معالم ومنارات في طريق التجديد وإصلاح المجتمع ونهضة الأمة وعلاج لمشكلات الواقع وتعقيدات الساحة وفق منهج مستمد من الكتاب والسنة
في هذا الكتاب معالم يجتمع عليها الدعاة ويصطلح عليها المصلحون وعلى ضوئها يسير المسلمون ، فيه الموعظة الحية والكلمة الصادقة والدعوة الصافية والمنهج الوسطي
ارجوا أن ينتفع به المسلمون ، ورحم الله الإمام عبدالعزيز بن باز واسكنه فسيح جناته
بندر المطيري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
" يأيها الذين امنوا اتقوا حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون " " يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا " " يأيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
فشهر رمضان شهر فضيل كريم . يحبه المؤمنون الصادقون لما فيه من نفحات ربانية ، وحلاوة إيمانية، يجدها كل مؤمن صدق في حبه لله ورسوله . ففي رمضان تقبل القلوب ، ويكثر الخير ، ويقل الشر ، ويتسابق فيه المسلمون على فعل الطاعات من تلاوة للقران وصلاة وذكر وصدقة وغير ذلك من سبل الخير والطاعة. ولهذا أحببت أن أضع للمسلم كتابا يشتمل على المواعظ والدروس والفوائد التي يستعين بها على معرفة الأحكام المهمة المتعلقة بالصيام ويكون حافزا له على الإكثار من فعل الخيرات ويدله على ما ينبغي أن يكون عليه المسلم في رمضان وحتى يؤدي الواجب الذي عليه على بصيرة وعلم . فوقع الاختيار على مختارات من كلمات الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله التي تتسم بالسهولة والوضوح والاستناد على الدليل من الكتاب والسنة وتنبعث منها روح الصدق والشفقة والنصح للمسلمين . فجمعت مسائل الصيام بعضها إلى بعض وسقتها في سياق واحد لتشكل موضوع مترابط وكأنه قيل في مناسبة واحدة واخترت من المواعظ والرقائق المناسبة والجامعة ، التي قالها الشيخ في مناسبات مختلفة وقد تختلف في الأسلوب فيما بينها لان بعضها محاضرات وبعضها رسائل مكتوبة . وما يلقى في المحاضرات يختلف في طريقته وأسلوبه عما يكتب ويؤلف وحرصت في جميعها أن تكون مختصرة حتى يمكن قراءتها في المساجد والمنازل والمجالس دون إملال أو تطويل كما أنني حرصت ان يكون في هذه المواضيع المنتقاة علاجا لما تمر به الامة الاسلامية من محن وفتن ولاشك أن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة حرجة وهي بحاجة إلى معرفة المخرج مما تعيشه من ضعف وتفرق وبحاجة إلى معرفة كيف تبني مجتمعا مسلما يتمثل الإسلام في كل شئونه ولذلك فقد اجتهدت في اختيار معالم في طريق التجديد والنهضة والإصلاح يهتدي بها الدعاة والمصلحون والمسلمون عامة وهي معالم مدعمة بكلام الإمام ابن باز رحمه الله الذي سار بالأمة الإسلامية سيرا حكيما بوسطية ومنهجية مستمدة من الكتاب والسنة وهي في نفس الوقت مواضيع عامة يحتاج إليها كل مسلم وقد رتبت هذه المعالم حسب ترتيبها المرحلي في بناء المجتمع المسلم وتبتدي هذه المعالم من المجلس العاشر إلى آخر الكتاب مع بعض المواضيع العارضة التي جاءت لمناسبة معينة او هي من المواضيع المتممة والمكملة لهذه المعالم والى القاري الكريم توضيح ذلك فالمواضيع الأولى من الكتاب الى المجلس التاسع تتعلق بأحكام الصيام و آدابه وهي تشتمل على أهم أحكام الصيام التي ينبغي على المسلم معرفتها ثم تأتي المواضيع العامة والتي قصدنا من خلالها رسم معالم التجديد وخطواته وأول هذه المعالم جعلته عن الإسلام والشريعة الإسلامية وضرورة البشر إليها ويمثل هذا المعلم التعريف بالإسلام وسماحته وشموليته وانه الدين الحق الذي يجب على البشرية اعتناقه ثم جعلت المعلم الثاني عن الإخلاص وتحقيق التوحيد ونبذ الشرك إشارة إلى أن هذا هو حقيقة الإسلام وانه بدون ذلك لا يكون العبد مسلما ثم اتبعت هذا المعلم بمعلمين آخرين يتعلقان بإصلاح الباطن وتزكية النفس وتنقيتها لان إصلاح الباطن واستقامة القلوب وطهارتها هو الأصل الأصيل والركيزة العظيمة لإصلاح العبد من جميع الوجوه وتأهيله لتحمل الشريعة ثم جعلت المعلم الخامس طلب العلم الشرعي لان النفس إذا زكت وطهرت أصبحت مهيأة لتحمل العلم ولأنه لا يمكن للعبد أن يعبد الله ويدعو إليه إلا بالعلم ثم جعلت المعلم السادس فضل القران وقيام الليل وجعلت هذا المعلم