عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 09-18-2012, 02:24 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

قول الشعبي: ذكر المصنف هذا القول بأنه سبب نزول الآية الأولى.
رواه ابن جرير وابن المنذر؛ إلا أن هذا السبب ضعيف الإسناد؛ لأن فيه انقطاعًا.
السبب الثاني: قال المصنف: وقيل نزلت في رجلين.
قيل: صيغة تمريض.
والقول الثاني أضعف من القول الأول؛ بل حكى بعض أهل العلم أنه موضوع؛ لأنه من طريق الكلبي وهو كذّاب، والشارح ابن قاسم قَبِل هذه الرواية على أنها سبب نزول وقال: إنها مشهورة متداولة تغني عن الإسناد.
ولكن الصحيح في سبب نزول هذه الآية ما أخرجه الطبراني والواحدي عن ابن عباس: أنا أبا بردة الأسلمي الكاهن كان يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه نفر من المسلمين فنزلت هذه الآية. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
لو قال قائل: إن النفر من المسلمين الذين تحاكموا إلى الكاهن ظاهره أنهم كفروا بالتحاكم مرة؟
الجواب: ليس الكفر لأنه مرة هنا، ولكن لأنهم فعلوا التحاكم مختارين، كما قال تعالى: ]يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا[ [النساء: 60] والإرادة دليل الاختيار.
ومن رغب وأحب الطاغوت وتحاكم إليه فإنه يكفر.
مسائل:
الأولى: التحاكم إلى الهيئات الدولية "كمحكمة العدل الدولية" أو "هيئة الأمم" أو غيرها من المحاكم الإقليمية.
فحكم التحاكم إليها كما مر علينا في حكم التحاكم إلى غير ما أنزل الله، فالتحاكم إليها مختارًا كفر أكبر مخرج من الدين.
الثانية: التحاكم إلى الغرفة التجارية والمحاكم المرورية ومكتب العمل والعمال.
أما نظام العمل والعمال فقد انتقده بعض العلماء كالشيخ محمد بن إبراهيم في الفتاوى، ويذكر أن الشيخ ابن حميد له رسالة فيه. ومن الانتقادات على هذا النظام: أن دية المهندس أكثر من دية العامل، وهذا يُخالف صراحة شرع الله إلى غير ذلك؛ خصوصًا في مسائل الديات، فإذا كانت كذلك فالتحاكم إليها كما مر علينا مختارًا عالمًا

فإنه كفر اكبر.
أما الغرفة التجارية فقد تكلم فيها الشيخ ابن إبراهيم في الفتاوى في جزء القضاء، وأنكر هذه الغرفة، واعتبرها محكمة ينظر في أنظمتها، أما حكمها فباعتبار الواضع لهذه القوانين فإنه يكفر بمجرد الوضع، وأما المتحاكم إليها مختارًا عالمًا فإنه يكفر كفر ردة.
الحقوق المدنية: الذي أعرف عنها أنها تهتم بالصلح بين المتخاصمين، فإذا تخاصم اثنان حاولوا إجراء الصلح بينهما، وإن كان هناك شروط ألزموا بها لأنها جهة تنفيذية، فهذا جائز؛ بشرط ألا يخالف هذا الصلح الشرع، كما جاء في حديث الترمذي: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً» بشرط ألا يمنعوا من أراد الإحالة إلى الشرع، وينبغي أن يكون العاملون عليها ممن يعرف الصلح الشرعي وشروطه.
الثالثة: الرفع إلى المحاكم غير الشرعية.
لو حصل للمسلم خصومة في دار الكفر فهل يجوز أن يترافع إلى المحاكم الوضعية؟
الجواب: لا يجوز لقوله تعالى: ]أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ[ [المائدة: 50] وقوله: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ [المائدة: 44].
فإن كان حقه قليلاً فلو تركه لله عوضه الله خيرًا منه، وإن كان فيه كثرة فتصالحا هو وخصمه دون الرفع فهذا هو الواجب، وأما إن تعذرت المصالحة وكان حقه كبيرًا وعليه ضرر في تركه، فهذا لا يجوز أيضًا لأن الضرورة لا تبيح الكفر ولا تبيح التحاكم إلى الكفر. إنما يؤذن للمكره وليس للمضطر وبينهما فرق. ولم يأت في القرآن فعل الكفر إلا للمكره ]إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ[ أما الضرورة فتبيح بعض المحرمات كالميتة ونحوها ولا تبيح الكفر.
وهذا الحكم مبني إذا كان وقوع المسألة في ديار الكفر، وإذا كانت الديار أهلها مسلمون ومحاكمها وضعية، فتزيد أمرًا رابعًا عما سبق وهو: أن يجعلوا محكمًا أهلاً للقضاء يحكم بينهم، ولا يذهب إلى المحاكم الوضعية الكفرية.
الرابعة: لو أن خصمه رفع الخصومة إلى محكمة غير إسلامية ثم أُلزم بالمثول إلى هذه المحكمة.

