مقبرة عظيمة في صحراء المهمل تبعث أسئلة من مقبرة التاريخ !

[الخضاري]

استغلالا لفترة الاستقرار في أجوائنا ، أطرح هذا الموضوع للفائدة :

بسم الله الرحمن الرحيم
في آخر الأسبوع المنصرم الموافق ليوم الخميس 9 / 6 / 1432 هـ - 13/ 5 / 2011 م كانت لنا جولة سريعة في شمال صحراء المهمل ، استمرت نصف يوم ، سلكنا فيها طريق وادي الدواسر - رنية ، فمررنا بجبل الباقر ، فأفيخ ، فباطن الشقيب ، فجبال بني جربوع ، فالطراد ، فهضاب حدا ، وقبل أن نصل إلى مفرق طريق( بيشة - الرياض ) الجديد بمسافة 20 كيلا كنا قد نزلنا عن الطريق واتجهنا جنوبا حتى جاوزنا باطن الشقيب ، وبينا كنا نسير في الناحية الشمالية الشرقية من جبال بني جربوع هالنا منظر عشرات القبور التي رصفت حجارتها بجوار حزم في صورة منتظمة ، فأخذ منظر هذه القبور يبعث الأسئلة من أجداث أحداث التاريخ ، فمن متسائل يقول: أهي أجداث قافلة حج تقطعت بأصحابها السبل ؟ وآخر يعارضه : ألا تكون أجداث قوم فتك بهم وباءٌ معدٍ ؟ .. وثالث يقول بعد أن فكر وقدر : مايدريكم لعلها تكون حصيلة معركة طاحنة بين قبيلتين عظيمتين؟ فكان رأيه هو الذي كاد يصمد أمام البحث والنقاش ؛ إذ لو كانت تلك القبور لقافلة سفر لما استطاع أن يدفن أصحابها بعضهم بعضا ، ولو كانت نتيجة مرض معد لما دفنوا بجوار بعض ؛ لأن من عادة الناس قديما إذا مات أحدهم من مرض معد رحلوا عن ذلك المكان إلى غيره طلبا للسلامة من ذلك الوباء ، لكن حجم بعض القبور يوحي بأنها لأطفال ؛ مما يجعل وفاتهم نتيجة وباء معد احتمالا قائما ..
ومهما يكن ، فإنه مع إنعام النظر في طبيعة تلك المنطقة ، وتقليب الرأي في هيئة تلك الأجداث ، وإمعان الفكر في طريقة دفنها ، اتضح لدينا :
- أنها قبور مسلمين ، روعي فيها موافقة اتجاه القبلة .
- أنها ليست قديمة ؛ إذ عمرها - على سبيل الظن - من القرنين إلى الثلاثة .
- أنها متقاربة جدا ، ولهذا فبعضها يوحي بأنها قبور أطفال ، كما أن تقاربها لا يجعلك تميز حدود بعضها عن الآخر ، ولا إحصاء عددها بشكل دقيق إلا بالفحص والتنقيب ، لكن عددها - على سبيل التخمين - يتراوح من 25 إلى 35 قبرا .
- أنها في مكان لايوجد بالقرب منه مورد ماء - فيما نعلم - سوى باطن الشقيب الذي يبعد عنها مسافة 20 كيلا تقريبا ..

خارطة الموقع :

المربع الأحمر يشير إلى موقع المقبرة في الخارطة ..



إحداثية الموقع :

20,852 شمال
43,7309 شرق

صور المقابر وأعتذر عن تكرار المناظر :












كأن أصحاب تلك القبور يرددون من تحت الصفائح والتراب أبيات ابن الزقاق البلنسي :
ألا يا واقفاً بي عند قبري
سل الأجداث عن صرف الليالي
وعن حالي فإن عَيَّتْ جواباً
فعبرتها تجيب عن السؤال
لئن شمت العدوّ بنا فمهلاً
سينقل للصفائح كانتقالي
وأيّ شماتة في ترك دنيا
لذي أمل رأى عنها ارتحالي
وكنت أُقيم بين الناس فيها
فسرتُ إلى المهيمن ذي الجلال























قبر منفرد عن بقية القبور لعله قبر شيخ أو من القبيلة الأخرى:








ثم بعد ذلك عدنا إلى الطريق المعبد مرة أخرى ، فواصلنا سيرنا غربا إلى هضاب حدا إلى حيث مراتع قبيلة سبيع العامرية العامرة المعمّرَة ، لعلنا نرى ربيعا صيفيا في تلك المنطقة بعد أمطار الأسابيع الماضية ، وعندما بلغناها لم نجد صيفا تضرب لأجله أكباد الإبل كما حدث في العام الماضي ؛ إذ لم نر إلا مرعى شحيحا ولله الحمد في السراء والضراء ..














يتبع ..