رادارت الوطن العربي مركز الطقس للرصد الجوي (مباشر) مركز الطقس للأقمار الصناعيه (مباشر) البرق( مباشر )
العودة   الطقس > المنتديات العامة > المرصد العام
اسم العضو
كلمة المرور

المرصد العام للمواضيع العامة والنقاشات الحرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #33  
قديم 09-18-2012, 12:29 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

ولهما عن ابن مسعود مرفوعًا «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية».
مرفوعًا: الرفع هنا حقيقة.
ليس منا: هذا ضمن أحاديث الوعيد ومرّ بنا منهج السلف في التعامل مع نصوص الوعيد، فيمرونها كما جاءت ولا يفسرونها إلا إذا دعت الحاجة لذلك.
وتفسيرها هنا: ليس منا أي: من المؤمنين الكاملين. فالنفي لكمال الإيمان الواجب لا لأصله؛ لأن الإجماع منعقد على أن من فعل المعاصي والكبائر لا يخرج من الدين، ولكن يخرج من كمال الإيمان الواجب.
ضرب الخدود وشق الجيوب: هذه أمثلة على عدم صبر الجوارح، وتدل باللازم على عدم صبر القلب لحديث: «إن في القلب مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله».
إلا أنه يعفى عن اليسير من الكلام، وهذا هو الجمع المناسب مع قول فاطمة «يا أبتاه إلى جبريل ننعاه» وهذا إذا كان القول صدقًا.
دعا بدعوى الجاهلية: كالدعوة للقومية والعصبية والتجمع للأحلاف على أساس المصالح.
وعن أنس أن رسول الله r قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له بالعقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة».
فيه مسائل:
إذا أراد الله: فيه إثبات الإرادة لله سبحانه وتعالى.
بعبده: هل يقصد بالإضافة العموم أم هي إضافة تشريف؟
المقصود هنا والله أعلم عبده المؤمن المتذلل له بالطاعة، فتكون الإضافة إضافة تشريف؛ بدليل أن المؤمن هو موضع الخير وهو الذي يحب الله له الخير، أما الكافر فإن الله لا يحب الكافرين.
الخير: هل المراد به هنا تكفير الذنوب أم رفع الدرجات والثواب؟
الذي يبدو لي: الأول أن المقصود بالخير هو تكفير الذنوب.

المسألة الثانية: هل المصائب كفارات أم رافعة للدرجات؟
فيه تفصيل:
فقد تكون مكفرة فقط أو قد تكون رافعة. من جهة كونه يصبر فقط فهي مكفرة؛ بشرط ألا يتضمن ترك واجب أو فعل محرم.
أما من جهة ما تورثه المصيبة من رضى واستغفار وشكر فهي رافعة للدرجات. فيكون الخلاصة: أن المصائب مع الصبر مكفرة بشروطها، ومع الرضى والشكر رافعة. وكونها مكفرة يدل عليه حديث أنس، وكونها رافعة يدل عليه آخر الحديث، وكونها مكفرة للسيئات هو مضمون كلام ابن تيمية وابن القيم، ولذا فإن الخير هنا يراد به التكفير.
وقوله في الحديث «عجل له العقوبة».
اللام في «له»: للاستحقاق، وتدل أيضًا على الاختصاص؛ لأن المجرم يُؤاخذ بذنبه. وهل غيره يأتيه شيء من هذه العقوبة؟
الحديث قال: «له»: فأخرج غيره لقوله تعالى: ]وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[ [الأنعام: 16] ]وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى[ [النجم: 39] لكن الغير إن تسبب أو رضي أو أعان فهذا يعتبر كسبًا منه.
قوله: «العقوبة»: بمعنى البلايا والمصائب من مرض أو فقر فيصبر فيحصل له الخير.
وهل يدخل في ذلك العقوبات المعنوية، كالنفاق، والإعراض عن الخير، وضيق الصدر قال تعالى: ]فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ[ [التوبة: 77]؟ الجواب: نعم.
ومن قوله: «العقوبة»: أيضًا هو الذي جعلنا نقول إن المصائب كفارات في هذا الحديث؛ لأنه بدل أن يعاقب في الآخرة عوقب في الدنيا، فكان عقابها مكفرًا، وحجابًا، وبدلاً.
ولم يبين في الحديث مصدر العقوبة هل هي البلايا التي من صنع الله؟ أو هي التي من فعل الناس إما بقصد أو بغير قصد؟
قد يكون الجميع، وقد مرّ بنا هذا التقسيم.
قوله: «في الدنيا»: هذا موضع العقوبة ولا يلزم من التعجيل أن يكون بعد الذنوب،

ولكنه في الدنيا من الذنوب إلى الموت، وقد يكون التشديد في الموت من الكفارات.
قوله: «وإذا أراد الله بعبده شرًا».
عبده: هنا مثل عبده الأول، لكنه المسرف على نفسه بالمعاصي.
الشر: وهنا سؤال: هل معنى ذلك أن الله يريد الشر؟ وكيف نوفق بينه وبين قوله r « والشر ليس إليك»؟
هنا سمى الإمساك عن العقوبة شرًا باعتبار العبد، وإلا باعتبار فعل الله فعدل.
أمسك عنه بذنبه: الممسوك عنه هي البلايا والعقوبة.
بذنبه: الباء سببية، بمعنى أنه ما عاقبه بسبب ذنوبه ولكن أمسك عنه العقوبة وقد تكون بمعنى الاستحقاق أي مع أنه مستحق بذنبه.
ونسب الذنوب إلى العبد: لأنها كسبه.
وهذه الذنوب هي ما دون المكفرات.
حتى: لانتهاء الغاية أي: إلى غاية أن يوافي به يوم القيامة.
وروى الحديث الترمذي وحسنه، والحاكم والطبراني.
مناسبة الحديث: وجوب الصبر على المصائب وأنها خير للعبد.
وهل كل مصيبة علامة خير؟
لا. إلا إن وُفّق إلى الصبر فهي علامة خير، وإن لم يصبر فهي علامة شر.
وقال النبي r: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» حسنه الترمذي.
ظاهر صنيع المؤلف أنه حديث آخر مع أنهما حديث واحد. رواهما الترمذي عن أنس بسند واحد.
ومعلوم عند أهل العلم أنه يجوز تجزئة الحديث.
«إن عظم الجزاء»:
فإذا نظرت إلى هذه الكلمة «الجزاء» وآخر الحديث تبين لك أن في هذا الحديث دلالة على أن المصائب رافعة للدرجات.
«مع عظم البلاء»:

المعية هنا ليست معية مقترنة، وإنما الجزاء يأتي بعد البلاء؛ لأنه مترتب عليه. وهل الجزاء مع كل بلاء مطلقًا؟
لا. ليس كل بلاء معه جزاء إلا بشرطه، وشرطه هنا: أقله اثنان وأكثره ثلاثة: إما الصبر والرضى، أو الصبر والرضى والشكر.
وقوله: «مع عظم البلاء»: أي أن عظم البلاء معه عظم جزاء. هل هو باعتبار الكمية أو الكيفية؟ قد يكون هذا وقد يكون هذا.
«وإن الله تعالى إذا أحب قومًا»: فيه إثبات أن الله يحب. والمعطلة لا يثبتون المحبة لله تعالى.
وقوله «قومًا»: هنا نكرة والمقصود بقوم: أي المؤمنين.
والدليل: أن الله لا يحب الكافرين، وهؤلاء القوم محبوبون.
قوله «ابتلاهم»: أي أصابهم ببلايا ومصائب ورزقهم ما يثيبهم عليها ويثبتهم. ويدل هذا الحديث بالمفهوم أن قلة الجزاء مع قلة البلاء.
قوله «فمن رضي»:
هنا ذكر الرضى فهو يدل على الصبر وزيادة.
وجاء في حديث محمود بن لبيد وقال المنذري: رواته ثقات.
قال: «فمن صبر ... الحديث» ولا يقيد هذا عموم الحديث فإن فيه زيادة الرضى.
وقوله: «فله الرضى» هذا جزاء رضائه أن يرضى الله عنه، فيترتب على ذلك كثرة الثواب.
«ومن سخط» أي: كره، وما تبع الكراهة من أعمال الجوارح.
«فله السخط» فهذا جزاءً وفاقًا، فلما سخط سخط الله عليه، فيترتب على ذلك العقوبة.
مناسبة هذا الحديث: فضل الرضى وأنه يزيد في الدرجات، ويزيد في التوحيد.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 09-18-2012, 12:29 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

