة بين تعريف الكاهن وتعريف غيره:
فهناك أشخاص يشتركون مع الكاهن في الإخبار عن المغيبات ولكن يختلفون في الوسيلة.
فمن أخبر عن الغيب بطريق الجن، فهذا كاهن.
ومن أخبر عن الضالة والمسروق بطُرق خفية، فهذا العرّاف.
من أخبر عن الضالة بالخطوط في الأرض، فهذا يسمى الرمال.
ومن أخبر بالغيب عن طريق النجوم، فهذا يسمى المنجم.
قال المصنف: وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي r عن النبي r قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا».
عن بعض أزواج النبي r:هذه جهالة عين لبعض أزواج النبي r، وجهالة الصحابي لا تضر.
من أتى: من لفظ عموم سواءً كان رجلاً أو امرأة مسلمًا أو كافرًا.
أما الصغير فلا يدخل في الحكم؛ لأنه خرج بحديث «رفع القلم عن ثلاثة وذكر الصبي حتى يبلغ».
من أتى: هذا باعتبار الغالب، وإلا فلو راسله أو هاتفه أو كاتبه لدخل في الحكم.
فسأله: السؤال هنا سؤال لسان فقط مع عدم تصديق القلب ولا اطمئنان؛ بل مع البغض للعراف بالقلب.
سأله عن ماذا؟
سأله عن أمور مباحة كعلاج ونحوه.
شيء: نكرة، ولكن يقصد بها الأشياء التي لا يكفر بسؤالها.
فصدقه: ليست عند مسلم؛ بل هل عند أحمد في المسند.
والوعيد في هذا الحديث مترتب على مجرد السؤال.
مسألة: ما حكم سؤال العراف؟
سؤال العراف ينقسم إلى قسمين:
1- سؤال مجرد ليس معه تصديق لادعائه الغيب، وإنما يسأله أمرًا مباحًا أو علاجًا مباحًا، وهذا حكمه كبيرة من كبائر الذنوب، ويدل عليه الوعيد في الحديث الأول.
2- أن يسأله ويصدقه وهذا أقسام:-
القسم الأول: أن يسأله ويصدقه أنه يعلم الغيب المطلب، فهذا كفر مخرج عن الدين.
القسم الثاني: أن يسأله ويصدقه أنه يعلم غيب المستقبل، فهذا كفر مخرج عن الدين.
القسم الثالث: سؤاله مع التصديق بأنه يعلم الغيب النسبي، فيعلم الضالة والمجهول، وهذا فيه خلاف على ثلاثة أقوال:
1- أنه بهذا التصديق لا يخرجُ من الدين، وإنما هو كفر دون كفر، وهذا رواية عن أحمد.
2- أنه كفر مخرج عن الدين، ويدل على الحديث الثالث في الباب "فقد كفر".
3- التوقف، وهذا هو أشهر الروايات عن الإمام أحمد. فلا يُقال يخرج ولا، لا يخرج، والأقرب: القول الثاني لدلالة الحديث "فقد كفر".
لم تقبل:لم: حرف نفي، والمنفي القبول وليس الصحة، فالصحة صحيحة مجزئة يسقط بها الطلب لكنه لا يُثاب عليها، فلا يلزمه الإعادة إجماعًا، فأصبح النفي نفيًا للثواب، فتكون هذه السيئة قابلت حسنات الصلاة أربعين يومًا فأحبطتها.
صلاة: نكرة في سياق النفي، فتعم جميع الصلوات التي يؤديها في الأربعين.
وغير الصلاة من الأعمال مسكوت عنه في الحديث، فيكون جاريًا على الأصل وهو أن الإنسان يُثاب على عمله ]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ[ [الزلزلة: 7].
وعن أبي هريرة عن النبي r قال: «من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» [رواه أبو داود].
من: اسم شرط فيعم جميع المكلفين الذكر والأنثى، ولا يشمل الصغير؛ لأنه مرفوع عنه القلم، وأما الجاهل فإن اعتقد أنه يعلم الغيب فالجهل بهذا ليس بعذر؛ ولكن إن كان في الغيب النسبي فيعذر بالجهل لوجود الخلاف بين العلماء ولأنها مسألة خفية.
الجهل ليس عذرًا في الأمور الظاهرة المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة، أما الأمور الخفية فإنه يُعذر بالجهل فيها.
كاهنًا: هنا بالمعنى العام أي: مُدعيًا للغيب.
فصدقه: أي نسبه إلى الصدق.
وضابط تصديق الكاهن ثلاثة أشياء:
الأول: التصحيح لما قال والموافقة عليه، وهذا تصديق اللسان.
الثاني: الارتياح لما قال والاطمئنان به، وهذا تصديق القلب.