عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 09-18-2012, 12:13 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

الأسماء والصفات.
2- غلو وسيلة: وهذا باعتبار الحكم دائر بين الشرك الأصغر أو الكبائر، وضابطه: أن ترفع المخلوق فوق منزلته التي جعلها الله له، لكن دون الأول أي: دون العبادة.
كالصلاة لله عند القبور فهذا غلوٌ، ويعتبر من الشرك الأصغر، وكذبحه لله عند القبور، ومثل التعصب للصالحين، ومثل مدحهم المدح الزائد بالألفاظ.
ثانيًا: باعتبار المحل أو الموضوع.
وينقسم إلى ثلاثة أقسام:-
1- إما في العقيدة.
2- أو في العبادات.
3- أو في العادات.
1- غلو العقيدة: مثل غلو المعطلة في التنزيه، حتى أنهم غلو وأنكروا صفات الله. وكغلو الخوارج حتى كفروا بالمعصية، وكغلو النصارى حتى جعلوا عيسى ابن مريم إلهًا، وكغلو الروافض في آل البيت، وكغلو المشبهة في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه، وكغلو اليهود حتى جعلوا عيسى ولد بغي، وهذا غلو في باب القدح.
2- غلو عبادات: وهو أن يرى أن الإخلال في شيء من العبادات يعتبر كفرًا، كما فعل الخوارج الذين يكفرون بالمعصية، أو يغلو في السنن فيجعلها مثل الواجبات، فيجعل تركها مما يحرم ويعاقب الإنسان عليه، وينكر على من يتركها.
3- الغلو في العادات: هناك من يغلو في العادات؛ حيث يتمسك بالعادات المخالفة للشرع ويتعمق فيها، كبعض العادات في الزواج والعزاء وغير ذلك.
وأما إذا كانت العادات غير مخالفة للشرع فالاستمرار عليها جائز؛ بل إنه يستحب للإنسان أن يفعل ما اعتاده قومه.
المسألة الثالثة: تحليل الترجمة:
السبب لغة: ما يتوصل به إلى غيره.
السبب اصطلاحًا: ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم، كدخول الوقت بالنسبة للصلاة.

والسبب المستقل: هو الذي لزم من عدمه العدم، أما إذا لم يكن كذلك فقد يقع سببًا آخر، كمثل الزواج سبب للإرث، ولكن لو لم يقع الزواج لأمكن أن يرث بأسباب أخرى.
الكفر لغة: الستر والتغطية، وسمي الزُّراع كفارًا؛ لأنهم يغطون الحب، كما قال تعالى: ]يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[ [الفتح: 29].
شرعًا: جحد ما جاء به الرسول r أو بعضه، أو تركه بعض الأشياء المخصوصة وهو قول أو فعل أو اعتقاد يُخرج من الملة.
الصالحين: جمع صالح، وهو الذي فعل الواجبات وترك المحرمات، فترك خوارم الدين وخوارم المروءة.
المصنف جعل من عواقب الغلو أمرين:
1- الكفر.
2- ترك الدين، وهذا أعم من الكفر؛ لأن الكفر ترك بعض الدين.
أهل الكتاب: اليهود والنصارى ومن تبعهم وسار على منهجهم.
لا تغلوا: أي لا تتجاوزوا الحد في دينكم.
الدين: يقصد به العمل، أي لا تتجاوزوا الحد في أعمالكم وعبادتكم، كما قيل: «كما تدين تدان» أي: كما تعمل تجزى، أما النصارى فغلوا في عيسى حتى جعلوه إلهًا، واليهود غلوا في عزير حتى جعلوه ابنًا لله.
مناسبة الآية: تحذير هذه الأمة أن تعمل مع نبيها أو مع صالحيها كما فعلت اليهود والنصارى؛ حيث غلوا في ذلك.
في الصحيح: الحديث في البخاري.
وهذا يسمى تفسير صحابي، وتفسير الصحابي له حكم الرفع، فيكون مرفوعًا حكمًا. ذكر ابن عباس قصة أول شرك وقع في الأرض، وأول كفر وقع في الأرض، وأول تغيير للدين وقع في الأرض.
فذكر ابن عباس القصة، وابن عباس ذكر مرحلتين لوقوع الشرك على وجه الاختصار