باب ما جاء في الرياء
وقول الله تعالى: ]قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ[ [الكهف: 110] الآية.
عن أبي هريرة مرفوعًا: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم].
وعن أبي سعيد مرفوعًا: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قالوا: بلى يا رسول الله! قال: «الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته، لما يرى من نظر رجل» [رواه أحمد].
قال الشارح:
المسألة الأولى: تعريف الرياء:
الرياء مصدر من رآى يرائي رياءًا وهو مشتق من الرؤية. وأما اصطلاحًا: فهو عمل الصالحات يريد مدح الناس وثناءهم.
ومنه ما يسمى بالسمعة، والسمعة رياء لكنها مختصة بالمنطوقات والمسموعات، كحسن القراءة لكي يمدحه الناس، وحسن الوعظ والتدريس لكي يمدحه الناس.
وأما الصلاة وهي عمل فهذا رياء.
وإذا اجتمع الرياء والسمعة اختص الرياء بالأعمال، واختصت السمعة بالمسموعات.
مسألة: حكم الرياء وأقسامه:
القسم الأول: وهو ما يكون شركًا أكبر وهو أنواع:
النوع الأول: الدخول في الدين، فأساس دخوله في الدين رياء، فهذا يعتبر شركًا أكبر.
النوع الثاني: أن يرائي بالأعمال التي تركها كفر فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن هذه الأعمال إذا تركت من غير رياء فهو كفر، وكذلك إذا فعلها مع الرياء فهي باطلة فكأنه تركها، فعملُها مع الرياء عدمٌ. كالصلاة المفروضة: فالإنسان إذا ترك الصلاة كسلاً فإنه يكفر، وإذا فعلها رياءً فإنه يكفر، وعلة التكفير الترك حكمًا ونوعه رياء.

النوع الثالث: أن يكون الغالب على أعماله الرياء باعتبار الكمية، وهذا مفهوم من كلام ابن القيم رحمه الله مفهوم مخالفة؛ حيث إنه يعد يسير الرياء من الشرك الأصغر، فأصبح كثيره من الأكبر، وهذا إذا كان غالب أعماله الرياء، وهذا لا يصدر غالبًا إلا من منافق أو علماني.
القسم الثاني: وهو شرك أصغر. وهو أنواع:
النوع الأول: أن يكون العمل المعين لغير الله لكن هذا العمل ليس مما تركه كفر، فهذا يعتبر من الأصغر.
النوع الثاني: وهو ما يسمى بالرياء الطارئ وهو: أن يبتدئ العمل لله ثم يطرأ عليه الرياء، فهذا على أقسام:
القسم الأول: ألا يركن إليه، فيجاهده حتى يتخلص منه، فهذا لا يضره لقوله r: «إن الله عفى لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم».
القسم الثاني: أن يركن إليه ويسترسل معه، فهذا يحبط عمله، ويعتبر من الشرك الأصغر، ويدل عليه الحديث الأول حديث أبي هريرة، والشاهد منه قوله «تركته» أي جعلته متروكًا.
والقول الثاني: أن تبطل الزيادة. أما أصل العمل فيثاب عليه ذكر ذلك ابن رجب في جامع العلوم.
وفي الباب مسائل:
المسألة الأولى: لو خالط العمل غير الرياء؟
كما لو عمل عملاً صالحًا يريد الدنيا أو المنصب أو الجاه. هذا لا يدخل في هذا الباب، وإنما هو في الباب الذي بعده.
المسألة الثانية: لو طرأ عليه الرياء بعد العمل؟
هذا لا يضره؛ لأنه بعد انتهاء العمل لا يتعلق بالعمل شيء، ويدل عليه مفهوم حديث أبي هريرة «أشرك معي فيه»، وأما بعد العمل فلا يتصور أن يرائي فيه، لكن قد يدخله الرياء من باب التحدث فيه وهي السمعة.

المسألة الثالثة: مدح الناس له وثناؤهم عليه دون قصد منه هل هو من الرياء؟
لا. ليس من الرياء لقوله r لما سئُل عن الرجل يعمل العمل فيحمده الناس؟ قال:«تلك عاجل بشرى المؤمن» [رواه مسلم].
المسألة الرابعة: هل ترك العمل من أجل الناس رياء؟
المقصود بترك العمل كأن يعتاد الإنسان أن يقرأ قراءة جيدة ثم يترك إحسان قراءته من أجل الرياء، أو أن يعتاد صوم الاثنين فيعلم به بعض الناس فيترك الصوم، فهل هذا الترك يعتبر رياء أم لا؟
المسألة فيها قولان:
الأول: التفصيل في العمل المتروك، فإن كان العمل المتروك ليس واجبًا، وتركه لئلا يظن به ما يضره، أو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه، أو يخشى على نفسه الفتة فليس رياء.
أما الواجب فليس له أن يتركه إلا لعذر شرعي. وهذه إجابة اللجنة الدائمة.
الثاني: أنه رياء، ولذلك قال الفضيل بن عياض: «العمل لأجل الناس شرك، وترك العمل لأجل الناس رياء».
واستدل أيضًا بقوله تعالى: ]فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[ [الكهف: 110] وحديث أبي هريرة: «من عمل عملاً» والترك عمل، والثاني هو الأقرب والله أعلم.
المسألة الخامسة: إذا عمل العالم أو طالب العلم عملاً ليس من عادته ولكن ليقتدي به الناس فهو من الرياء؟
لا. ليس من الرياء، ويدل عليه ما ثبت من حديث سهل المتفق عليه من أن النبي صلى على المنبر وقال: «فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي».
المسألة السادسة: لو عمل عملاً لأن تركه عيب أو فعله عيب فما الحكم؟
هذا على قسمين:
إن كان عبادة فهذا لا يجوز؛ لأنه يعمل من أجل السلامة من عيب الناس وذمهم فعلاً أو تركًا.

وإن كان عادة من العادات الدنيوية فلا مانع.
المسألة السابعة: الرياء خاص في الأعمال الصالحة.
ولذا لو عمل الأعمال الدنيوية ليمدحه الناس فهذا ليس من الرياء، مثال ذلك: لو حسن بيته أو مركبه ليمدحه الناس، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس أنه قال: «من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق ...» فذكر الأعمال الصالحة فقط.
المسألة الثامنة: لو أن هناك إنسان لم يعتد على عمل صالح كالصيام مثلاً وحضر عنده ناس يصومون فصام معهم فهل هو من الرياء؟
لا. لأنه ما صام يريد مدحهم، ولكنه نشط لهذه العبادة لما جالسهم، يدل على ذلك حديث حنظلة: «كنا نكون عندك كأنا نرى الجنة فإذا خرجنا عافسنا الأولاد والضيعات ونسينا كثيرًا».
المسألة التاسعة: ما الحكم لو كان في الخلوة ينقص الصلاة وإذا كان عند الناس أكمل الصلاة هذا من الرياء؟
المسألة العاشرة: ما الحكم لو صلى لوحده وإذا فاتته الصلاة خفف وإذا صلى إمامًا طول؟
هذا ليس من الرياء؛ لأنه يطول لمصلحة الجماعة لا لمدحه، ولحديث «صلى لنا رسول الله r في غزوة الحديبية» ولاحظ "لنا".
المسألة الحادية عشرة: لو سئُل عن أعماله الصالحة فهل الإجابة عنها من الرياء؟
لا. هذا ليس من الرياء؛ لأنه بعد العمل وهو إخبار أيضًا. أما لو استرسل وفرح فهذه تحتاج إلى تأمل.
المسألة الثانية عشرة: لو تحدث بعمله الصالح ليُنشط الناس ويُفيدهم؟
هذا جائز، كما قال r: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة».
المسألة الثالثة عشرة: كيف الإجابة على حديث أبي موسى لما استمع له الرسول

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 09-18-2012, 12:30 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وهو يقرأ القرآن حينما قال: «لو علمت لحبرته لك تحبيرًا»، فهل هذا من باب الرياء؟
لا. ليس من باب الرياء .ويُستفاد منه أنه يجوز إتقان العمل المتعدي نفعه لمصلحة السامع أو المستفيد إذا كان العامل مخلصًا. مثل لو تشرح درسًا علميًا ولما علمت أن بعض الناس يستمع فقلت: لو علمت لفصلت وشرحت؛ بخلاف الصلاة فإن نفعها قاصر غير متعدي.
المسألة الرابعة عشرة: لو ترك القراءة الجيدة وغيرها من الأعمال مخافة العين فهل هو من الرياء؟
تحتاج إلى بحث. والذي يبدو لي أنه ليس من الرياء إن كان هنا قرائن للخوف من العين، وإن كان مجرد وهم فهذا لا يجوز؛ لأنه من السفه.
المسألة الخامسة عشرة: ما حكم لو ترك إخبار الناس مقدار حفظه من القرآن أو السنة مخافة العين؟
هذا جائز ]إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ[ [البقرة: 271] لكن لا يخبر بخلاف الواقع.
المسألة السادسة عشرة: لو ترك المعصية من أجل الناس هل هو من الرياء!
أما ترك المعاصي فواجب ولكنه لا يُثاب على هذا الترك، فإنه ما قصد به وجه الله، كما لو ترك المعصية عجزًا. جاء في حديث عمر: «إنما الأعمال بالنيات».
المسألة السابعة عشرة: هل هناك علاج للرياء؟
أما علاج الرياء:
1- أن يترك النظر والاهتمام بالناس لا فعلاً ولا تركًا، ويعوّد نفسه على أن تكون عبادته واحدة في بيته وعند الناس.
2- بالنسبة للأذكار، فقد جاء حديث أبي بكر «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا وأنا أعلمه، وأستغفرك مما لا أعلمه».
شرح الآية:
قل: الخطاب للرسول r.
إنما: أداة حصر.

