بسم الله الرحمن الرحيم
علينا في يوم العيد الكريم أربعة أعمال كلفنا بها الله وسنَّها لنا حَبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم :
فأول عمل هو صلاة العيد
ثم ثانى عمل أن نذبح أضحياتنا فمن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب السنة
هذه الأضحية فيها ما فيها من الفضل العظيم فإذا أنزلت قطرات دمها غفر الله لأهل البيت أجمعين كل ذنب عملوه ، وجعل الله بعدد قطرات دمها حسنات ، وبكل شعر صوفها حسنات وجعلها الله كلها حتى بشعورها وأظافرها توضع في ميزان حسناتهم يوم القيامة
ويجعلها الله وسيلة يركبونها على متن الصراط والصراط كما ورد فى الأثر سبع جسور على متن جهنم كل جسر منها ألف عام صعوداً وألف عام استواءاً وألف عام هبوطاً ، فجملتها يمشيها المرء في إحدى وعشرين ألف عام ، يمر عليها المؤمن كالبرق الخاطف أو كالريح الشديدة أو كالخيل السريعة كما ورد ، هذا إذا كان له أضحية ضحى بها لله ، فهي المركوب الذي يركبه ليمر به من على الصراط، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الأضحية شرطها لينال المرء هذا الثواب أن تذبح بعد صلاة العيد ، وأن تذبح عن رجل واحد إذا كانت ماعزاً مرَّ عليه سنة أو خروفاً مر عليه ستة أشهر ويحمل لحماً والذكر كالأنثى في هذين الصنفين كلاهما يجوز ، أو كانت بقرة أو جملاً يشترك فيه سبعة
على أن تكون خالية من العيوب وسليمة من الأمراض فلا تكون عوراء ولا جلحاء يعني بغير قرون إلا إذا كانت سلالتها كذلك فلا بأس بها ولا تكون عرجاء ولا مريضة ولا يأخذ الجزار منها شيئاً على سبيل الأجرة وإنما يجوز أن يأخذ منها صدقة أو هدية لقوله صلى الله عليه وسلم للإمام علي عندما كلفه أن يذبح هديه: {أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىظ° بُدْنِهِ ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا ، وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا ، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا}{1}
ثم بعد ذلك يجعل منها نصيباً للفقراء ونصيباً للأصدقاء والأهل والأقرباء والأعزاء ونصيباًَ لنفسه وأهله {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الحج28
أما العمل الثالث في هذا اليوم الذي أمرنا به الله وبينه لنا حبيب الله ومصطفاه هو أن نحرص كل الحرص على أداء فرائض الله في بيت الله في وقتها وفي جماعة ، وأن نكبر الله عقب كل صلاة إن كانت سنة أو فريضة إن كنت في جماعة أو كنت
بمفردك ، إن صليت في بيت الله أو صليت في بيتك أو في أي مكان تكبر الله عقب كل صلاة حتى عصر اليوم الرابع من أيام العيد فلو صليت سنة الضحى تكبر الله ، ولو حضرت صلاة الجنازة تكبر الله بعدها
ونعلم نسائنا وبناتنا أن يكبرن الله بعدكل صلاة وإن صلينا في المنزل وأقل التكبير أن يقول المرء الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد فإن زاد ما نقوله فقد أحسن وإن اكتفى بذلك فقد أجزأ المهم أن نكبر الله عقب كل صلاة
أما العمل الرابع والهام في هذا اليوم العظيم بعد أداء الفرائض فيقول فيه الحَبيب صلى الله عليه وسلم: {تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ}{2}
ويقول فيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ اخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبَهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ الوَرَقُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِيْ يَوْمِ رِيْحٍ عَاصِفٍ وَإِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوْبَهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ}{3}
يأمر الله المسلمين أن تكون عبادتهم في هذا اليوم مصافحة المسلمين والبسمة في وجوه المؤمنين والشفقة والعطف على اليتامى والمحرومين وصلة الأرحام التي لا توصل إلا في هذه الأيام
{1} صحيح مسلم عن على بن أبى طالب رضي الله عنه
{2} رواه البزار والطبراني وابن حبان والترمذي عن أبي ذر
{3} رواه البزاروالطبراني عن أبي هريرة وسلمان