فهذا يجري عليه ما يجري على المكره إن وصل إلى حد الإكراه جاز له إذا كان قلبه مبغضًا وكارهًا.
الخامسة: حكم الأنظمة الإدارية التي تُخالف الشرع؟
هذه لا يجوز الحكم بها أو التحاكم عليها أو التحاكم إليها والمطاوع فيها يكفر، مع العلم.
السادسة: حكم واضع القانون، وميزة واضع القانون أنه لا يلزم أن يحكم أو يتحاكم بل يضع فقط؟
حكمه: أنه كفر أكبر بدون تردد؛ لأن ما وضع القانون إلا وهو يرى أنه أحسن أو يجوز أو مثل وهذا كاف في تكفيره، ولأنه رأى أن له حق التشريع ]أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ[ [الشورى: 21]. وحديث أبي داود: «إن الله الحكم وإليه الحكم» ومناط الحكم العمل فبمجرد وضعه للقانون يكفر كفر ردة بغض النظر عن اعتقاده أو قوله.
مسألة: ما حكم التحاكم بالنسبة للمحاكم العسكرية والمرورية التي تخالف الشرع؟
من تحاكم إليها عالمًا مختارًا فإنه يكفر كفر ردة.
مسألة: لو أُكره القاضي أن يحكم بالقوانين بين متخاصمين. فهل يعذر بالإكراه؟
الجواب: لا. لأن هذا إكراه متعد. والرخصة جاءت في قصة عمار في قول الكفر له هو وليس متعد لغيره. بل الإجماع لو أُكره على قتل غيره ونحوه لم يجز لأن الإكراه تعد إلى نفس أخرى.
مسألة: لو قال قائل إن الدول اليوم إذا تحاكمت إلى المحاكم القانونية الإقليمية أو الدولية وهي مكرهة في ذلك أو مضطرة فما الحكم؟
أما دعوى الإكراه فليست صحيحة، وإذا لم تصح دعوى الإكراه فدعوى الاضطرار أولى لأنها أقل، والسبب: أنه لا يتصور الإكراه في الطائفة الممتنعة قال تعالى: ]وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[ إنما الإكراه في حق الفرد والمستضعف، ولذا فهذه الدعوى باطلة ويكون الحكم أن التحاكم كفر وردة.

باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات
وقول الله تعالى: ]وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ[ [الرعد: 30] الآية.
وفي صحيح البخاري قال علي: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟».
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: أنه رأى رجلاً انتفض – لما سمع حديثًا عن النبي r في الصفات، استنكارًا لذلك – فقال: «ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه» انتهى.
ولما سمعت قريش رسول الله r يذكر: «الرحمن» أنكروا ذلك. فأنزل الله فيهم: ]وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ[.
قال الشارح:
هذا الباب له علاقة بتوحيد الأسماء والصفات وحكم إنكارها.
من: موصولية بمعنى الذي.
جحد: بمعنى أنكر.
شيئًا: نكرة فتكون عامة.
المسألة الأولى:
أراد المصنف رحمه الله أن يبين حكم من أنكر شيئًا من أسماء الله عز وجل وصفاته وليس من جهل شيئًا منها.
المسألة الثانية: ما حكم من أنكر شيئًا من الأسماء والصفات؟ «وليس جهل شيئًا منها».
ينقسم إلى عدة أقسام:
القسم الأول: إنكار جحود وتكذيب، وهو أن يكذب باسم أو صفة، كأن يقول: ليس لله اسم، أو ليس من أسمائه الرحيم وهذا كفر بالإجماع؛ لأنه مُكذبّ بالقرآن.
القسم الثاني: إنكار تأويل، وهو أن يثبت الأسماء والصفات كما جاءت في القرآن والسنة، ولكن يؤولها بأن يصرفها عن ظاهرها المراد.

رد مع اقتباس