أنا بشر: هنا نفى عنه الألوهية.
مثلكم: أي مثلكم في البشرية.
يُوحى إليّ: الوحي: لغة: الإعلام بصوت خفي. شرعًا: ما يعلم به النبي أو الرسول من خير الله تعالى.
إنما إلهكم: أي خالقكم ومعبودكم.
الشاهد: ]وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[.
لا: ناهية.
مناسبة الآية: أن العمل المخلوط بالرياء ليس صالحًا، وهذا مما يعضد أن ترك العمل من أجل الناس رياء، لأن الترك عمل صالح.
عن أبي هريرة مرفوعًا: قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم].
مرفوعًا: الرفع هنا حقيقي.
قال الله تعالى: هذا يسمى حديثًا قدسيًا.
أنا أغنى الشركاء: أي لا يقبل من الأعمال إلا الخالص منها، وهذا دليل على كمال غناه.
الشرك: أل للعموم: الشرك الأصغر والأكبر.
من: نكرة في سياق الشرط. فهل تعم؟
لا. المقصود به من عمل عملاً من الأعمال الصالحة، لحديث شداد بن أوس: «من صلى يرآى فقد أشرك ...» فأصبح خاصًا بأعمال الطاعات لكنه عام في جميع الطاعات، فهو عام في الأفراد خاص بالجنس.
عمل عملاً: هل ابتدأ العمل يريد الناس أو طرأ عليه هذا الطارئ؟ كلاهما.
فيه: أي أثناء العمل، فخرج ما كان بعد العمل؛ لأنه لا يكون من باب الرياء وإنما هو من باب السمعة إذا تحدث به يريد المدح.
تركته: هل الترك هنا للعمل أم العامل؟
أما إن كان في الشرك الأصغر فالترك للعمل، وإن كان في الأكبر فإنه يدخل العامل

في العمل.
وعلى هذا يكون الترك هنا: أي لم أجازه على العمل الذي أشرك فيه، فيترك إثابته عليه.
مسألة: ومن معاني "تركته": أن عمله يكون باطلاً, على ذلك فيلزم الإعادة إن كان في الواجبات والفرائض.
مسألة: هل يحبط العمل كله أو بعضه؟
إن كان ينبني بعضه على بعض فإنه يبطل كله، كما لو صلى أربع ركعات فراءى في اثنتين وأخلص في اثنتين، أما إذا أمكن التجزئة فما قارنه الرياء يبطل، كما لو تصدق بمائة ريال أخلص بنصفها ورآى في النصف الآخر.
وعن أبي سعيد مرفوعا: «ألا أخركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى. قال: الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل» [رواه أحمد].
مرفوعًا: حقيقة.
ألا: أداة عرض وتنبيه.
بما: ما موصولية.
عليكم: الكاف في عليكم يعود إلى الصحابة، ويدخل فيه جميع المؤمنين.
وفائدة الخطاب: أن هذا الرياء الذي ذكر في الحديث غالبًا ما يصيب الصالحين، وهو ما يسمى بالشرك الخفي.
المسيح: أل للعهد، أي المسيح المعهود.
هل هي بمعنى اسم الفاعل؟ أو بمعنى اسم المفعول؟ كلاهما. فإنه ممسوح العين اليمنى، ومعنى كونه ماسح: أنه يتجول في الأرض فيمسحها إلا مكة والمدينة.
الدجال: صيغة مبالغة من الدجل.
وتعريفه هو: رجل مموه من علامات الساعة يفتن الناس.
أما زمنه: فقبل نزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
وهل هو موجود أو غير موجود؟

المسألة فيها قولان:
1- أنه غير موجود وإنما يخلقه الله فيما بعد، واستدلوا بقوله r: «إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد».
2- أنه موجود، كما جاء في صحيح مسلم من حديث تميم الداري أنه كلمه في حديث الجساسة المعروف.
هل هو من بني آدم؟ فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه من بني آدم.
القول الثاني: أنه شيطان من الجن.
القول الثالث: أن أباه من بني آدم وأمه من الجن.
والذي تطمئن إليه النفس القول الأول أنه من بني آدم.
قالوا: بلى: قال الشرك الخفي: ويأتي المقصود بالشرك الخفي، ولكن سمي خفيًا باعتبار المكان؛ لأنه عمل قلب يخفى. ثم ضرب الرسول r مثالاً يبين طبيعة الشرك الخفي الذي خافه على المؤمنين فقال: يقوم الرجل ...
يقوم الرجل: هذا باعتبار الغالب ولذا فتدخل النساء هنا.
فيصلي: يدل على أنه أراد الله أولاً ثم طرأ عليه الشرك؛ لأن تزيين الصلاة هو تحسين بعض صفاتها، كالطمأنينة ورفع اليدين وطول القيام، وهذا أشد شيء على الصالحين، ولذا ليس على الصالح الخوف أن يبدأ العمل لغير الله، وإنما الخوف عليه طرء الرياء.
صلاته: من باب المثال وإلا تدخل جميع العبادات.
لما: اللام للتعليل أي: علة التزيين هو ما يرى، وهذا هو الباعث على الرياء.
رواه أحمد وابن ماجه، والحديث حسن.
لم يذكر هنا بطلان العمل، ولكنه معروف من حديث أبي هريرة السابق.
وهذا الحديث يدل على أن الرياء من الشرك الخفي، وعلى أن الرياء الطارئ هو ما يُخاف على الصالحين منه.
مناسبة الحديث: أن الرياء يعتبر من الشرك.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 09-18-2012, 12:30 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

مسألة: ذكر هنا الشرك الخفي ومر علينا الشرك الأصغر والأكبر، فهل هذه أقسام الشرك؟
المسألة فيها قولان:
الأول: أن الشرك ينقسم إلى ثلاثة أقسام:-
1- الشرك الأكبر. 2- الشرك الأصغر. 3- الشرك الخفي.
وهذا اختيار العلامة محمد بن عبد الوهاب. فيكون على ذلك الشرك الخفي قسيم للشركين.
القول الثاني: أنه ليس قسيمًا إنما قسم، وعليه فالشرك نوعان:
1- شرك أكبر. 2- شرك أصغر.
والأكبر ينقسم إلى شرك أكبر ظاهر، وشرك أكبر خفي. ومثله الأصغر، وهذا هو الراجح.
مسألة: كيف يكون بعض الشرك الأكبر خفي؟
سمي خفيًا باعتبار مكانه؛ لأنه لما كان محله القلب كان خفيًا مثل شرك الرياء الذي يكفر به، ومثل العمل لأجل الدنيا، ويأتي إن شاء الله في الباب بعده ما يُكفر ويخرج من الملة منه.
مسألة: وتعريف الشرك الخفي في هذا الحديث: هو ما يقوم في قلب العابد من طلب المدح بالعمل الصالح.

باب من الشرك
إرادة الإنسان بعمله الدنيا
وقول الله تعالى: ]مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[ [هود: 15، 16] الآيتين.
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع».
قال الشارح:
من: تبعيضية.
الشرك: يأتي بمعنى الأكبر ويأتي بمعنى الأصغر، فتكون الألف واللام للعموم.
إرادة الإنسان: الألف واللام للجنس.
بعمله: يراد به هنا العمل الصالح.
المصنف رحمه الله حكم في الترجمة عن حكم عمل الصالحات يريد الدنيا، وجعله من الشرك.
المسألة الأولى: حكم إرادة الإنسان بعمله الصالح الدنيا؟
ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: وهو ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يدخل في الإسلام من أجل الدنيا، وهذا شرك أكبر.
النوع الثاني: أن يكون الغالب على أعماله الصالحة إرادة الدنيا، وهذا شرك أكبر.

