عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 09-18-2012, 12:03 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وهذا هو الفضل الثاني من فضائل التوحيد، وهو: دخول الجنة.
ولهما في حديث عتبان فإن الله حرم: أي: منع.
على النار: المعروفة.
من قال لا إله إلا الله: «من» موصولية بمعنى الذي.
وقال هنا: هل يقصد بها قول اللسان فقط؟
لا. المقصود قول القلب بالاعتقاد، وقول اللسان وهو النطق، وقول الجوارح وهو العمل.
وهل العمل يطلق عليه قول؟
نعم. كما جاء في حديث عمار بن ياسر في التيمم وهو في الصحيحين، قال: وقال بيده، وحديث عائشة في الصحيح: وقال بيده هكذا في الأرض.
وأما أهل البدع فيقتصرون على القول باللسان.
يبتغي بذلك وجه الله: الجملة في محل نصب حال من فاعل قال. وهذا قيد في صحة من ينتفع بلا إله إلا الله، وجاءت قيود أخرى غير هذا كما في الصحيح.
صدقًا من قلبه: وجاء عند مسلم نفي الشك (غير شاك)، وجاء (مستيقنًا بها قلبه)، وهناك شروط أخرى كالعلم بها، والعمل، والمحبة، والانقياد، والقبول.
وجه الله: هذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، وهذا فيه إثبات صفة الوجه لله عز وجل، وهي صفة ذاتية تثبت لله عز وجل من غير تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل، وأما المعطلة فيؤولون الوجه إلى الثواب.
الفضل الثالث: الموحد محرم على النار:
مسألة: هل التحريم تحريم خلود أو تحريم دخول؟
هذا على حسب التوحيد، فإن كان توحيده كاملاً فالتحريم تحريم دخول.
وأما إن كان توحيده ناقصًا فالتحريم للخلود، والدخول تحت المشيئة.
حديث أبي سعيد الخدري.
صحة الحديث ودرجته: أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه، لكن الحديث بهذا السند ضعيف، قال الهيثمي: رجاله وثقوا وفيهم ضعف.

الضعف أتى من رجل اسمه دراج بن سمعان وكنيته أبو السمح، وهذا الرجل له مناكير، روى عن أبي الهيثم، وحديثه عن أبي الهيثم ضعيف، ولذلك قال أبو داود: دراج بن سمعان مستقيم الحديث إلا في حديثه عن أبي الهيثم.
لكن الحديث له شواهد تقويه سندًا:
له شاهد عند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي r عن نوح أنه أوصى ابنه، وصححه الألباني في السلسلة.
ويشهد له أيضًا حديث صاحب البطاقة، رواه الترمذي وحسنه، فيكون الحديث مقبولا.
وعلى ذلك نشرح الحديث.
موسى بن عمران: نبي من الأنبياء.
علمني شيئا: يريد شيئا خاصًا له، وأراد بهذا الشيء أن يكون ذكرًا ودعاءً في نفس الوقت.
أذكرك: إذا قلته ذكرت رحمتك وعظمتك وقدرتك.
وأدعوك: الواو عاطفة والعطف يقتضي المغايرة.
وأدعوك: دعاء مسألة؛ لأن العبادة في "وأذكرك".
به: الباء للتوسل، والتوسل لله بأسمائه مما جاء به الشرع، وكذلك صفاته.
والممنوع دعاء الصفة، أما الدعاء بالصفة فهذا مشروع.
كل عبادك: يقصد المؤمنين؛ لأن عباده الكفار لا يقولون: لا إله إلا الله.
لو أن السماوات السبع: هذا عددهن.
وعامرهن غيري: المقصود بالعمارة عمارة سكن وعبادة، والمقصود بهم الملائكة.
واستثنى ذاته سبحانه وتعالى. أي: لو أن هناك ميزانًا وضعت في إحدى كفتيه السماوات السبع وعامرهن سوى الله والأرضون السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة أخرى مالت بهن لا إله إلا الله.
ويلاحظ عدم ذكر عُمّار الأرض، ليس المراد هنا: أنه ليس لها عمارا.
مسألة: هل الأرضون مثل السماوات في الشكل؟

