تدور الأيام وتكتمل دورتها السنوية، وتظهر همسات بصيَغٍ شتى وقصدها واحد، وكُلُّها إلى ذاك الهلال تُشير. إذ تنتشر التساؤلات: هل سيكمل شعبان أيامه ؟ أم سَيطُلّ رمضان بعد غروب شمس يوم الاثنين 29 شعبان 1434هـ الموافق 8 يولية 2013م ؟
انه سؤال ذو ( نكهة سنوية ) اعتدناها منذ عقود. وتظهر إجابات متأرجحة ما بين مقبولة ومستهجنة، كما تظل التعليقات متناقضة على مستويات عدة. تُرى هل لا يزال الوضع كما هو بالرغم من التطور التقني السريع خلال السنوات الأخيرة؟
قبل الخوض في إجابة السؤال، يتطلب الصدق منا التمعن في الأوقات الدقيقة لغروب كل من الشمس والقمر، والتي تعطي انطباعًا أولاً عن حالة إمكانية الرؤية : أهي ( مستحيلة ) أم ( صعبة ) أم ( ممكنه )، هذا يختلف من مكان إلى آخر، اعتمادًا على خطوط العرض و الطول.
فبالنسبة لـ تأثير ( خطوط الطول ) على إمكانية رؤية الهلال فإنه يتضح لدينا بأنه كلما اتجهنا غربًا تكون إمكانية الرؤية ( أكبر ) من الشرق.
و أما تأثير ( خطوط العرض ) على إمكانية رؤية الهلال فيعتمد على وضعية الهلال بالنسبة للشمس؛ فهو إما يكون على يمينها (شامي) أو على يسارها (يماني). فلو كان الهلال يمانيًا، فانه كلما اتجهنا جنوبًا كانت إمكانية الرؤية أكبر والع** صحيح. وحيث أن هلال رمضان القادم يقع على يسار الشمس، فإنه كلما اتجهنا جنوبًا فان إمكانية الرؤية تصبح أكبر.
ولإيضاح ما سبق وكتطبيق عملي، فإن القمر في تبوك يغرب يوم الاثنين 29 شعبان الموافق 8 يولية 2013م قبل الشمس بدقيقتين، ومع الشمس في المدينة المنورة، وبعد الشمس بدقيقة في مكة المكرمة، وبعد الشمس بدقيقتين في أبها، وبعد الشمس بثلاث دقائق في جيزان، وهذا تأثير خطوط العرض.
أما تأثير خطوط الطول فيتمثل في أن القمر يغرب قبل الشمس في الرياض وما يحاذيها بدقيقتين، وبالتالي يستحيل رؤية الهلال. وكلما اتجهنا غربًا فإن غروبه يتأخر لتأخر الغروب، لذا فانه يغرب بعد الشمس بدقيقة في مكة المكرمة.
ومن هذه المقدمات المتمثلة في غروب كل من الشمس والقمر نجد أنه من المستحيل أن يُر الهلال في شرق وَ وسط و شمال المملكة. أما في الغرب، فمن مكة إلى الجنوب – حيث يكون ارتفاع الهلال فيها ما بين ربع درجة إلى اقل من درجة – فتكون الرؤية مستحيلة نظرًا لارتفاع القمر المتدني فوق الأفق، وذلك اعتمادًا على إرث تاريخي علمي موثق، والذي يشير بعدم إمكانية الرؤية في هذه الظروف المتمثلة في بقاء الهلال دقيقة أو دقيقتين قبل غروبه؛ أي إن قرنه السفلي ملامس الأفق اللامع، مما يرفع صعوبة الرؤية الى رتبة المستحيل في جنوب المملكة، بينما ستكون الرؤية ممكنة في الأجزاء السفلى من أمريكا الجنوبية.
ومع التسارع التقني في وسائل الرصد الحديثة والتي صاحبتها حاسبات سريعة أتاحت معالجة الصور بشكل لم يكن مسبوقًا ومكنت من تصوير الهلال نهارًا مرتفعًا عن الأفق، إلا انها لم تتمكن حتى الآن من تصوير الهلال وهو على مثل هذه الارتفاعات المنخفضة، مما يشير بان رمضان سيبدأ بإذن الله الأربعاء الموافق 10 يوليه.
أ. د. حسن محمد باصرة
رئيس قسم علوم الفلك
جامعة الملك عبدالعزيز بجدة