النوع الثالث: أن يعمل العمل الذي تركه كفر يريد به الدنيا فقط، وهذا شرك أكبر.
القسم الثاني: أن يعمل العمل الصالح المعين يريد به الدنيا، وهذا العمل ليس تركه كفرًا، فهذا شرك أصغر. وكذلك إذا كانت إرادة الدنيا في بعض أعماله وهي يسيرة، فهذا أيضًا من الشرك الأصغر.
القسم الثالث: أن يعمل العمل الدنيوي يريد به الدنيا، كأن يجتهد في عمله الدنيوي يريد المرتبة.
ومثل لو استأجر رجلاً ليعمل له عملاً فأتقن هذا الرجل من أجل زيادة الأجرة، فهذا لا بأس به.
المسألة الثانية: أمثلة للأعمال الصالحة من أجل الدنيا.
مثل الجهاد من أجل الدنيا فقط، والهجرة من أجل الدنيا فقط، والأذان من أجل الراتب فقط، والإمامة من أجل الراتب فقط، وقراءة القرآن من أجل المال فقط، وطبع المصاحف من أجل المال وكسب الربح فقط، وتطبيق الحدود يريد به الأمن فقط، وصلة الرحم يرد به طول العمل وكثرة الرزق فقط، الصلاة من أجل المال فقط، الدراسة الشرعية من أجل المال فقط والتفقيط مقصود هنا.
وعلامة أنه أراد الدنيا فقط في الأمثلة السابقة كما قال r: «إن أُعطي رضي وإن لم يُعط منها سخط».
المسألة الثالثة: أيهما أشد الرياء أم العمل لأجل الدنيا؟
الشارح ابن قاسم رجح أن العمل من أجل الدنيا أعظم لعدة أسباب منها: أن العمل من أجل الدنيا يسري ويمتد، وأما العمل رياء فإنه في عمل دون عمل، ولهذا سُمي طالب الدنيا عبدًا، أما المرائي فما جاءت فيه هذه التسمية.
شرح الآية:
من: هنا شرطية وهي لفظ عام فيدخل المسلم والكافر والرجل والمرأة.
يريد: الأداة هنا بمعنى القصد والطلب.
لكن ممن يريد؟ يختلف الحكم: فإن كان عمل العمل الصالح يريد ثوابه من الله في الدنيا، كمن وصل رحمه ليطول عمره في الدنيا فقط، أو صلى لدفع الأمراض والآفات

عنه فقط، وكمن زكى لينمو ماله فقط، فهذا العمل ليس خالصًا وقد يثاب في الدنيا وقد لا يثاب، والسبب لأنه إعراض عن الآخرة، لكن لا يدخل في حد الشرك لأن العمل لله، لكنه تعجل الأجر في الدنيا، فهذا يكون غير خالصًا ولا يصل إلى حد الشرك.
الثاني: أن يريد من الناس، كمن يقرأ القرآن يريد الأُجرة من الناس فقط، أو جاهد للمغنم فقط، فهذا من الشرك الأصغر.
الحياة الدنيا: أي الثواب.
وزينتها: الواو عاطفة والعطف يقتضي المغايرة، فالزينة غير الحياة الدنيا، فالزينة تشمل المال والنساء والبنين لقوله: ]زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ[ [آل عمران: 14]. الآية.
نوفَّ: جواب الشرط.
والتوفية: بأن يُعافيهم أو يعطيهم مالاً.
فيها هذا مكان التوفية وهو في الدنيا. إلا أن عموم هذه الآية مخصوص بآية الإسراء ]مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ[ [الإسراء: 18].
فيكون المعنى أنه لا يلزم أن يوف الله في الدنيا كل إنسان؛ بل إن شاء الله وفاه في الدنيا وإن شاء لم يحصل له.
وهم فيها: أي في الدنيا.
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار. هذا أسلوب حصر.
والحصر هنا بالنفي والإثبات. وهذا حكمه في الآخرة.
وهل لهم نار على وجه الخلود أم لهم نار يُعذبون فيها ثم يخرجون؟
على حسب التقسيم السابق، فإن كان أكبر فليس له إلا النار خالدًا فيها، وإن كان أصغر فليس له إلا المؤاخذة أولاً ثم ينتهي إلى الجنة.
حبط ما صنعوا فيها: أي حبط في الآخرة ما صنعوا في الدنيا.
وباطل: العمل في نفسه باطل فلا يؤجر عليه.
المسألة الرابعة: ما هو أثر إرادة الدنيا على العمل؟
على قسمين:

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 09-18-2012, 12:30 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

الأول: الحبوط، وهذا إذا أراد الدنيا فقط.
الثاني: النقصان، وهذا إذا أراد الدنيا والآخرة على تفصيل يأتي.
المسألة الخامسة: لو قال قائل هذه الآية في المشركين فكيف سحبت على المؤمنين؟
يقال: اشتركوا معهم في وصفهم فأصبح الحكم واحدًا، قال r: «ومن تشبه بقوم فهو منهم».
المسألة السادسة: نجد بعض من يتكلم عن العبادات يُركّز على فوائدها الدنيوية، فإذا تكلم عن الصلاة مثلاً قال: إنها رياضة للأبدان.
هذا لا ينبغي الاهتمام به لوحده؛ لأنه يفتح على الناس الاهتمام وإرادة هذه الأمور، أما لو ذكرت كأمر ثانوي فهذا له حكم آخر.
المسألة السابعة: لو طلب الدنيا بأسبابها الدنيوية كطلب الريح عن طريق البيع في الزراعة؟
هذا لا شيء فيه؛ بل يؤجر عليه الإنسان إذا أخلص لقوله r: «إنما الأعمال بالنيات».
حديث الباب: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة...».
هذا الحديث قسم الناس باعتبار الإرادة في العمل الصالح إلى قسمين، وبدأ بالقسم الأول: وهو من كان يريد بالعمل الصالح الدنيا فقط.
تعس: دعاء على من ذل للدنيا وخضع.
عبد: العبد هو من ذل وخضع، والعبودية هي الذل والخضوع.
عبد الدينار: عبد مضاف والدينار مضاف إليه، والإضافة هنا على تقدير اللام، واللام للتخصيص. والمعنى أنه ذل وخضع للدينار، ومن مظاهر خضوعه: إن أعطي منه رضي وإن مُنع منه سخط، فحبه وبغضه ورضاه وسخطه تابع للدينار والدينار: عملة قديمة.
عبد الدرهم: الكلام عليها مثل الكلام على ما سبق: إلا أن الدرهم: قطعة من الفضة. وهذان المثالان خضوع للمال والنقود.

الخميصة: نوع من الثياب.
الخميلة: نوع آخر من الثياب.
وهذان مثالان لمن أراد أعراض الدنيا.
وليس خاصًا بالأربعة بل يُقاس عليها من ذل وخضع لشيء من أمور الدنيا المادية أو المعنوية، كمن يسهر للتجارة ويترك صلاة الفجر في وقتها أو جماعة، ثم ذكر رسول الله r الضابط والمقياس لمن ذل للدنيا «إن أُعطي رضي وإن لم يعط سخط».
أُعطي: مبني للمجهول سواء كان العطاء من الله لا صنع للإنسان فيه، أو أعطاه الإنسان.
رضي: هذا أبلغ من قوله سكت أو شكر؛ لأن الرضى عمل قلبي فيدل على أن قلبه امتلأ رضى.
تعس وانتكس: هذه الجملة يحتمل أن تكون دعاءً عليه أو إخبارا، فإن كانت إخبارًا فهو بمعنى انه لم تصفُ له الدنيا.
وإذا شيك فلا انتقش: ليس المراد الشوكة ذاتها؛ بل إنه إذا وقع في أي مصيبة ولو يسيرة فتجده عاجزًا وحيرانًا، وهذا المقطع من الحديث يدل على أن من كانت الدنيا همه فقد عبدها.
والقسم الثاني في الحديث: من كان يريد وجه الله والدار الآخرة فقط، وهذا ذُكر في آخر الحديث.
طوبى: قيل اسم تفضيل أي ما أطيبه، وقيل: الجنة، وقيل: شجرة في الجنة.
وذكر الشارح ابن قاسم حديثا عند أحمد «أنها شجرة في الجنة».
والتفسير النبوي أقرب، وإذا حصلت له الشجرة في الجنة حصلت له الجنة، وكان من أطيبه وما أفضله.
آخذ بعنان فرسه في سبيل الله: هذا أول وصف لهذا القسم، فهو مجاهد بل ومستعد للجهاد؛ لأن الآخذ بزمام الفرس دليل على الاستعداد.
في سبيل الله: أي ليس في سبيل غيره من القومية والوطنية.
أشعث رأسه مغبرة قدماه: هذه هي الصفة الثانية ومعناها: أن وقته كله مشغول