وإلا فإنه وقع في ثلاثة مراحل أو ثلاثة أجيال.
قال ابن القيم:
لما ماتوا عكفوا على قبورهم: هذه المرحلة الأولى، فالقصة أول ما ابتدأت ببدعة وهي العكوف عند القبور، وهذا الذي كان يفعله الجيل الأول. ولم يقع الشرك إلى الآن؛ لأنهم لم يكونوا يعبدونهم، وإنما دافعهم التنشيط على العبادة.
والعكوف: هو طول المكث.
ثم: للترتيب والتراخي، فانتهى الجيل الأول وجاء الجيل الثاني، وكان انحرافه في التصوير والتماثيل. قال: ثم صوروا تماثيلهم وسموها بأسمائهم: حتى تكون أقرب للذهن، وهنا زادوا في البدعة فارتكبوا أمرًا محرمًا آخر، وكان قصدهم التأسي والذكرى، ولكن لم ينفعهم قصدهم الحسن.
ثم طال عليهم الأمد: هذا هو الجيل الثالث.
عودة إلى كلام ابن عباس:
أسماء رجال: ليخرج النساء.
من قوم نوح: كانوا قبل نوح بجيلين، فنوح بعث في الجيل الثالث.
فلما هلكوا: الواو في هلكوا تعود إلى الجيل الأول المبتدع.
أوحى إليهم: وحي الشيطان الوسوسة وحديث النفس.
الشيطان: مأخوذ من شطن إذا بعد، ومن الشاطئ وهو: البعيد عن وسط البحر. وهل سمي شيطانًا لأنه بعيد عن رحمة الله؟ أو لأنه مبعد عن رحمة الله؟ كلا الأمرين.
والشيطان: علم على متمردي الإنس، وعلم على متمردي الجن.
ويقصد به هنا: مردة الجن.
أنصابًا: أي تماثيل.
حتى إذا هلك أولئك: أي الجيل الثاني.
ونُسي العلم: أل للعهد، فهم لم ينسوا كل العلوم.
ما هو العلم الذي نسي؟ هل هو مقصود الجيل الثاني أو علم التوحيد؟

المقصود به علم التوحيد، وأن التماثيل محرمة، والبدع محرمة، والعكوف على التماثيل محرمة.
ومن آفات العلم: النسيان، وعدم العمل، وعدم الدعوة والتذكير.
وفي رواية عند البخاري «فلما نسخ العلم» وهذا يدلنا على أهمية علم التوحيد، فهو لما نسي هنا عبد غير الله سبحانه وتعالى.
عُبدت: خُضع لها بأنواع الطاعات فأصبحت يذبح لها وينذر لها.
وتفيدنا هذه القصة: أن الغلو في الصالحين سبب للكفر، وقد لا يقع الكفر في أزمان متقاربة؛ بل قد يمتد تدريجيًا إلى أجيال متعددة.
كان بين آدم ونوح عشرة قرون:
القرن هل يعرف بالكمية أو بالكيفية؟ يعرف بالكيفية، فالقرن هم الجماعة المقترنين بصفات معينة، فهؤلاء يسمون قرنًا.
وأمة محمد r اعتيد اعتبار قرنها بأنه كل (100 سنة)؛ لأن أعمارها ما بين الستين والسبعين.
حديث عمر:
لا تطروني: الإطراء هو: الغلو والمبالغة في المدح.
كما: هل المقصود بها التشبيه أو التعليل؟
على مذهب البوصيري أن الكاف للتشبيه، أي: لا تطروني كإطراء النصارى، ولذا قال: دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكم.
والصحيح أن الكاف للتعليل، أي: لا تطروني فيؤدي إطراؤكم لي أن تكونوا مثل النصارى، وعلى ذلك فلا تمدحوا النبي r مدحًا زائدًا. ولذا قال «إنما أنا عبد».
النصارى: في هذا رد على من يسميهم المسيحيين.
إنما أنا عبد: أي لست إلهًا.
في هذا الحديث: تحريم إطراء الرسول، ومدحه المدح الزائد عن منزلته، فيؤدي هذا الغلو فيه إلى رفعه فوق منزلته.
حديث «إياكم والغلو» هو حديث ابن عباس، رواه أحمد والترمذي، وصححه ابن

تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم.
إياكم: للتحذير.
الغلو: مجاوزة الحد في الاعتقاد والعمل والعادة.
وإنما أهلك: بين r أن الغلو سبب للهلاك.
وهل هو هلاك دين أو بدن؟ كلاهما.
البدن يناله من العذاب على هذا الغلو، وهلاك الدين معروف.
هنا حصر الهلاك في الغلو، وجاءت أحاديث أخرى في حصر الهلاك بغير ذلك. فهلاك الدين سببه الغلو. هذا الذي يحمل عليه الحديث.
«إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه... الحديث». وهذا فيه: هلاك الحقوق وانتهاكها يكون بالتفريق بين الشريف والوضيع.
وكذلك تُحمل الأحاديث الأخرى: كل حديث بحسبه.
حديث ابن مسعود:
المتنطعون: المتعمقون. والتعمق إما أن يكون تعمق ألفاظ، ويكون هذا بالفخر والتشدق والتفيهق.
وتعمق العادات: كمن يتنطع في بعض العادات المخالفة للشريعة.
وتعمق العبادات: كما مر.
وهذا الحديث فيه: أن التنطع سبب للهلاك.
الأمور المباحة: إن تركت تدينا فهذا من باب التنطع، وأما إذا تركت من باب الزهد وتربية النفس فتجوز إذا كان الأمر يحتمل ذلك.

باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله
عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله r كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور. فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله» فهؤلاء جمعوا بين فتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
ولهما عنها قالت: «لما نُزل برسول الله r طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال – وهو كذلك - : «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا» [أخرجاه].
ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي r قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك».
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن – وهو في السياق – من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبْنَ مسجد، وهو معنى قولها: خشي أن يتخذ مسجدًا، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدًا، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدًا، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدًا، كما قال r: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد» [رواه أبو حاتم في صحيحه].
قال الشارح:

المسألة الأولى: تصوير مسألة «عبد الله عند قبر رجل صالح».
المسألة لها عدة صور: والعبادة فيها كلها لله.
1- الصلاة عند القبور أو القبر.
2- الصلاة في مسجد فيه قبر أو قبور.
3- الصلاة في مسجد مبني على القبر أو القبور.
ويمكن تحويل هذه الصور الثلاث إلى ست باعتبار القبر أو القبور.
4- الصلاة في مسجد حوله مقبرة.
المسألة الثانية: تحليل الترجمة:
التغليظ: أي التحريم وهذا الذي قصده المؤلف، وهذا واضح من الحديث الأول من قوله r «أولئك شرار الخلق».
وفي الحديث الثاني: قال r: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». وقوله r في الحديث الثالث: «فإني أنهاكم عن ذلك».
فذكر المؤلف ما يقارب من خمس صور من صور التغليظ.
فيمن: من موصولية بمعنى الذي.
عبد الله: تذلل وخضع لله بنوع من أنواع الطاعة.
وكونه "عبد الله" أعم من كونه صلى لله، لأن الصلاة بعض العبادة، وإن كانت الأحاديث كلها في الصلاة، ولكن يندرج فيها الذبح لله عند القبور، وقراءة القرآن عند القبور.
عند قبر: بالإفراد، فما بالك لو كانت أكثر من قبر لكان التغليظ أشد.
صالح: من أتى بالواجبات وترك المحرمات وخوارم المروءة.
كيف: للإنكار. المروءة: فعل ما يجمله ويزينه، وترك ما يدنسه ويشينه.
وهذا الباب سوف نجعله في الحديث عن الصلاة عند القبور، أما باقي العبادات فسبق أن تكلمنا عنه.
المسألة الثالثة: ما علاقة عبادة الله عند القبور بالتوحيد؟
هي منقصة للتوحيد، وفاعلها ناقص التوحيد، وعلاقتها بالشرك أنها من الشرك الأصغر.

المسألة الرابعة: ما حكم الصلاة في الصور السابقة؟
الصورة الأولى: الصلاة عند القبور أو القبر: هذه لا تجوز ولا تصح الصلاة في أي جهة كان القبر سواء كان عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه، بشرط أن يكون منسوبًا إليه فيقال: «صلى عند قبر».
الأدلة:
حديث أبي مرثد في مسلم عن النبي r «لا تصلوا إلى القبور» وجاء في الحديث الآخر: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام».
معنى كلمة لا تصح في باب العبادات: لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب.
عدم الصحة في باب المعاملات: ما لا يترتب عليه أثر.
فالصلاة عند القبر لا تصح، ومن الطبيعي أنها لا تجوز.
وهل هذا عام في كل صلاة؟
ظاهر حديث أبي مرثد أنه عام في كل صلاة، ولكنه مخصوص «إلا صلاة الجنازة»، لفعل النبي r حينما صلى على المرأة السوداء "أي صلاة الجنازة". ومذهب الفقهاء أنه يمتد إلى شهر؛ لفعل النبي r حيث صلى على قبر أم سعد بعد ما قدم من سفر وقد مضى شهر "رواه الترمذي".
الصورة الثانية: الصلاة في مسجد مبني على قبر أو قبور، فالسابق هنا القبر والطارئ هو المسجد.
والصلاة في هذا المسجد لا تصح، لأنه مقبرة، ويدل عليه عموم الحديث السابق. وفي هذه الصورة يجب هدم المسجد، فهو شبيه بمسجد الضرار، والأموات قد سبقوا إلى هذا المكان، ومن سبق إلى شيء فهو أحق به، وهذا زاحمهم.
الصورة الثالثة: أن يصلي في مسجد فيه قبر، فهنا المسجد هو السابق.
أما في هذه الصورة: فالصلاة فيها مسألة خلافية:
القول الأول: أن الصلاة لا تصح؛ للأحاديث السابقة حديث أبي مرثد وغيره.
القول الثاني: تصح مع الإثم والنقصان؛ وهذا هو المذهب.

رد مع اقتباس