كان في عام الرمادة سنة ثماني عشرة للهجرة، أن جدبا عم أرض الحجاز وجاع الناس جوعا شديدا وقد بسطنا القول في ذلك في سيرة عمر.
وسميت عام الرمادة لأن الأرض اسودت من قلة المطر حتى عاد لونها شبيها بالرماد، وقيل لأنها تسفى الريح ترابا كالرماد، ويمكن أن تكون سميت لكل منها والله أعلم. وقد أجدبت الناس في هذا السنة بأرض الحجاز وجفلت الأحياء إلى المدينة ولم يبق عند أحد منهم زاد، فلجأوا إلى أمير المؤمنين فانفق فيهم من حواصل بيت المال مما فيه من الأطعمة والأموال حتى أنفذه، وألزم نفسه أن لايأكل سمنا ولا سمينا حتى يكشف ما بالناس. فكان في زمن الخصب يبث له الخبز باللبن والسمن ثم كان عام الرمادة يبث له بالزيت والخل، وكان يستمرئ الزيت ولايشبع مع ذلك فاسود لون عمر رضي الله عنه وتغير جسمه حتى كاد يخشى عليه من الضعف.
واستمر هذا الحال في الناس تسعة أشهر ثم تحول الحال إلى الخصب والدعة وانتشر الناس عن المدينة إلى أماكنهم.
من كتاب البداية والنهاية