بالجهاد، وليس معنى هذا أنه لا يريد النظافة ولا يهتم بنظافة شعره، لا. بل ليس عنده وقت لها، وإلا فالنظافة مطلوبة شرعًا «إن الله جميل يحب الجمال».
ولهذا الحديث تجد بعض المجاهدين يحب المشي على الأقدام من أجل تغيرها.
وهل هذا الوصف في كل زمنه؟ أي أنه أشعث الرأس مغبر القدمين.
لا. بل هو وصف في حال الجهاد وزمن الطوارئ.
الصفة الثالثة: أنه متقن لعمله ولو وضع في أي عمل، إن كان في الحراسة فيحرس الجيش من أن يهجم عليه أحد فيتقن المراقبة، وإن كان في الساقة -أي مؤخرة الجيش- فإنه يتقن عمله، ومثله أي عمل في الجهاد.
الصفة الرابعة: مكانته عند الناس، فليس له جاه عند أهل الدنيا؛ لأنه ليس من أهل الدنيا.
بقي قسم ثالث بين القسمين السابقين وهو:
من أراد الدنيا والآخرة، وهو ما يسمى بالمخلط بينهما، وهذا على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يكون الغالب عليه إرادة وجه الله، ويريد أيضًا الدنيا في نفس العمل، وهذا في الأصل جائز، ولكن ينقص الأجر، كما جاء في حديث عند مسلم في الذين غنموا قال: «تعجلوا ثلثي أجرهم».
- ومثله المؤذن إذا أراد الآذان وأراد الراتب أو بيت المجسد، فهذا ينقص أجره ولا يعتبر من الشرك.
- ومثله لو حج يريد الوقوف بعرفة والدعاء ويريد أجرة الدنيا.
- ومثله لو درّس العلوم الشرعية يريد العلم والفائدة، ويريد المال.
- والأمثلة كثيرة، ولكن شرط هذا القسم أن يكون الغالب إرادة وجه الله.
والدليل على هذا القسم قوله تعالى: ]لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ[ [البقرة: 198].
النوع الثاني: أن يكون الغالب عليه والأكثر إرادة الدنيا، وهذا محرم ومن الشرك إن أراد الدنيا من الناس.
النوع الثالث: أن تكون الإرادتان متقاربتين، أو متساويتين، فهذا محل خلاف

والأقرب عندي أنه محرم ويلحق بالشرك.
مسألة: لو أن الإنسان طلب علم الشريعة فدخل في كلية الشريعة وأصول الدين يريد الدنيا فقط "هذا شرك"، لكن لما توظف بها تاب إلى الله فهل تحرم عليه الوظيفة؟
وهل يكون حكمه مثل حكم من غش في الامتحان ثم نجح غشًا؟ ومثال آخر: لو أن إنسانًا بنى مسجدًا وأراد به الدنيا ثم تاب بعد ذلك فما الحكم؟
أما للأول فلا تكن الوظيفة عليه حرامًا إذا كان متقنًا لها. وأما المثال الثاني فبالنسبة للمسجد فالصلاة فيه صحيحة وبالنسبة للباني فلعله بعد التوبة يؤجر وأما قبل التوبة فلا لحديث «أسلمت على ما أسلفت من خير» فكان يعمل للدنيا ولما أسلم وتاب أُجر على هذا الخير وهذا مثله من باب قياس التوبة على الإسلام.
مسألة: جاء في بعض الأحاديث الحث على الأمور الصالحة بأمور دنيوية، مثل قوله r: «من قتل قتيلاً فله سلبه» فيدل على أن من قتله لأجل السلب جاز،ومثل حديث «من أحب أن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه» فلو وصله من أجل أن ينسأ له في أثره جاز، إلى غير ذلك من الأحاديث.
نقول: في هذه الأحاديث ليس المقصود أن يكون الباعث للعمل الصالح الأمر الدنيوي فهذا لا يجوز، أما لو كان حافزًا ومنشطًا فهذا جائز، وهو المقصود بهذين الحديثين.
مسألة: تابعة للدرس الماضي:
عرفنا أنه إذا قرأ القرآن يريد الدنيا فهو شرك، فما حكم تعليم القرآن؟
أما تعليم القرآن فيجوز ولو أخذ عليه شيئًا من الدنيا؛ لقوله r: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» ومثله العلاج بالقرآن.
مسألة: لو عمل العمل الصالح يريد وجه الله ثم طرأت عليه إرادة الدنيا؟
هي مثل حكم ما إذا غلب عليه إرادة وجه الله وشيء من الدنيا، هذا إذا استرسل وأما إن جاهد فأخلص الإرادة فهو كمن عمل عملاً يريد وجه الله فقط.
مسألة: لو كفئ على عمله الصالح شيئًا من الدنيا فما الحكم؟
حكمه: كما مر علينا في الرياء، وكما مر علينا في مدح الإنسان على عمله الصالح، وهذه عاجل بشرى المؤمن.

باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله
أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله r، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي r يقرأ هذه الآية: ]اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ[ [التوبة: 31] الآية. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟» فقلت: بلى. قال فتلك: عبادتهم. رواه أحمد، والترمذي وحسنه.
قال الشارح:
هذا الباب والباب الذي بعده يعتبران من أصعب الأبواب؛ لأن لهما تعلقًا بالواقع.
المسألة الأولى:
المصنف حكم على أن من أطاعهم فقد اتخذهم أربابًا.
المسألة الثانية:
موضوع هذا الباب يتحدث في الطاعة وأحكامها.
المسألة الثالثة: شرح الترجمة:
من: شرطية تفيد العموم، فهي عامة في كل من أطاعه.
والطاعة: الموافقة على وجه الاختيار، فخرج به الإكراه والإلزام، فإنه لا يدخل معنا في هذا الباب، فهو خاص فيمن يوافق مختارًا بدون ضغوط، أما لو أكره على تنفيذ الأوامر فهذا يدخل في باب الإكراه.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 09-18-2012, 12:31 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

قوله "العلماء": للعموم، فتشمل حتى علماء السوء؛ لأن الذي يخالف الشرع ويحلل ويحرم هم من علماء السوء.
وقوله "أمراء": جمع أمير، ويقصد به من شأنه الأمر والطاعة.
وذكر المصنف هنا صنفين هما: العلماء والأمراء، ويُقاس عليهم الأصناف الأخرى، كالعباد، ورؤساء العشائر، وكل ما من شأنه الطاعة كالوزراء.
قوله: «في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم»: ذكر المصنف هنا تحريم الحلال وتحليل الحرام.
وهي عدة صور:
أما بالنسبة للحلال:
فالصورة الأولى: تحليل الحلال.
الصورة الثانية: تحريم الحلال.
الصورة الثالثة: إيجاب الحلال.
الصورة الرابعة: استحباب الحلال.
الصورة الخامسة: كراهية الحلال.
فتجري في الصور الخمس الأحكام الخمسة، لكنها تتفاوت في الحكم.
أما تحليل الحلال فهذا واجب «وأما تحريم الحلال فهو الذي معنا في البحث، ومثلها إيجاب الحلال إذا كان معنى الإيجاب الحكم الشرعي – لا الإيجاب بمعنى الأمر، أما الكراهية والاستحباب فهي محل بحث وهناك فرق بين الحكم الشرعي الذي هو الإيجاب والتحريم ... وبين الحكم السلطاني الذي منه المنع والإلزام ونحوه».
وقوله: تحليل الحرام: تجري فيه الأحكام الخمسة السابقة تمامًا.
وأما الإلزام بالحلال والحرام فهذه لا تدخل؛ لأنه مسألة الإكراه، كما لو أُكره على حرام.
وباعتبار الكمية؛ فالثاني أكثر عند العلماء والأمراء وهو تحليل الحرام كما ذكر المصنف.
فقد اتخذهم: هذا جواب الشرط والفاء رابطة.

أربابًا: جمع رب، والرب هو المتصرف، فيكون المعنى: اتخذهم متصرفين، لكنه تصرف شرعي لا تصرف قدري.
فالتصرف نوعان:
1- تصرف شرعي، كما قال تعالى: ]شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ[ [الشورى: 13].
2- تصرف قدري، وهو التصرف في الكون إماتة وإحياء.
المسألة الرابعة: حكم طاعة العلماء والأمراء؟
تنقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يطيعهم وهو يعلم أنهم مخالفون "عامدًا"، مع أنه يرى أن ما أحلوه حرامًا وما حرموه حلالاً. وهذا على نوعين:
النوع الأول: في الأمور المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة وهي المسائل الظاهرة، فهذا يعتبر كفرًا وشركًا أكبر.
مثال ذلك: لو أطاعهم في الذبح لغير الله أو كل ما هو من الشرك الأكبر، فهذا كافر ومشرك شركًا أكبر وهو شرك في باب الطاعة ومثله لو أطاعهم في ترك أحد المباني الأربع وهو يعلم أنهم مخطئون.
النوع الثاني: أن يطيعهم في المسائل الخلافية ([1])، كأن يفتي بجوار التصوير، أو بجواز قص اللحية، ويعلم أن فتواهم خاطئة لكن تابعهم هوى، فهذا يعتبر محرمًا وكبيرة من كبائر الذنوب ([2]).
القسم الثاني: أن يطيعهم وهو لا يعلم مخالفتهم فهذا على قسمين:
النوع الأول: المسائل المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة وهي المسائل

