والسؤال الآن: ما سر وجود هذا الكم المحدد (وسطياً) من المياه المتبخرة والمتكاثفة سنوياً؟
إن الإجابة تكمن في مظهر آخر من مظاهر التوازن الطبيعي على سطح الأرض، إنه التوازن الإشعاعي الحراري الأرضي الجوي.
تقدر الطاقة الحرارية الشمسية الواصلة إلى سقف الغلاف الجوي الأرضي بحوالي (1.36.10)24 حريرة/سعرة/سم2/سنة وهو ما يعادل (2/1 ÷ 2 مليار) (5) من مجموع الطاقة الحرارية الشمسية. وإذا ما سلطت هذه الطاقة ـ أي الطاقة الكاملة للشمس ـ على محيطات الأرض وبحارها ستتبخر كاملاً خلال (1.5) ثانية وستختفي تماماً.
عندما تصل أشعة الشمس (R) إلى الأرض وجوها تتعرض لتبدلات عديدة تمثل الموازنة الإشعاعية الجوية المكونة من العناصر التالية:
(R= D+E+C) (6)
إذ إن (R) ـ تمثل مجموع الأشعة الواصلة إلى جو الأرض وسطحها.
(D) ـ تمثل مجموع الأشعة الإجمالية التي تمتص من قبل اليابسة وماء المحيطات.
(E) ـ تمثل مجموعة الأشعة الممتصة من قبل الجو.
(C) ـ تمثل مجموع الأشعة المنعكسة من على سقف الجو وسطح الأرض.
ولنفصل قليلاً:
عندما تبلغ أشعة الشمس (R) إلى سقف الجو ينعكس منها ما نسبته (31%) مباشرة إلى الفضاء الخارجي (C) وما تبقى من الأشعة (69%) يدخل الغلاف الجوي (E) فيمتص منه قرابة (17%) والباقي (52%) أي (D) فإنه يمثل مجموع الأشعة المباشرة والمنتثرة الواصلة إلى سطح الأرض، والتي ينعكس منها إلى الجو قرابة (4%)، وهكذا يتبقى من الأشعة ما يعادل (48%)، ونجد أن (18%) يصرف إشعاعاً أرضياً فعالاً ذاتياً إلى الجو، وما تبقى أي (30%) فإنه يعتبر المخزون الأرضي الإشعاعي الفعلي الذي يتحول جزء منه إلى طاقة حرارية تعمل على تبخير المياه على اليابسة والمحيطات وبنسبة (22%) من مجموع الأشعة الممتصة فعلياً من قبل سطح الأرض، أما ما تبقى وهو (8%)، فإنها تصرف على عمليات التبادل الحراري الطاقي بين الأرض والجو.
وهكذا فإن الموازنة الإشعاعية الطاقية لسطح الأرض فإنها تبدو كالتالي:
(30% - (22% + 8%) = 0) تتوزع الطاقة المصروفة على التبخر الأرضي نطاقياً (حسب درجات العرض)