قول الجمهور وذكره القرطبي في تفسير سورة الطلاق أن الأرض كالسماء في العدد والكيفية.
واستدلوا على ذلك بآية ]اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ[ [الطلاق: 12].
والمثلية تقتضي المساواة في كل الوجوه؛ بخلاف الشبه.
واستدلوا بأثر رواه ابن جرير عن ابن مسعود، بسند حسن "غلظ كل أرض خمسمائة عام".
وجاء عند الترمذي أن بين كل أرض وأرض مسيرة خمسمائة عام.
القول الثاني: أنها ملاصقة ليس فيها فراغ ولا هواء، واستدلوا على ذلك بالحديث المتفق عليه: «من اقتطع شبرًا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أراضين».
وجه الدلالة: أن مغتصب الأرض يعتبر مغتصبا لما بعدها، فدل على أنها ملتصقة وإلا لما نسبت الأرض السفلى للأرض التي فوقها.
هذا هو الفضل الرابع: «أن لا إله الله حسنة عظيمة تزن السماوات والأرض وأنها تثقل ميزان الإنسان يوم القيامة».
الحديث الأخير: ذكر الفضل الخامس من فضائل التوحيد.
حديث أنس أصله في مسلم وخصوصًا الجزء الأخير، وهو من حديث أبي ذر.
الحسن عند الترمذي: ليس فيه متهم ولا يكون شاذًا ويأتي من وجه آخر (انظر العلل لابن رجب). والحديث له شاهد عند أحمد من حديث أبي ذر، وله شاهد عند الطبراني من حديث ابن عباس.
قال الله تعالى: هذا يسمى حديث قدسي، وهو: ما رفعه الرسول r إلى الله تعالى، وهو أرفع من الحديث النبوي.
يا ابن آدم: هذا من باب التغليب، والمراد العموم أي كل الناس.
قراب: ملء.
خطايا: ما دون الشرك الأكبر والمكفرات.
ثم: للترتيب والتراخي.
لقيتني: لقاء الموت أي: مت على التوحيد وأنت مذنب وعندك معاصي دون الشرك.

شيئا: نكرة فتعم كل شرك.
الشرك هنا: المراد به الشرك الأكبر والأصغر.
بقرابها مغفرة:
هذا هو الفضل الخامس: وهو أن الموحد تغفر له ذنوبه إذا تخلص من الشركين الأكبر والأصغر، وعندنا ثلاثة أصناف:
1- رجل مات وهو يشرك شركًا أكبر، فهذا لا يغفر له بالإجماع.
2- رجل مات وهو لا يشرك بالله شركًا أكبر، وإنما هو ملم بالشرك الأصغر، فهذا دون الأول ويؤخذ بشركه الأصغر.
3- رجل مات وليس عنده لا شرك أكبر ولا أصغر وعنده معاصٍ، وهذا مقصود الحديث.

باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب
وقول الله تعالى: ]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[ [النحل: 120] وقال ]وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ[ [المؤمنون: 59] عن حصين بن عبد الرحمن، قال: كنت عند سعيد بن جبير، فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقضَّ البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت: قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: " لا رقية إلا من عين أو حمة "، قال قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه. فقال: " هم الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون " فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " أنت منهم " ثم قام رجل، فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال " سبقك بها عكّاشة ».
قال الشارح:
المسألة الأولى:
التحقيق لغة: هو التخليص والتصفية.
فمعنى حقق أي: خلّص وصفَّى.
والتعريف الشرعي: هو تخليصه وتصفيته من الشرك والبدع والمعاصي وما ينافي التوكل.

وينقسم تحقيق التوحيد إلى قسمين باعتبار الحكم:
1- تحقيق واجب: وهو تخليصه من الشرك والبدع والمعاصي، وهذا يجب على المكلف أن يسعى فيه، والدليل على هذا التحقيق هو الآية الأولى، والآية الثانية في الباب.
2- تحقيق مستحب: وهو تخليص القلب من التعلق بالمخلوقين وسؤال ما فيه مذلة أو منة.
وهذا دليله الحديث حديث ابن عباس (لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)، وحكم هذا التحقيق مستحب، وضابطه أن يترك استعطاف الناس وسؤالهم الأمور المباحة. فتترك الحاجة إلى المخلوقين.
وقوله: دخل الجنة: هذا جواب "من" الشرطية.
بغير حساب: فلا يحاسب لا حسابًا عسيرًا ولا يسيرًا.
وقوله: "تعالى": صفة فعل الله عز وجل، فهو متعال قهرًا وقدرًا وذاتًا.
]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً[ [النحل: 120] أي: إمامًا.
قانتا: القنوت: هو دوام الطاعة.
لله: هذا فيه بيان إخلاص إبراهيم عليه السلام وأنه لله.
حنيفًا: صفة ثانية، والحنيف هو المائل، وهو مائل عن الشرك إلى التوحيد.
ولم يك من المشركين: نفي أن يكون من المشركين.
والمشركون: هم الذين يجعلون لله أندادًا في الألوهية أو الربوبية أو الأسماء والصفات.
وهذا هو معنى الشرك: أن يجعل لله ندًا.
ونفى الله عن إبراهيم الشرك، فهل هو في الاعتقاد أو العمل أو المكان؟ من المعلوم أن اعتقاده ليس اعتقاد المشركين، وأيضًا ولا عمله عملهم، وهو ليس من المشركين سكنًا ومكانًا أيضًا.
مسألة: السكن مع المشركين، فهذه المسألة لها حكم تفصيلي:
فمن كان بين ظهراني المشركين يدعوهم إلى الله، مبغضًا لهم جاهرًا بدينه ومستطيعًا

رد مع اقتباس