الظاهرة، فهذا يكفر إلا ما استثني وهو حديث العهد، ومن نشأ في بلاد الكفر أو في البادية البعيدة.
كما لو أجازوا الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله أو كل ما هو من الشرك الأكبر وتابعهم على ذلك وهو لا يعلم أنهم مخطئون، فقد اتخذهم ربًا، ويعتبر من الشرك الأكبر ومثله لو أطاعهم في أحد المباني الأربع وهو لا يعلم أنهم مخطئون وهو عائش بين المسلمين وليس حديث عهد.
النوع الثاني: المسائل الخلافية التي لها حظ من النظر، فهذا يعذر إذا أطاعهم وهو لا يعلم مخالفتهم.
القسم الثالث: أن يطيعهم عالمًا معتقدًا أن لهم التحليل والتحريم فهذا يكفر، وهذا القسم فيه زيادة مسألة الاعتقاد.
قواعد تلاحظ في حكم طاعة العلماء والأمراء:
1- أن الأمور المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة وهي المسائل الظاهرة فإن المطيع يكفر فيها سواء كان عالمًا أم جاهلاً؛ إلا ما استثني في مسائل الجهل في غير الشرك الأكبر والمستثنى وهم ثلاثة حديث العهد ومن نشأ في بلاد الكفر أو البادية البعيدة.
2- أن المسائل الخلافية لا بد أن يكون لها حظ من النظر – مبنية على آية أو حديث أو إجماع أو قول صحابي.
3- المسائل الخلافية التي لها حظ من النظر يختلف الحكم فيها باختلاف الشخص، إن كان متعمدًا وخالف هوى أو مصلحة فإنه يحرم، وإن كان جاهلاً غير متعمد فإنه يعذر، ومثله المجتهد لا شيء عليه.
4- كونه يعلم أنهم مخطئون له أثر في المسائل الخلافية.
بقي مسألة من المسائل الخلافية وهي التي ليس لها حظ من النظر، فهذه تحتاج إلى بحث، وأما التحريم والمنع فثابت، وأم التكفير فيحتاج إلى بحث.
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله. وتقولون: قال أبو بكر وعمر.
هذا جواب لحوار دار بينه وبين من كان حوله، فإن ابن عباس يرى وجوب نسك

التمتع في الحج، ويستدل على ذلك بقول الرسول r، وعنده في المجلس من يرى أن الإفراد أفضل، ويستدل بفعل أبي بكر وعمر، فقال له هذا القول.
يوشك: أي يقرب.
عليكم: الكاف للمخاطبين عنده الذين عارضوا فعل الرسول بقول أبي بكر وعمر.
مناسبة هذا الحديث: تحريم تقديم قول أحد على قول الرسول r، وأنه يستحق هذا الوعيد.
وهذا الأثر فيه فوائد:
1- أن من بلغه الدليل ورده تقليدًا لإمام فإنه ينكر عليه بغلظة.
2- لا يلتفت إلى رأي يُخالف الكتاب والسنة.
3- تحريم التقليد مع وضوح الدليل.
المسألة الخامسة: حكم التقليد؟
يحرم في مواضع ويجوز في مواضع.
أما مواضع التحريم:
1- عند وضوح الدليل، فالتقليد يحرم ويسمى التقليد الأعمى والعصبية المذهبية. بقي لو كان الدليل غير واضح؟ تحتاج إلى بحث.
2- تقليد إمام معين يقلده في كل شيء.
أما المواضع التي يجوز فيها التقليد:
1- العامي، فإن فرضه التقليد ]فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[ [النحل: 43].
2- طالب العلم والعالم إذا لم يتضح له الدليل ويحتاج إلى الفتوى وإلى العمل، فإنه يقُلد، وهذا محله في المسائل الخلافية.
وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور: 63].
الإمام يأتي لمعاني كثيرة وهو هنا: المتبع والمقتدى به في الخير. عجبت لقوم: العجب هنا عجب إنكار.

وقوله قوم: وصفهم بصفتين؛ لأن الوصف يقتضي المغايرة:
الأولى: أنهم يعرفون الإسناد "رجال السند".
الثانية: أنهم يعرفون التصحيح "الحكم عليه بكونه صحيحًا أم لا".
ومعنى ذلك أنهم علماء وطلبة علم.
يذهبون إلى رأي سفيان: هكذا قال: رأي، ولم يقل دليل سفيان.
سفيان: هو الثوري.
ومناسبة الأثر: الإنكار والتعجب من العلماء وطلبة العلم العارفين بالحديث تصحيحًا وتضعيفًا أن يذهبوا إلى رأي سفيان وغيره.
وخرج بقول أحمد "يعرفون الإسناد وصحته" صور:
الصورة الأولى: من لم يعرف الإسناد والتصحيح؛ فإنه يذهب إلى رأي سفيان أو غيره.
الصورة الثانية: من شك في التصحيح، فإنه يذهب إلى رأي سفيان.
الصورة الثالثة: من عرف الإسناد ولم يعرف التصحيح "معنى الإسناد" أي حفظ رجاله وليس لديه ملكة في التصحيح وقواعده.
الصورة الرابعة: من عرف الصحة ولم يعرف الإسناد، هذا لا يمكن إلا أن يكون مقلدًا في الصحة، وإذا عرف الصحة بطريق صحيح فهذا كافي؛ لأن الأصل معرفة الصحة.
والله تعالى يقول: ذكر الآية من باب الاستدلال على قوله في عدم جواز تقليد العالم الذي معه الدليل، وهذا من أحسن الأمور أن يكون الحكم الشرعي مصحوبًا بالدليل.
وهنا مسألة: حكم ذكر الأدلة عند ذكر الأحكام؟
هذا من باب الاستحباب، وأما بناء الأحكام على الأدلة فواجب.
]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ[ [النور: 36].
فليحذر: هذا تحذير ووعيد.
أمره: أي أمره الشرعي.
أن تصيبهم: أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، فليحذروا إصابة الفتنة، ثم فسر الإمام أحمد الفتنة بأنها: الشرك.
أو يصيبهم عذاب: أصبح المخالف لأوامر الله معرض لشيئين:


([1]) المسائل التي لها حظ من النظر.

([2]) هناك مسألة تحت هذا القسم، وهو لو أطاعهم فيما يعلم أنه محرم وذلك في المسائل الخلافية ولكن للمصلحة في زعمه إما للدعوة أو غير ذلك، فهذه حكمها لا تجوز أيضًا، بل قد تكون أشد مما لو اتبع هواه، لأن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها، ومثاله: من قص لحيته حتى يتولى منصبًا ويصلح في منصبه.

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 09-18-2012, 12:32 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

- أن يتدرج به الأمر إلى أن يقع في الشرك.
2- أن يصيبه عذاب أليم.
بعض قوله: أي قول الله وقول الرسول، فدل على أن رد قول الرسول سبب لزيغ القلب، ويترتب على زيغ القلب الهلاك.
حديث عدي بن حاتم:
وقع فيه خلاف في تصحيحه، فحسنه الترمذي كما ذكر المصنف، وذهب بعض أهل العلم إلى تضعيفه والحديث حسن كما قال الترمذي.
عدي بن حاتم: كان نصرانيًا ثم أسلم.
يقرأ هذه الآية: والملاحظ أنه لم يذكر الاستعاذة ولا البسملة، وهذا الحديث وأمثاله صارف لوجوب الاستعاذة والبسملة، ومنه قول الرسول r: «سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى دخل الجنة»، ولم يذكر البسملة ولا التعوذ.
أحبارهم: هم العلماء.
رهبانهم: العباد.
أربابًا: مشاركين لله في التشريع.
والمسيح ابن مريم: هذا هو الصنف الثالث من الأمور التي اتخذوها؛ إلا أن اتخاذهم للمسيح بن مريم اتخاذ عبادة وتقرب. وأما الأحبار والرهبان فاتخذوهم اتخاذ طاعة.
فقلت: هذا قاله باعتبار ما كان من أمره في النصرانية.
لسنا نعبدهم: يريد الصنفين الأولين الأحبار والرهبان.
نعبدهم: نسجد ولا نركع لهم، فظن أن العبادة مقصورة على التقرب بالسجود والذبح والصلاة، ففسر العبادة ببعض صورها.
أليس: استفهام إنكاري.
يُحرّمون: يجعلونه حرامًا، والتحريم هو المنع.
ما أحل الله: ما: موصولية بمعنى الذي.
ويستفاد من قول أحل الله: دليل العلم؛ لأنهم يعرفون أنه حلال أي: يحرمون ما تعلمون أنه حلال، ففيه إشارة إلى أنهم متعمدون.