بعد طلب العلم وقبل الدعوة إلى الله لان طالب العلم لابد ان يكون قدوة في نفسه عاملا بعلمه وايضا لابد له من زاد يقويه على الدعوة الى الله وتحمل أعباء ذلك وهذا الزاد هو تلاوة القران وقيام الليل وهو ما أوصى الله به نبيه صلى الله عليه وسلم قبل ان ينهض بالدعوة في قوله تعالى ( يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القران ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) ثم جعلت المعلم السابع الدعوة الى الله لان الدعوة إلى الله تأتي بعد العلم فهي زكاة العلم ولا دعوة بدون علم والعلماء هم الدعاة على وجه الحقيقة ثم جعلت المعلم الثامن الجهاد في سبيل الله إشارة إلى أن الجهاد يكون بعد الدعوة والتبليغ وعند القدرة عليه وهو لمقاتلة من يقف في وجه الدعوة ونشر الإسلام واقامت دولته ثم اتبعت هذا المعلم بموضوع الغزو الفكري لانه نوع من الحرب على الإسلام ويحتاج الى جهاد من نوع اخر وهو جهاد الحجة والبيان وله مناسبة برمضان اذ في رمضان يشتد هذا الغزو عبر الفضائيات و الاذاعاة والصحف وغيرها ثم جعلت المعلم العاشر عن المرأة ومكانتها في الإسلام اذ المرأة هي من أكثر ما يستهدفه الغزو الفكري ودعاة الشر لإفسادها ومن ثم إفساد المجتمع المسلم ثم لما كان المجتمع المسلم قد يتأثر بما يحاك له من خطط الإفساد والإغواء جعلت المعلم الحادي عشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون حصنا حصينا للمجتمع وسببا في اصلاح ما فسد منه ثم جعلت المعلم الثاني عشر أخلاق المؤمنين والمؤمنات لان المجتمع متى نبلت أخلاقه وعلت أصبح مجتمعا صالحا والأخلاق هي من أهم عوامل نهضت المجتمعات ورقيها وأيضا فيه إشارة إلى ضرورة الأخلاق الحسنة عند الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وكذلك عند المأمورين بالمعروف والمنهيين عن المنكر حتى ينتفع المسلمون بهذه الشعيرة وهي شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم اتبعت هذا المعلم بمعلم آخر يعتبر من أهم عوامل إصلاح المجتمع وهو وجوب التعاون على البر والتقوى ثم جعلت المعلم الرابع عشر من معاني الإخوة الإسلامية تأكيدا على أهمية التعاون على البر والتقوى وتذكيرا بحال المستضعفين من المسلمين في شتى بقاع الأرض ثم ختمت هذه المعالم بمعلم وجوب التوبة الى الله وجعلته في ختام هذا المعالم وفي ختام الشهر أيضا لان كل ما يقوم به العبد من أعمال صالحة من جهاد وصلاة وصيام ودعوة وغير ذلك هو من فضل الله ويجب على العبد أن يتوب من ذنوبه وتقصيره في طاعة الله ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة الكرام بعد هجرتهم وجهادهم ودعوتهم ( وتوبا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون ) فهذه خمسة عشر معالما يهتدي بها المصلحون والدعاة والمسلمون عامة في طريق الإصلاح والدعوة إلى الله . ومن تأمل كلمات الشيخ رحمه الله في وصاياه وندآته ظهرت له قيمة هذه الكلمات وانتفع بها . لان المواعظ والدروس متى أتت من عالم عامل بعلمه صادق في نصحه فإنها بحول الله تقع في القلوب وينتفع بها الناس انتفاعا عظيما . واني لأشكر الله جل وعلا الذي وفق لإعداد الكتاب وارجوه عز وجل أن يجعل فيه الخير والبركة والنفع انه جواد كريم. وأحب أن أنبه القارئ الكريم بأنني قد ميزت عبارات الشيخ وكلماته وجعلتها بين شرطتين وأشرت في الحاشية إلى ما اختصرته من كلامه وميزت العبارة التي ليست من كلامه وجعلتها بين قوسين
وفي الختام أتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ احمد بن راشد العرفج الذي قام بمراجعة الكتاب أكثر من مرة وشجعني على إعداده وأبدا لي ملاحظاته واستفدت من توجيهاته وأفكاره فجزاه الله عني وعن المسلمين خيرا كما اشكر اللجنة العلمية في مؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية الذين اتحفوني بملاحظاتهم وتنبيهاتهم فجزاهم الله خيرا .
هذا و اسأل الله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وان يردهم إلى دينه ردا جميلا ويصلح ولاة أمورهم وان يولي على المسلمين خيارهم ويكفيهم شرارهم اسأل الله أن ينصر دينه وان يعلي كلمته انه على كل شي قدير وبالإجابة جدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه