عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 09-18-2012, 12:29 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

باب ما جاء في الرياء
وقول الله تعالى: ]قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ[ [الكهف: 110] الآية.
عن أبي هريرة مرفوعًا: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم].
وعن أبي سعيد مرفوعًا: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قالوا: بلى يا رسول الله! قال: «الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته، لما يرى من نظر رجل» [رواه أحمد].
قال الشارح:
المسألة الأولى: تعريف الرياء:
الرياء مصدر من رآى يرائي رياءًا وهو مشتق من الرؤية. وأما اصطلاحًا: فهو عمل الصالحات يريد مدح الناس وثناءهم.
ومنه ما يسمى بالسمعة، والسمعة رياء لكنها مختصة بالمنطوقات والمسموعات، كحسن القراءة لكي يمدحه الناس، وحسن الوعظ والتدريس لكي يمدحه الناس.
وأما الصلاة وهي عمل فهذا رياء.
وإذا اجتمع الرياء والسمعة اختص الرياء بالأعمال، واختصت السمعة بالمسموعات.
مسألة: حكم الرياء وأقسامه:
القسم الأول: وهو ما يكون شركًا أكبر وهو أنواع:
النوع الأول: الدخول في الدين، فأساس دخوله في الدين رياء، فهذا يعتبر شركًا أكبر.
النوع الثاني: أن يرائي بالأعمال التي تركها كفر فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن هذه الأعمال إذا تركت من غير رياء فهو كفر، وكذلك إذا فعلها مع الرياء فهي باطلة فكأنه تركها، فعملُها مع الرياء عدمٌ. كالصلاة المفروضة: فالإنسان إذا ترك الصلاة كسلاً فإنه يكفر، وإذا فعلها رياءً فإنه يكفر، وعلة التكفير الترك حكمًا ونوعه رياء.

النوع الثالث: أن يكون الغالب على أعماله الرياء باعتبار الكمية، وهذا مفهوم من كلام ابن القيم رحمه الله مفهوم مخالفة؛ حيث إنه يعد يسير الرياء من الشرك الأصغر، فأصبح كثيره من الأكبر، وهذا إذا كان غالب أعماله الرياء، وهذا لا يصدر غالبًا إلا من منافق أو علماني.
القسم الثاني: وهو شرك أصغر. وهو أنواع:
النوع الأول: أن يكون العمل المعين لغير الله لكن هذا العمل ليس مما تركه كفر، فهذا يعتبر من الأصغر.
النوع الثاني: وهو ما يسمى بالرياء الطارئ وهو: أن يبتدئ العمل لله ثم يطرأ عليه الرياء، فهذا على أقسام:
القسم الأول: ألا يركن إليه، فيجاهده حتى يتخلص منه، فهذا لا يضره لقوله r: «إن الله عفى لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم».
القسم الثاني: أن يركن إليه ويسترسل معه، فهذا يحبط عمله، ويعتبر من الشرك الأصغر، ويدل عليه الحديث الأول حديث أبي هريرة، والشاهد منه قوله «تركته» أي جعلته متروكًا.
والقول الثاني: أن تبطل الزيادة. أما أصل العمل فيثاب عليه ذكر ذلك ابن رجب في جامع العلوم.
وفي الباب مسائل:
المسألة الأولى: لو خالط العمل غير الرياء؟
كما لو عمل عملاً صالحًا يريد الدنيا أو المنصب أو الجاه. هذا لا يدخل في هذا الباب، وإنما هو في الباب الذي بعده.
المسألة الثانية: لو طرأ عليه الرياء بعد العمل؟
هذا لا يضره؛ لأنه بعد انتهاء العمل لا يتعلق بالعمل شيء، ويدل عليه مفهوم حديث أبي هريرة «أشرك معي فيه»، وأما بعد العمل فلا يتصور أن يرائي فيه، لكن قد يدخله الرياء من باب التحدث فيه وهي السمعة.