فتحرمونه: الفاء للتعقيب، فيدل على مسارعتهم في اتباع الأحبار والرهبان.
قوله فتحرمونه: أي توافقونهم على التحريم على وجه الاختيار.
وهل يحرمونه اعتقادًا أم عملاً؟ كلاهما. أما الاعتقاد فواضح ويكون باللسان والقلب أما العمل فإنكم تعلمون ما قالوا مختارين، وفي الثاني مناط الحكم العمل.
أي فتعتقدون تحريمه، أو تعملون عملاً به أو تقولون إنه حرام فهذه ثلاثة أمور، و"أو" هنا للتنويع.
ويحلون ما حرم الله: الذي حرم الله، وتعرفون أن الله حرمه فتحلونه اتباعًا لهم.
ومن أمثلة ما أحوله:
أ- لحم الخنزير، فإنه كان حرامًا ثم أحله الأحبار واتبعوهم على ذلك، فبدءوا يعتقدون أنه حلال، أو يقولون أنه حلال بناء على فتوى الأحبار ومثله الاتباع عملاً وطاعة.
ب- ومثله إسقاط الختان.
ج- والصلاة إلى المشرق.
د- اتخاذ الصور في الكنائس.
هـ- تعظيم الصليب.
هذه خمسة أمثلة مما أحله الأحبار وتابعهم الناس على ذلك، ومثله عند اليهود تبديل عقوبة الرجم بالتحميم، وهو: تسويد وجه الزانية والزاني.
فتلك عبادتهم: أي عبادة الطاعة، لأن موافقتهم على ما يقولون ذل وخضوع، وهذه عبادة طاعة.
وسمّى الرسول الطاعة على هذا الوجه عبادة، فتبين أن الطاعة أوسع من العبادة.
وهذه مسألة: أيهما أوسع الطاعة أم العبادة؟
أشار إليها الشيخ ابن باز رحمه الله في المجلد الخامس من الفتاوى ص17.
قال: «والذي أرى أن الطاعة أوسع من العبادة، فكل عبادة لله موافقة للشرع تسمى طاعة، وليست كل طاعة بالنسبة لغير الله تسمى عبادة ... ثم قال بعد كلام: وبيان ذلك أن من أطاع الأمراء وغيرهم في معصية الله لا يسمى عابدًا لهم إذا لم يعتقد جواز طاعتهم فيما يخالف الشرع، وإنما أطاعهم خوفًا من شرهم أو اتباعًا للهوى وهو يعلم

أنه عاص، فهذا يعتبر عاصيًا بهذه الطاعة لا مشركًا إذا كانت الطاعة في غير الأمور الشركية، مثل: لو أطاعهم في ضرب أحد من غير حق، أو قتل أو أخذ مال بغير حق، هذا ذكره الشيخ ردًا على أبي الأعلى المودودي رحمه الله».
في حديث عدي مسائل:
المسألة الأولى: من شرح الحديث اتضح أن الطاعة تنقسم إلى قسمين:
الأولى: طاعة اعتقادية، وهي أن يعتقد حل ما أحلوه وتحريم ما حرموه مع أنه يُخالف الشرع، فهذا يكفر بمجرد الاعتقاد ولو لم يعمل، وهذا القسم ليس مقصودًا في الباب؛ لأنه لو اعتقد من نفسه بدون فتوى حل حرام أو تحريم حلال فإنه يكفر لكن نوع الكفر هو كفر اعتقاد أما لو تابعهم فنوع الكفر كفر طاعة أو شرك طاعة.
الثانية: طاعة عملية لسانية، وهي خاصة بالأقوال، بأن يُحلّوا حرامًا فتقول أنت بأنه حلال بناءً على فتواهم، فإنك أشركت شرك طاعة قول.
الثالثة: طاعة عملية بالجوارح وهو أن يتابعهم على ذلك ويطيعهم عليه بفعله كما لو أصدروا تشريعًا مجمع على مخالفته للشرع ثم تابعهم عليه ومشى عليه.
أمثلة:
المثال الأول: لو شرب الخمر وهو يعلم أنه حرام فهذا يعتبر عاصيًا، فإن شرب الخمر واعتقد أنها حلال فهنا يكفر كفر استحلال، فإن شرب الخمر يعتقد أنها حرام لكن قال: هي حلال بناء على فتوى أو نظام، فإنه أشرك واتخذهم أربابًا أو مشى عليه وتابعهم فيه وأطاعهم في ذلك فهذا هو التحليل هنا.
المثال الثاني: وجوب الحج، فالحج واجب وهو ركن من أركان الإسلام، فإذا تركه وهو معتقدٌ لوجوبه ولكن تركه تهاونًا وكسلاً، فإنه يعتبر عاصيًا على المشهور، فإن أفتى عالم أو أخرج أمير نظامًا بأن الحج ليس بواجب فتبعهم على ذلك أو قال: ليس بواجب، فقد أشرك واتخذهم أربابًا سواءً كان اعتقاده لهوى أو خطأ، وشركه شرك أكبر وإن مشى على ذلك وتابعهم عليه وأطاعهم في ذلك فهذا هو التحليل هنا.
وإن اعتقد أن الحج ليس بواجب فقد كفر وعلى ذلك فاتخاذهم أربابًا في الطاعة هو قول أو عمل أو اعتقاد.

المسألة الثانية: الموقف من اجتهادات علماء أهل السنة والجماعة وطلبة العلم إذا خولفوا فيها:
الموقف الأول: أما محبتهم وموالاتهم فهذه واجبة.
الموقف الثاني: أما القدح والتكلم في أعراضهم في المجالس، فهذا لا يجوز.
الموقف الثالث: مراجعتهم ومناقشتهم والكتابة إليهم.
الموقف الرابع: لا يجب عليك موافقتهم فيما ترى أنهم أخطئوا فيه؛ بشرط أن يكون عرف خطأهم بناءً على معرفته بالأدلة، أو تقليد من هو أوثق عنده منهم؛ إذا كان المقلد من أهل السنة، فلا يترك ما عنده من العلم والتقليد الصحيح لاجتهادهم، وله أن يُفتي ويعلم ويعمل حسب اجتهاده، وإن أدى إلى مخالفتهم في اجتهادهم مع ما مضى من المحبة والموالاة.
المسألة الثالثة: الموقف من أخطاء الحكام:
الحكام على نوعين: كفار، وأهل إسلام:
أما الكفار منهم فيجب منابذتهم وبغضهم وتحرم ولايتهم، ويجب على كل قادر جهادهم.
أما إن كانوا أهل إسلام وأمروا بالمعاصي أمرًا خاصًا ليس عامًا أو تشريعًا فالموقف تجاههم:
1- أما الخروج عليهم بالمعاصي فهذا لا يجوز.
2- مناصحتهم.
3- عدم موافقتهم على ما أمروا به من المعاصي.
4- بقي مسألة الإنكار عليهم وعلانيته، فهذه محل خلاف: فمنهم من لا يرى الإنكار العلني على الولاة.
والثاني: الإنكار العلني في الخطب والمجالس إن كان الأمر يتعلق بالناس ويحتاجونه، والثاني أقرب، وهو الراجح والأدلة.
1- لحديث معاوية مرفوعًا: «يكون أمراء فلا يرد عليهم يتهافتون في النار» رواه أبو يعلى بسند حسن، وسبب الكلام أن معاوية خطب في ثلاث جمع وتكلم بكلام، فقام إليه

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 09-18-2012, 12:32 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

رجل أنكر عليه علانية أمام الناس ومعاوية يخطب، ففرح به معاوية وبرده، وقال الحديث السابق.
2- ولعموم حديث أبي سعيد «فإن لم يستطع فبلسانه»، وقد أيد رجلاً أنكر على مروان علانية.
3- ولعموم حديث أم سلمة في مسلم بعد ذكر أئمة الجور قال: فمن كره فقد سلم، ومن أنكر فقد برئ.
وعموم: "أنكر" في حديث أبي سعيد وأم سلمة لا يخصصه "أخذ بيده" "أو عند" من حديث عياض بن غنم؛ لأن العام إذا ورد عليه خاص لبعض أفراده فلا يخصص، وإنما يؤكد، وما سبق هو عام في المكان، وأما حديث عياض بن غنم في النصيحة أنها سر لقوله أخذ بيده. فعندي أنه يحمل على الأمير الذي يقبل أمثال عياض بن غنم، لكن الجمع بين العلانية والسرية باعتبار الأمراء. أما أمثال الحجاج ومروان وغيرهما فعلانية ([1]).
ومن الأدلة على العلانية:
1- نصح الصحابي عائذ بن عمرو للأمير عبيد الله بن زياد أمام الناس وأصل الحديث في مسلم: «أن شر الرعاء الحطمة».
2- مراجعة المرأة لعمر بن الخطاب علنًا في آية ]وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا[ قال ابن كثير أخرجها أبو يعلى عن مسروق بسند قوي.
3- وعلي بن أبي طالب خالف عثمان علنًا في مسألة التمتع في الحج.
4- والسلف والصحابة أنكروا البدع المروانية والأموية التي فعلها مروان وبعض بني أمية فخالفهم الصحابة في زمنهم وأنكروا عليهم علنًا مثل تقديم الخطبة على الصلاة في العيد والأذان للعيد. والأسرار في التكبير للأمام في بعض التكبيرات وغير ذلك.
5- وقصة عبد الله بن جعفر المزني في إنكاره على ابن زياد علانية.
أما الأدلة على السرية:

