عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 09-18-2012, 02:40 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

القسم الأول: أن يسبه على أنه فاعل للحوادث، وهذا شرك أكبر يدل عليه الآية الأولى.
القسم الثاني: أن يعتقد أن الله هو الفاعل، ولكن يسبه لأنه وقعت في الدهر أمور مكروهة وحوادث مؤلمة، وحكمه: محرم.
مثل قوله: هذا يوم أسود على وجه التأفف، وقولهم: لا بارك الله في هذه الساعة، وقولهم: يوم مشئوم، وقولهم: طفشنا من هذا الحر، أو يسب البرد.
ومثل: الأيام الحالكة، أو أيلول الأسود، أو أيام النكسة ومثل ذلك: ما أقسى القدر، ورد على هذه اللفظة ابن باز رحمه الله في فتاويه.
أو قول: هذا زمان غدَّار.
ومثله: الشام شامك إذا الزمن ضامك، وهذا فيه نسبة الضيم إلى الزمان.
القسم الثالث: أن يصف الدهر بالشدة أو الغلظة، ويقصد الخبر المحض دون اللوم والتأفف، وهذا جائز. قال تعالى: ]ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ[ [يوسف: 48] على لسان يوسف، وقوله: ]سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا[ [الحاقة: 7] ومثال ذلك قوله: هذا يومٌ شديد الحر.
ودليل الجواب: أن يكون مبنيًا على سؤال أو يقصد به التحذير.
مثال: لو سأل عن الجو فأجبت بأنه شديد الحرارة، أو أوصى بأن لا يلبس الثياب الغليظة لأن الحر شديد، ودليل ذلك الآيات المتقدمة مع قوله r: «إنما الأعمال بالنيات».
المسألة الخامسة: قول القائل: عام الحزن، وعام المجاعة.
هذا من باب الإخبار وهذا جائز.
المسألة السادسة: متى زمن سب الدهر؟
عادة الهر يُسب عند النوازل، وعند الحوادث المكروهة.
الآية: ]وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ[ [الجاثية: 24].

وقالوا: الواو تعود إلى كفار قريش.
ما هي إلا حياتنا: هذا أسلوب حصر، أي ليس هناك آخرة ولا بعث.
وما يهلكنا إلا الدهر: ما: نافية، وهذا الأسلوب من أقوى أساليب الحصر.
وهذا هو الشاهد: أي ما نموت إلا بسبب طول السنين، أو بسبب الأمراض والأوجاع لمن قصرت مدته.
مناسبة الآية: أن نسبة الحوادث إلى الدهر خلقًا وإيجادًا كفر.
الحديث: قال الله تعالى: «يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار» وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».
هذا الحديث يسمى حديثًا قدسيًا.
والحديث القدسي: ما صُدّر بقول: قال الله تعالى.
يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر: هذه جملة تعليلية للإيذاء.
وأنا الدهر: أنا مقلب الدهر، يدل عليه ما بعده: «أقلب الليل والنهار».
هل الدهر اسم من أسماء الله؟
وقع خلاف بين العلماء، فأثبته ابن حزم، والصحيح أنه ليس من أسماء الله لأمور:
1- أن السياق يأبى ذلك؛ لأنه فسره بقوله: «أقلب الليل .......».
2- أن أسماء الله حسنى ]وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[ [الأعراف: 180] والدهر اسم جامد لا يتضمن كمالاً.
3- لو كان من أسماء الله لكان كلام الكفار صحيحًا حينما قالوا: وما يهلكنا إلا الدهر.
وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».
لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
تسبوا: السب هو الشتم والتقبيح والضجر والتأفف.
فإن الله هو الدهر: أي مقلب الدهر.
مسألة: ما حكم قول: «لم تسمح لي الظروف» أو «لم يسمح لي الوقت» هل هي مسبة للدهر؟

فيه تفصيل:
إن كان يقصد: لم يحصل وقت يتمكن فيه من الحضور، فهذا جائز.
وإن كان يقصد: أن الظروف لها أثر في المنع، فهذه لا تجوز.
مسألة: ما حكم قول: «تدخل القدر» أو «تدخلت عناية الله»؟
قوله «تدخل القدر» لا يجوز؛ لأنه يُوحي أن القدر مُعتدي، ويقصد بالقدر هنا فعل الله لأن الله هو المتصرف بالقدر.
وقوله «تدخلت عناية الله»: هذه فيها إيهام فلا تجوز. وفي كلا الحالين فلا تُنسب الحوادث إلى صفات الله إنما تُنسب إلى الله. ومثله شاءت قدرة الله. إنما يقول شاء الله.

باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي r قال: «إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله».
قال سفيان: مثل «شاهان شاه».
وفي رواية: «أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه». قوله «أخنع» يعني أوضع.
قال الشارح:
المسألة الأولى:
هذا الباب له علاقة بتوحيد الربوبية والتعظيم، فيكون الباب السادس.
المسألة الثانية: شرح الترجمة:
التسمي: ومثله الاتصاف.
بقاضي: القاضي هو الحاكم.
القضاة: الألف واللام للعموم.
المسألة الثالثة: حكم التسمي بقاضي القضاة وأمثاله؟
على قسمين:
القسم الأول: أن يكون الاسم قد تسمى الله به أو اتصف الله به، فلا يجوز إطلاقه على وجه العموم لغير الله، كالملك من أسماء الله فلا يجوز أن تقول: «ملك الأملاك» على وجه العموم والإضافة، فهذا فيه عدم تعظيم لله وعدم إفراده بالملك.
ومن أسماء الله السيد، فلا يجوز أن يُقال للمخلوق «سيد السادات» ودلالة العموم هي الإضافة.
والله يوصف بأنه عظيم ]هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ [البقرة: 255] فلا يجوز أن تقول للمخلوق «عظيم العظماء» بالإضافة.
ومن هذا القسم: «قوي الأقوياء» و«كبير الكبراء» و«حاكم الحكام» و«سلطان السلاطين» و«حكيم الحكماء» ويقال عليها ما هو مثلها.

رد مع اقتباس