المسألة الثالثة: مدح الناس له وثناؤهم عليه دون قصد منه هل هو من الرياء؟
لا. ليس من الرياء لقوله r لما سئُل عن الرجل يعمل العمل فيحمده الناس؟ قال:«تلك عاجل بشرى المؤمن» [رواه مسلم].
المسألة الرابعة: هل ترك العمل من أجل الناس رياء؟
المقصود بترك العمل كأن يعتاد الإنسان أن يقرأ قراءة جيدة ثم يترك إحسان قراءته من أجل الرياء، أو أن يعتاد صوم الاثنين فيعلم به بعض الناس فيترك الصوم، فهل هذا الترك يعتبر رياء أم لا؟
المسألة فيها قولان:
الأول: التفصيل في العمل المتروك، فإن كان العمل المتروك ليس واجبًا، وتركه لئلا يظن به ما يضره، أو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه، أو يخشى على نفسه الفتة فليس رياء.
أما الواجب فليس له أن يتركه إلا لعذر شرعي. وهذه إجابة اللجنة الدائمة.
الثاني: أنه رياء، ولذلك قال الفضيل بن عياض: «العمل لأجل الناس شرك، وترك العمل لأجل الناس رياء».
واستدل أيضًا بقوله تعالى: ]فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[ [الكهف: 110] وحديث أبي هريرة: «من عمل عملاً» والترك عمل، والثاني هو الأقرب والله أعلم.
المسألة الخامسة: إذا عمل العالم أو طالب العلم عملاً ليس من عادته ولكن ليقتدي به الناس فهو من الرياء؟
لا. ليس من الرياء، ويدل عليه ما ثبت من حديث سهل المتفق عليه من أن النبي صلى على المنبر وقال: «فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي».
المسألة السادسة: لو عمل عملاً لأن تركه عيب أو فعله عيب فما الحكم؟
هذا على قسمين:
إن كان عبادة فهذا لا يجوز؛ لأنه يعمل من أجل السلامة من عيب الناس وذمهم فعلاً أو تركًا.

وإن كان عادة من العادات الدنيوية فلا مانع.
المسألة السابعة: الرياء خاص في الأعمال الصالحة.
ولذا لو عمل الأعمال الدنيوية ليمدحه الناس فهذا ليس من الرياء، مثال ذلك: لو حسن بيته أو مركبه ليمدحه الناس، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس أنه قال: «من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق ...» فذكر الأعمال الصالحة فقط.
المسألة الثامنة: لو أن هناك إنسان لم يعتد على عمل صالح كالصيام مثلاً وحضر عنده ناس يصومون فصام معهم فهل هو من الرياء؟
لا. لأنه ما صام يريد مدحهم، ولكنه نشط لهذه العبادة لما جالسهم، يدل على ذلك حديث حنظلة: «كنا نكون عندك كأنا نرى الجنة فإذا خرجنا عافسنا الأولاد والضيعات ونسينا كثيرًا».
المسألة التاسعة: ما الحكم لو كان في الخلوة ينقص الصلاة وإذا كان عند الناس أكمل الصلاة هذا من الرياء؟
المسألة العاشرة: ما الحكم لو صلى لوحده وإذا فاتته الصلاة خفف وإذا صلى إمامًا طول؟
هذا ليس من الرياء؛ لأنه يطول لمصلحة الجماعة لا لمدحه، ولحديث «صلى لنا رسول الله r في غزوة الحديبية» ولاحظ "لنا".
المسألة الحادية عشرة: لو سئُل عن أعماله الصالحة فهل الإجابة عنها من الرياء؟
لا. هذا ليس من الرياء؛ لأنه بعد العمل وهو إخبار أيضًا. أما لو استرسل وفرح فهذه تحتاج إلى تأمل.
المسألة الثانية عشرة: لو تحدث بعمله الصالح ليُنشط الناس ويُفيدهم؟
هذا جائز، كما قال r: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة».
المسألة الثالثة عشرة: كيف الإجابة على حديث أبي موسى لما استمع له الرسول

رد مع اقتباس