1- فقصة أسامة بن زيد لما امتنع أن يكلم عثمان في أمر الوليد علنًا إنما كلمه سرًا. وقال كلمته دون أن أفتح بابًا رواه البخاري.
2- حديث عياض بن غنم من رأى من أميره شيئًا فليأخذ بيده ... الحديث.
والصحيح الجمع فإن كان الأمير يقبل فهنا السرية، أما إن كان لا يقبل أو يقبل لكن في أمر عام لا بد أن يعرف الناس حكمه أو يخشى من ضياع حكم ما أو أمر له علاقة بالناس. أو أنه جُرّب مع هؤلاء الأمراء فإن نصحت سرًا لم يكترثوا أما إن أعلنت تجاوبوا وغيّروا فهذه علانية. وجاء عند أبي داود في الجار الذي يؤذي جاره فقال الرسول r له: «أخرج متاعك» -لكي تصبح وسيلة ضغط عليه حتى لا يؤذي بعد إنكار الناس عليه-.
أما دعوى أن النصح السري هو مذهب السلف والعلانية بدعة فهذا ليس بصحيح بل هو جراءة على الصحابة والسلف الذين أنكروا علنًا كما سبق.
مسألة: من فوائد الإنكار العلني:-
1- يؤدي إلى تقليل المنكرات.
2- فيه عز وقوة للعلماء.
3- فيه نشاط لأهل الخير.
4- فيه خذلان وقمع لأهل الباطل والعصاة.
ومن مفاسد السري:
1- يؤدي إلى اتهام العلماء بعدم الإنكار والخوض فيهم.
2- يؤدي إلى تجرؤ الحكام.
مسألة: ما الحكم لو أمر الحكام المسلمين بمستحب؟
الجواب: يستحب طاعتهم لكن لا تجب؛ حتى لا تنقلب المستحبات واجبة بأمر الناس، كأن يأمرهم بصيام عاشوراء أو الاثنين والخميس «راجع صلاة الاستسقاء في كتاب زاد المستقنع وشروحه».
مسألة: ما الحكم لو أمروا بمحرم؟
الجواب: تحرم طاعتهم لقوله r: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

مسألة: لو أمروا بمباح أو منعوا من فعله؟
إن أمروا بمباح أو منعوا فعله؛ لأن تركه أو فعله يؤدي إلى ضرر بالمسلمين فهنا تجب طاعتهم ما دام أن فيه مصلحة للمسلمين ولا يعارض شيئًا من الشرع، ويتفرع عن هذه المسألة فيما لو كانت المصلحة ليست للمسلمين عامة، وإنما هي خاصة لهم أو لمن يحبون، أو تكون لمصلحة الكفار، فهنا لا تجب طاعتهم. «استفدت ذلك من ابن جرير في تفسير آية: ]أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[».
مسألة: إذا أمروا بأمر مختلف فيه وهو من مسائل الاجتهاد؟
فإن كانوا بنوا ذلك على علم أو عن فتوى فيجب طاعتهم على أحد الأقوال لأهل العلم والقول الثاني لا يجب وهو اختيار ابن تيمية وجماعة وهو الأرجح ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع قال ذلك ابن تيمية في الفتاوى في باب القضاء، وإن كان اختيار أحد الأمرين عن هوى فلا تجب طاعتهم، فيكون حكمه حكم من فسر القرآن بغير علم فقد أخطأ ولو أصاب. أما القاضي إن حكم بالخلاف كما ذكر الفقهاء في كتاب البيع أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في القضية المعينة أما القضية العامة فليس حكم العالم أو الأمير يرفع الخلاف بل هذا خلاف الإجماع كما قاله ابن تيمية كما أن فتوى المفتي العام لا يرفع الخلاف إلا في الفتوى الخاصة فقط.
المسألة الرابعة: كيف يعرف أنهم قد حكموا هوى، أو عن علم؟
هذه مثل مسألة الشك في الحاكم إذا أمر بقتل المجهول، فذكر فقهاء الحنابلة في كتاب الجنايات "لو أمر الحاكم بقتل مجهول فالمذهب تجب طاعته لعموم الأدلة".
القول الثاني: ينظر إلى حال الحاكم، إن غلب عليه العدالة وعدم الظلم فيُطاع، وإن غلب عليه الظلم والجور فإنه لا يطاع في المجهول حتى يتبين أنه محق وهو الراجح.
المسألة الخامسة:
والمصنف هنا تكلم عن حكم طاعة العلماء والأمراء، ولم يتكلم عن العالم أو الأمير الذي يحلل أو يحرم اكتفاءً بالنصوص التي ذكر؛ لأنها تدل على الحكم الآخر، فأي حكم في المتبع فهو في العالم والأمير أولى.
مسألة: وهل للحكام والأمراء ورؤساء القبائل وكل من له طاعة عامة أن يلزم الناس

بمذهب فقهي معين أو بقول عالم معين؟
الجواب: ليس له ذلك وقد ناقش هذه المسألة ابن تيمية في الفتاوى في باب القضاء في أول فصل منه. وذكر أن ذلك لا يجوز كما اختاره أيضًا ابن القيم في «إعلام الموقعين». وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة بأنهم كانوا ينهون الناس عن تقليدهم فكيف يلزمون الناس به وهو مذهب ابن عباس حيث قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة ... فأنكر على من رأى مذهب الخليفة وهو مذهب علي بن أبي طالب حينما خالف الخليفة (عثمان) في مسألة التمتع في الحج وهو مذهب عمران بن حصين وأبي موسى حيث خالفوا مذهب عمر في متعة الحج، وهو مذهب حذيفة في مخالفته لعمر في مسألة نكاح الكتابيات، والسلف المعاصرون في بني أمية خالفوا الحكام لما كان مذهبهم تقديم الخطبة على صلاة العيد والأذان للعيد وأنكروا عليهم ذلك وقد رفض الإمام مالك لما طلب منه الرشيد أن يلزم الناس بكتاب الموطأ فمنع من ذلك مالك، وكل من نهى عن التقليد فإن مذهبه عدم الإلزام إذ كيف ينهى عن التقليد ثم يلزم بتقليد الحاكم أو المفتي العام!!
مسألة: وهل للعلماء والمفتين أن يلزموا الناس بفتواهم. فيقولوا هذا قولنا ويقول المفتي العام هذه فتواي ويمنع القول بغيرها أو مخالفتها؟
الجواب: لا يجوز وقد ناقش ابن تيمية هذه المسألة في الفتاوى وذكر أنها خلاف الإجماع. فكيف إذا عاقب على من خالفه أو سجنه أو منعه من الفتيا.
مسألة: فلو قال قائل فماذا تفعلون بما كان يفعله عمر بن الخطاب وعثمان رضي الله عنهما من إلزام الناس بقول واحد في مصلحة المسلمين؟
قلنا أولاً: ينبغي أن يُعرف أنهما فعلا ذلك في مصلحة المسلمين لا في هوى أو مصلحة الحكم أو الكرسي.
ثانيًا: غاية ما يدل على الإباحة، أما الوجوب فلا وأما أن يعاقب عليه ويسجن ويمنع المخالف أن يفتي مطلقًا فهذا حاشاهم، ذلك فما كان الصحابة يمنعون أحدًا من العلماء منعًا عامًا بعدم الإفتاء إنما هذه من الحكم بغير ما أنزل الله، وحتى لو فرض المنع فإنهم يمنعون في مسألة معينة فقط علمًا بأن ما فعله عمر وعثمان خالفهم غيرهما من الصحابة.

مسألة: هناك مسألة في الطاعة الخاصة من شخص خاص معين ليس له صفة العموم ليس كالأمراء والملوك والعلماء. مثل طاعة الزوجة مثلاً في تسمية الابن عبد الرسول أو عبد الحارث؟
فهذه من الشرك الأصغر وتأتي إن شاء الله في باب: ]فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ... الآية[.


([1]) وجاء عن الصحابي عبد الله بن جعفر المزني أنه أنكر على عبد الله بن زياد علانية أمام الناس، فقيل له! فقال: وددت أن داره وسعت أهل هذا المصر فسمعوا مقالتي وسمعوا مقالته. رواه الطبراني إلا أن الهيثمي قال: فيه ثابت بن نعيم لم أعرفه ... المجمع (5/312).

رد مع اقتباس
إضافة رد
 
ضع تعليق بحسابك في الفيس بوك


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع



الساعة الآن 09:29 PM.
 

Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

   

تصميم المنافع لتقنية المعلومات