لغتنا العربية تتميز بالاختصار الشديد في المساحة، مقارنة بلغات حروفها لاتينية كالإنجليزية وغيرها. العبارة التالية مثال يوضح ذلك:
إنجليزي:
Muhammad is suffering from the cold; so I have brought the treatment to him with a spoon, so that he takes it and heals.
عربي:
محمد يعاني من الزكام؛ فجلبت الدواء له بملعقة، ليأخذه ويشفى.
تشغل هذه العبارة بالإنجليزية 120 خانة؛ بينما تشغل بالعربية 59، وهذا اختصار دون النصف. يتأتى الاختصار في عدد الحروف والفراغات ما بين الكلمات، لعدة أسباب؛ منها:
° علامات التشكيل: تتميز العربية بهذه العلامات لتحريك الحروف، وهي لا تكتب إلا نادرًا للتوضيح، فالقارئ يفهم النص غالبًا دون الحاجة لها. بينما يحتاج تحريك الحروف في اللغات اللاتينية إلى حروف. فمثلاً اسم "محمد" من 4 أحرف، لكنه في اللغات اللاتينية من 8 أحرف، وهذا اختصار إلى النصف.
° الضمائر المتصلة: كلمة مثل him, her, my, your, their, it يقابلها حرف ه، ي، ك، أو حرفا ها، هم، هن في آخر الكلمة. مثلاً: "to him" يقابلها "له"، و"takes it" يقابلها "يأخذه".
° الواو: للعطف. كلمة and مع فراغ يليها يقابلها حرف "و" بلا فراغ يليه. مثلاً: "and heals" يقابلها "ويشفى".
° "ال": للتعريف. كلمة the مع فراغ يليها يقابلها "ال" بلا فراغ يليها. مثلاً: "the treatment" يقابلها "الدواء".
° اللام: للتعليل. مثلاً، "so that he takes it" يقابلها "ليأخذه".
° الباء: للتعليل والمصاحبة والاستعانة والعوض والظرفية. مثلاً، "with a spoon" يقابلها "بملعقة".
° الفاء: للتعليل والتعقيب والجزاء. مثلاً، "so I brought" يقابلها "فجلبت".
° اللا: للنهي والنفي. كلمتان من 6 أو 8 خانات تقابلها كلمة من خانتين. مثلاً: "do not talk" يقابلها "لا تتكلم"، و"he does not talk" يقابلها "هو لا يتكلم".
° الكلمات والأحرف الإضافية: هذا في اللغات اللاتينية مثل "is, am, are"، وحرف "a" للنكرة، وأحرف "ment, dom, ship, ing" في آخر الكلمة.
° التشبيك والتراكب: يوجد تشبيك في اللغات اللاتينية لكن ليس في الطباعة على الأغلب؛ بينما لا تكتب العربية إلا مشبكة الحروف. كما أنها تتميز بإمكانية تراكب بعض الأحرف، كما في اسم "محمد" مثلاً، حيث تتراكب أحرف الميم والحاء بشكل عمودي.
إن في ذلك لتوفير كبير للمساحة يصل إلى أكثر من النصف، سواءً على الورق أو على الوسائل الإلكترونية، ما يعني أن الإنتاج الفكري العربي يكلف أقل بكثير من الغربي. لكن... هذا الاختصار ضيعته وطغت عليه ثرثرتنا التي اعتدناها في مجالسنا، وانعكست على ما يصدر من كتب عربية... كبيرة الحجم، ثقيلة الوزن، ضئيلة القيمة. يضاف لذلك... الاقتصار على المجالين الأدبي والديني؛ أما ما سواهما ليس إلا نقلاً وترجمة. هذا ما تميز به العرب عن باقي الشعوب... كثرة الكلام، وقلة الفائدة.